لم يعد التهديد الذى يمثله التغيير المناخى لكوكب الأرض يخفى على أحد، فقد كشفت العديد من الدراسات والتقارير الدولية أن الظاهرة تلقى بظلالها على مختلف الكائنات الحية وعلى البيئة، فى الوقت الذى تزداد فيه الدعوات لتحرك قوى من الحكومات لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الاحتباس الحرارى.
لكن يبدو أن الأثر الاقتصادى للتغير المناخى سيصبح أكثر اتساعا ليصل إل تعطيل التجارة العالمية، بحسب ما قال تقرير لمجلة فورين بوليسى الأمريكية، مع ارتفاع مستوى مياه البحار وقوة العواصف والأعاصير التى أصبحت تعطل مسارات سفن الشحن والحاويات.
وقالت فورين بوليسى، إنه مع تراكم الغازات الدفينة الناجمة عن الانبعاثات الكربونية فى الجو بوتيرة قياسية، فإن التغييرات التى تطرأ على نظام المناخ، ومنها ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس السيء الشرس بشكل متزايد ستشكل تهديدا متزايدا للتجارة الدولية. فالبنية التحتية للنقل الساحلى، ولاسيما الموانئ، ضعيفة بدرجة كبيرة. لكن هذه علاق ثنائية الاتجاه. فالتجارة الدولية تلعب دورا راسخا فى جعل التغير المناخى أسوأ من خلال زيادة انبعاثات الغازات الكربونية، لكن الأعاصير التى وقعت فى السنوات الأخيرة تشير إلى أن التغير المناخخى سيعرض للخطر أيضا تدفق التجارة الدولية.
ويشير تقرير المجلة الأمريكية إلى أنه برغم الترابط بين القضيتين، إلا أن هاتين القضيتين لا يحظيان بالاهتمام. فاتفاق باريس الخاص بتغير المناخ الذى تم التوصل إليه فى عام 2015 لا يكرس بندا واحدا للتجارة. كما أن القطاعات التى تقوم عليه، الطيران والشحن ، تزداد انبعاثاتها بنسبة تتراوح بين 3 إلى 5% سنويا، غير مغطاه فى الاتفاق أيضا.
وبالمثل، فإن إعلان الدوحة الوزارى الذى يحدد معايير جولة متوقفة من مفاوضات التجارة، لم يأت على ذكر التغير المناخى. ونتيجة لذلك، سقطت أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمى بين شقوق حماية البيئة.
وربما الأمر الأكثر أهمية، هو أن النمو السريع فى التجارة الدولية يجعل التوصل على اتفاق مناخ عالمى أكثر صعوبة. فظهور الصين كقوة عظمى فى التجارة قد زاد من مخاوف ما يسمى بتسرب الكربون، والذى يحدث عندما تدفع التكاليف المرتبطة بالالتزام بالسياسات المناخية الشركات إلى نقل إنتاجها فى الخارج بحثا عن قواعد أقل صرامة. فلو أن الاتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة يجعلان الملوثين يدفعون أموالا مقابل انبعاثاتهم الكربونية، فإن الخوف سيكون أن يقوم هؤلاء الملوثين بنقل إنتاجهم إلى الصين أو أى اقتصاد ناشئ آخر. وما لم تتحرك الدول النامية، فلن تتحرك الاقتصاديات الناشئة أيضا.
ورغم أن الدراسات لم تقدم أدلة كثيرة بشأن تسرب الكربون عمليا، إلا أن آفاقه تبدو أكبر. ففى الولايات المتحدة، كان الخوف من التسرب ظاهريا، ودفع ضمن عوامل أخرى مجلس الشيوخ إلى الإجماع على استبعاد التصديق على أى اتفاق للمناخ يترك اقتصاديات مثل الصين أو الهند غير مرتبطة بأهداف خاصة بالكربون فى الفترة التى سبقت التفاوض على اتفاق كيوتو عام 1997. وفى الفترة الأخيرة، أثار ترامب مخاوف مماثلة عند التنصل من اتفاق باريس الذى تعهد بالانسحاب منه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة