شهدت الأمم المتحدة انقساما حادا حول الحقوق الإنسانية في إقليم شينجيانج، في شمال غرب الصين، الذي تقطنه أقلية الأويجور، التي يشكل المسلمون غالبيتها، والتي تحدثت تقارير دولية عن تعرضها للتمييز الشديد من قبل الحكومة الصينية.
وظهر هذا الانقسام جليا في أجواء من التوتر الشديد شهدها اجتماع مفوضية حقوق الإنسان، بصدور بيانين متعارضين تماما، وعقد مؤتمرين صحفيين مرتجلين.
وفي حين رحبت 54 دولة بقيادة بيلاروس "بالنتائج الإيجابية لمكافحة الإرهاب" في الإقليم، طالبت 23 دولة أخرى من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا بكين "باحترام تعهداتها الدولية" بشأن حرية الديانة في هذه المنطقة.
وذكر موقع قناة الحرة الأمريكية أنه من بين الدول الـ 54 التي دعمت إعلان بيلاروس، باكستان وروسيا ومصر، وبوليفيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وصربيا، وقال إعلان بيلاروس : "نرحب بالإنجازات الواضحة للصين في مجال الحقوق الإنسانية بفلسفتها التنموية التي تتمحور حول الكائن البشري وترويجها لحقوق الإنسان عبر التنمية"، وأضاف النص الذي وزع على وسائل الإعلام في الأمم المتحدة "ننظر بتقدير أيضا إلى مساهمات الصين في القضية الدولية للحقوق الإنسانية".
وينتقد البيان أيضا "تسيّيس" مسألة الحقوق الإنسانية في الأمم المتحدة ويدين الضغوط التي تمارس على دول أخرى.
ونقل موقع الحرة أن النص البريطاني الذي دعمته الولايات المتحدة وألمانيا، وبلجيكا وفرنسا ودول أوروبية عديدة أخرى، وكندا واليابان ونيوزلاندا " يدين المعلومات التي تتمتع بالمصداقية" حول "عمليات احتجاز جماعية وجهود للحد من ممارسة الشعائر الدينية ومراقبة كثيفة وغير متكافئة للأويجور" ويدين "انتهاكات وتجاوزات ترتكب في منطقة الأويجور".
وقالت سفيرة بريطانيا في الأمم المتحدة كارين بيرس للصحفيين، إنه "على الحكومة الصينية الامتناع بشكل سريع عن عمليات الاحتجاز التعسفية للأويغور وأفراد مجموعة مسلمة أخرى".
وأضافت بيرس التي كان يحيط بها نظيراها الأمريكي، كيلي كرافت والألماني كريس هويسجن، أن "الأسرة الدولية ملزمة بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان تحدث فيه"، وتابعت سفيرة بريطانيا أن بلادها "تدين الاحتجاز التعسفي، لأكثر من مليون من الأويجور ومجموعات أقليات أخرى في شينجيانج".
وأكدت أنه "لا بد من أن تتمكن المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليه من التوجه إلى شينجيانج، وأن تفتح لها السلطات الصينية الطرق بلا قيود لكل معسكرات الاعتقال من أجل التحقق من المعلومات" في هذا الشأن.
كرافت كانت قد دعت على تويتر إلى الانضمام للحملة ضد اعتقال الحكومة الصينية التعسفي لأكثر من مليون من أقلية الأويجور وغيرهم في معسكرات اعتقال، وأكدت أن الولايات المتحدة ستتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان أينما وجدت": عندما سئلت السفيرة الأمريكية بعد الاجتماع عما إذا كان البيان الذي ينتقد الصين قد يؤثر على المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، ردت بالقول :"أينما توجد انتهاكات لحقوق الإنسان، سنكون هنا للدفاع عن أولئك الذين يعانون".
لكن السفير الصيني في الأمم المتحدة جانج جون رد قائلا "نكافح الإرهاب كما تفعل دول في أوروبا والولايات المتحدة"، وأضاف أن "الأمر لا يتعلق بأي ديانة أو مجموعات إثنية".
ويتهم خبراء ومنظمات حقوقية بكين بأنها تحتجز ما يصل إلى مليون من المسلمين الأويجور في معسكرات في ذلك الإقليم، وتنفي بكين هذا العدد وتتحدث عن "مراكز للتأهيل المهني" لإبعاد السكان عن التطرف.
وصعدت الولايات المتحدة الضغوط مؤخرا على بكين بإعلانها فرض قيود على منح تأشيرات لمسؤولين في الحكومة الصينية والحزب الشيوعي تحملهم "مسؤولية حملة قمع" للأويجور والأقليات المسلمة في شينيجيانج، وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ،أن "هذه القيود على منح التأشيرات تأتي استكمالا" لإدراج السلطات الأمريكية 28 كيانا صينيا على لائحتها السوداء بتهمة التورط في حملة القمع في الإقليم.
وكانت بكين قد نددت مؤخرا بمنح البرلمان الأوروبي جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان إلى الأويجوري إلهام توهتي الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الصين، واصفة إياه بـ"الإرهابي".
ونشرت صحيفة ديلي ميل مؤخرا شهادة سيدة مسلمة كانت تعمل مدرسة في أحد هذه المراكز، وحكت عن حالات لحقن معتقلين بأدوية غامضة، ونزع أظافر، واغتصاب جماعي.