ربما يكون النصب التذكارى للجندى المجهول، والذى دفن فيه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعد وفاته فى حادث المنصة عام 1981، هو أحد أهم الرموز التى تخلد ذكرى الشهداء، وذكرى انتصارات حرب أكتوبر، وهو ما يجعله سنويًا رمزًا للاحتفالات فى الدولة المصرية، ويشهد وضع أكاليل الزهور عليه من رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع، وكبار قادة القوات المسلحة، لكن الكثيرون لا يعرفون تفاصيل النصب التذكارى، رغم مرور 44 عاما على إنشائه حيث أنشئ عام 1975، وهو عبارة عن مبنى خرسانى على هيئة هرم مجوف من الداخل يصل ارتفاعه 33.64 متر، ويبلغ عرض القوائم عند القاعدة 14.30 متر، ويبلغ سمك القوائم الأربعة 1.9 متر.
«اليوم السابع» تحاول فى السطور التالية، كشف بعض الزوايا الخاصة، عن النصب التذكارى، مدعومة بالصور والمسودات، التى وضعها العالم الكبير الراحل سامى رافع، والذى توفى منذ عدة شهور، وللوهلة الأولى قد تظن أن النصب التذكارى، يحمل أشكالًا هندسية، إلا أن المفاجأة الكبرى، أن جسم الهرم، يحمل أسماء الكثير من المواطنين، حيث خلد أسماءهم مصمم العمل، بل يعتبر الرمز الأشهر، وهو أول من وثق أغنية «بشرة خير»، فنجد أسماء «الصعيدى والبورسعيدى والمحلاوى والإسكندرانى»، وكل الأسماء التى وردت فى الأغنية الشهيرة عقب ذلك، وكل تلك القصص وغيرها، التى دفعت الدكتور مها عبد الرحمن، لتسجيل تاريخ سامى رافع، فى كتاب بعنوان: «الفنان سامى رافع والفن الجماهيرى»، يسرد فيه أهم أعمال المهندس الراحل، وصاحب الإنشاءات والديكورات، التى وثقت تاريخ مصر المعاصر.
ويحمل جسم النصب التذكارى، 71 اسما ورمزا منهم: «مصطفى، وعمر، وناجى، والسويسى، وسعيد، وموسى، وعبد الله، وهلال، وحلمى، والشرقاوى، وابراهيم، ومحمد، وحمدى، وقاسم، وأسعد، وعثمان، وعاطف، وشوقى، وبسيونى، وشادى، وزكى، وسامى، وصابر» وغيرها من الأسماء.
وكان المهندس الراحل سامى رافع، الفنان التشكيلى، قد قال فى أحد اللقاءات النادرة له، عن قصة النصب التذكارى: «المفاجأة التى لايعرفها الكثيرون، أنى لم أكلف بتصميم قبر الجندى المجهول مباشرة، بل كان هناك مسابقة من وزارة الإسكان فى الجرائد، وتقدم لهم 50 فنانا تشكيليا وفنانة، وفزت من بينهم، وكانت الجائزة 3 آلاف جنيه عام 1975، وكانت المكافأة الأكبر فى تلك الفترة، حتى أنى شككت أنى سأحصل عليها».
ويشرح الفنان سامى رافع، أنه عرف النتيجة من الجرائد، حينما أعلنت نتائج المسابقة، قائلًا: «حتى أنى ظللت أنظر للجريدة، وأتحقق من الاسم ورقم المكافأة، مرة تلو المرة»، ويضيف أنه بعد إعلان المسابقة بثلاثة أيام، ذهبت لوزارة الإسكان، وكنت من «الخضة» فى الاستقبال، شعرت أنهم سيأخذون المكافأة مرة أخرى.
ويضيف مصمم النصب التذكارى، أن الرئيس أنور السادات، حينما رأى «الماكيت» الخاص بالنصب التذكارى، فى الجرائد، اتصل بوزير الإسكان، وقال له: «هل قرأت أهرام اليوم، شاهد ما صممه سامى رافع، ونفذ النصب التذكارى فى مدينة نصر»، ليعود له وزير الإسكان بضرورة تنفيذ التصميم، لافتتاحه فى ذكرى أكتوبر 1974، وكان الاتصال حينها فى شهر يونيو، فرد عليه قائلا: «تريد تصميم النصب التذكارى فى أربعة شهور فقط»، ليرد عليه الوزير: «نعم، سنحتفل مع مصر كلها بذلك العمل التاريخى، وأنا من سأنفذه»، وكان الوزير حينها هو عثمان أحمد عثمان، مؤسس شركة المقاولون العرب.
ويقول سامى رافع، فى أحد الحوارات الصحفية قبل وفاته، المكتوب على النصب أسماء رمزية وافتراضية من قبيل على وحسين ومحمد وسيد ومحمود وبطرس وجرجس ويعقوب وجورج، مما يجسد وحدة هذا الشعب فى الدفاع عن الوطن، كما أن هناك أسماء أشخاص مشتقة من أسماء مدن ومحافظات، مما يعكس وحدة الوطن أيضا فى اللحظات الفارقة، أعنى أسماء مثل الدسوقى والسويسى والفيومى والبحيرى والإسكندرانى، والأسماء من الخط الكوفى من مكعب من حجر البازلت الصلب.
حصل الدكتور سامى رافع، على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم ديكور 1948، ودبلوم أكاديمية الفنون الجميلة بفيينا قسم ديكور المسرح، وشغل منصب وكيل نقابة الفنانين التشكيليين، بالإضافة لتصميمه 14 رسما لمترو الأنفاق، وعدة هيئات ومؤسسات مصرية مختلفة.
السيسى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة