تهدد الأعاصير حياة البشر، حيث تجتاح الظاهرة الطبيعية المدن لتغمرها بالسيول فيما يطيح الهواء القوى بالمنازل والسيارات والسكان، ما يؤدى إلى تكبد الدول المعرضة لمخاطر الأعاصير سنويًا خسائر كبيرة على المستوى الأرواح والأموال، لذا تكثف مراكز الأبحاث العالمية جهودها لمحاولة التوصل لطريقة يمكن التنبؤ من خلالها بالأعاصير لتفادى الخسائر البشرية الفادحة.
يقول باحثون إن الأصوات الغامضة التي تصدر عن الأعاصير يمكن أن تستخدم فى يوم من الأيام للتنبؤ بموعد ومكان حدوثها، حيث تنبعث العواصف من الأصوات قبل أن تتشكل الأعاصير، لكن الإشارات التى تقل عن 20 هرتز هى أقل من الحد المسموح به للسمع البشرى، أما الآن، فيؤكد الباحثون أنهم اقتربوا من معرفة أسباب هذه الأصوات، وهو عامل مهم فى تسخير المعرفة لتحسين التحذيرات والتنبؤ بالأعاصير.
التنبؤ بالأعاصير
وقال الدكتور برايان إلبينج من جامعة ولاية أوكلاهوما، وهو جزء من فريق البحث: "الاحتمالات الثلاثة هى التذبذبات الأساسية فى الإعصار، وتراجع الضغط، وتأثيرات الحرارة الكامنة"، مضيفًا "إنها جميع الاحتمالات لأن ما رأيناه هو أن الإشارة تحدث قبل أن يلمس الإعصار الأرض، ويستمر بعد أن يمس الأرض، ثم يختفى بعد مرور بعض الوقت بعد أن يغادر الإعصار الأرض"، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية.
ويقول التقرير "عُرف صوت التردد المنخفض الذى أنتجته الأعاصير منذ عدة عقود"، لكن إلبينج، قال إن "هناك مشكلة كبيرة تتمثل فى عدم فهم الأسباب التى تسبب الأصوات، والصعوبات التى تحول دون فصلها عن إعصار وجوانب أخرى من الطقس".
وقد شهد هذا الموضوع اهتمامًا متجددًا فى السنوات الأخيرة، حيث قال إلبينج، إنه قد يكون مفيدًا بشكل خاص للمناطق الجبلية مثلDixie Alley ، التى تمتد من تكساس إلى ولاية كارولينا الشمالية، مضيفًا "لا تحتاج الأشعة تحت الحمراء إلى خط البصر مثل الرادار، لذلك هناك أمل فى أن يحسن هذا بشكل كبير التحذيرات فى زقاق ديكسى حيث تحدث معظم الوفيات من الأعاصير".
ولجأ فريق البحث إلى ميكروفون قادر على التقاط أصوات منخفضة التردد ومغلقة داخل قبة تحتوى على أربع فتحات بزوايا قائمة مع بعضها البعض، كل منها متصل بخرطوم، يتم ترتيب ثلاثة من هذه القباب فى مثلث متساوى الأضلاع، على بعد 60 مترًا عن بعضها البعض.
يقول الفريق إن الإعداد يسمح لهم بتصفية الأصوات من الرياح العادية والتعرّف على الاتجاه الذى يسلكه الإعصار، بينما تقدم الإشارة نفسها فكرة عن حجم الإعصار: تردد 1 هرتز يشير إلى إعصار كبير جدًا، بينما يشير 10 هرتز إلى صغير.
فى أحدث أعمالهم، أبلغ ألبينج وزملاؤه عن حالة فى أوكلاهوما تمكنوا خلالها من التقاط أدلة صوتية قبل ثمانى دقائق من تكوين الإعصار، مع اكتشاف إشارة واضحة قبل أن تصل إلى الأرض بأربع دقائق، ويقولون إن هذا مهم لأن الإعصار لم يلتقطه الرادار.
وقال إلبينج: "هناك أدلة على أن مقدار المهلة قبل الإعصار يعتمد على حجم الإعصار"، مضيفًا أنه تم اكتشاف أصوات منخفضة التردد لمدة تصل إلى ساعتين قبل أن يتشكل إعصار.. وإن هذا الإعصار الذى اكتشفناه كان صغيراً للغاية، ولم يصدر أى تحذير بشأن هذا الإعصار.. ولهذا السبب فإن التحذير لمدة أربع دقائق يعد مشكلة كبيرة".
فى حين أن إعصار أوكلاهوما كان على بعد 12 ميلاً فقط من الإعداد، قال ألبينج، "بمجرد فهم إشارة الصوت بشكل أفضل، يمكن استخدام هذه التقنية على مسافات أكبر"، مضيفًا "إذا علمنا بالتوقيع الصوتى للإعصار، فمن الواقعى توقع اكتشاف إعصار من أكثر من 100 ميل".
بدوره، قال الدكتور هارولد بروكس، خبير الإعصار فى الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوى - والذى لم يشارك فى العمل - إن العديد من الأسئلة تحتاج إلى إجابة قبل أن يتم تسخير النهج، بما فى ذلك ما إذا كانت جميع الأعاصير تصدر مثل هذه الأصوات أم لا، وهل هي مصنوعة من العواصف الأخرى، ومدى دقة النهج".
وأضاف بروكس: "لن يكون هناك أى نظام مثالى، لذا ستكون هناك أخطاء فى الأحداث الفائتة وإنذارات خاطئة"، وتابع أنه "ليس من الواضح أيضًا عدد ترتيبات الميكروفون التى ستحتاج إلى تقديم تغطية جيدة"، معتبرًا أن النهج قائم على الصوت، وأن الأمواج بدلاً من موجات ضوئية، يمكن فحص منطقة أصغر بكثير من قبل كل نظام فى وقت معين بدلاً من الرادار، واختتم حديثه، "فى هذه المرحلة، إنه أمر مثير للاهتمام حقًا، ولكن هناك الكثير من العمل الذى يجب القيام به فيما يتعلق بتجربة واسعة النطاق نسبياً لاختباره بالفعل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة