أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 31 أكتوبر 1947.. جامعة فؤاد الأول تلغى رسالة الدكتوراه «الفن القصصى فى القرآن الكريم» لمحمد أحمد خلف الله

الخميس، 31 أكتوبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 31 أكتوبر 1947.. جامعة فؤاد الأول تلغى رسالة الدكتوراه «الفن القصصى فى القرآن الكريم» لمحمد أحمد خلف الله جامعه فواد الاول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان صوت المفكر الدكتور محمد أحمد خلف الله حزيناً، وهو يعتذر للدكتور نصر حامد أبوزيد عن تلبية دعوته للحضور إلى إحدى محاضراته لطلابه فى كلية الآداب فى «علوم القرآن»، كان «أبوزيد» يتبع هذا التقليد فى محاضراته، حسبما يذكر فى دراسته المنشورة فى الكتاب التذكارى «الجامعة المصرية والمجتمع».
 
يتذكر «أبوزيد»: «فى عام 1993 دعوت «خلف الله» لمحاضراتى فى «علوم القرآن»، فوافق بعد تردد من جانبه، وتشجيع من السيدة قرينته رحمها الله، وإصرار من جانبى، فى صباح اليوم الموعود اتصل بى، رحمه الله، لعدم قدرته نفسيا أن يطأ الحرم الجامعى بعد أكثر من 45 عاما من الغياب.. كان صوته حزينا».
 
كان اعتذار «خلف الله» دليلاً على أن جرحه الذى أصيب به يوم 31 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1947 لم يندمل، بسبب معركة تنتمى إلى جنس معارك كتابى «الشعر الجاهلى» للدكتور طه حسين، وكتاب الإسلام وأصول الحكم، للشيخ على عبدالرازق، فى هذا اليوم - 31 أكتوبر1947، أصدرت جامعة فؤاد الأول التى أصبحت «جامعة القاهرة» قرارا برفض رسالة الدكتوراه التى تقدم بها خلف الله، بعنوان الفن القصصى فى القرآن الكريم، وتحويل صاحبها إلى عمل إدارى، وحرمان الشيخ أمين الخولى المشرف على الرسالة من تدريس «علوم القرآن» أو الإشراف على رسائل تتصل بالقرآن.. يذكر أبوزيد: استند قرار الجامعة فى معاقبة الأستاذ على أن قرار تعيينه بدرجة أستاذ فى 6 أكتوبر 1946 كان تخصيصا لكرسى «الأدب المصرى».. يضيف أبوزيد: «يقال إن معاقبة المشرف كان استجابة لاستجواب قدمه عضو فى البرلمان لوزير المعارف عن مصير الأستاذ الذى أشرف على هذه الرسالة».
 
انشغل الرأى العام المصرى بمثقفيه وسياسيه وصحافته وجامعته وأزهره وأحزابه بهذه القضية التى عكست صراع «المقلدين» و«المجددين» فى الجامعة وخارجها.. يروى «خلف الله» باختصار قصته التى قادته إلى ما حدث معه فى هذه الأزمة، يتذكر فى كتابه «مفاهيم قرآنية»، سلسلة «عالم المعرفة»: علاقتى بالموضوع تبدأ فى الثلاثينيات من القرن الماضى، عندما كنت طالبا بقسم اللغة العربية بجامعة القاهرة - الجامعة المصرية يومذاك، قائلا: «كانت هناك مادة دراسية هى الدراسات القرآنية، وكان الذى يقوم بتدريس هذه المادة الأستاذ الشيخ أمين الخولى، كان ينهج منهجا جديدا فى الدراسات القرآنية التى تليق بكلية الآداب التى كان يجب أن تقوم على أساس من دراسة القرآن دراسة أدبية، كان يقول: لقد درس الفقهاء القرآن، ودرس اللغويون القرآن، ودرس البلاغيون القرآن، ودرس الفلاسفة وعلماء الكلام القرآن، ولكن الأدباء لم يقوموا بهذه الدراسة، على الرغم من أن القرآن الكريم معجزة أدبية فى المقام الأول، وكان يقول: إن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده وضع حجر الأساس لهذه الدراسة.
 
يضيف «خلف الله»، أن الشيخ أمين الخولى «مايو 1895»، مارس 1966 - كان يقول: إن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، وضع حجر الأساس لهذه الدراسة عندما ذهب إلى أن القرآن الكريم يجب أن يفهم على الأساس الذى كانت تفهمه عليه العرب وقت نزوله، من حيث فهم الألفاظ اللغوية والعبارات الأدبية.
 
يتذكر: «كنت أسمع هذه الكلمات فتمتلئ نفسى بها، وكنت أشعر شعورا داخليا قويا بأننى من دون زملائى الراغب فى هذه الدراسة والقادرعليها.. كنا ندور فى محيط المفاهيم القرآنية، وماذا أبقاه القرآن الكريم على حاله؟ وماذا أخرجه وأعطاه معنى مجازيا أو معنى دينيا؟ كان هذا العمل يستلزم التعرف على استخدامات الألفاظ فى القرآن الكريم كله وإلا جاء ناقصا.. كنت شغوفا بهذه العملية، وكنت من المتقنين لها، وكنت أعد نفسى لمتابعة الدراسة فى هذا الميدان، ووقع ما كنت أحدث نفسى بها، فلم أكد أتخرج حتى التحقت بالدراسات العليا، وتخصصت فى الدراسات القرآنية بالذات، كان موضوع دراستى الأولى لنيل درجة الماجستير هو جدل القرآن، وهو الكتاب الذى نشرته فيما بعد تحت اسم: محمد والقوى المضادة، من حيث إن هذه القوى المضادة هى التى كانت تثير الجدل حول محمد، عليه السلام، وحول القرآن الكريم، وكان موضوع رسالتى الثانية لنيل درجة الدكتوراه: الفن القصصى فى القرآن الكريم، وكنت أول من اقتحم ميدان الدراسات القرآنية من بين طلاب قسم اللغة العربية بكلية الآداب.
 
هكذا يوضح «خلف الله» رحلة تخصصه البحثى الذى جاء فى مدرسة «تجديد الفكر الدينى»، فى تفاعلها مع مقتضيات الواقع العربى الحديث، بوصف الدكتور يمنى طريف الخولى فى كتابها «أمين الخولى والأبعاد الفلسفية للتجديد»، مؤكدة أن الخولى بتجديده للفكر الدينى كان سائرا فى طريق سبق أن ترسمت معالمه، وتشكلت تضاريسه فى خريطة الفكر العربى الحديث، وبفعل جهود دؤوبة لرواد أسبق، يتقدمهم بجدارة الشيخ محمد عبده - 1849 - 1905 - الأستاذ الإمام، إمام المجددين، وقائد جيش الهجوم على التقليد الذى هوى بمعوله على معاقل المرض الخبيث «مرض الجمود على الموجود»، وكان سلاحه الماضى فى كفاحه التجديدى هو «تآخى الدين والعقل فى الإسلام».. على هذا النهج مضى «أمين الخولى»، وتلميذه محمد أحمد خلف الله الذى بدأ جرحه يوم 31 أكتوبر 1947، فكيف حدث وماذا فعل؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة