أكرم القصاص - علا الشافعي

خدامين ممالك النار.. "ولولة" فى قنوات الإخوان لتجميل وجه الاحتلال العثمانى لمصر لصالح أردوغان بعد طرح برومو مسلسل يحكى غزوهم للشرق.. وكتب التاريخ تؤكد: جنودهم شربوا الخمر فى الأسواق وأحرقوا المساجد

الأربعاء، 06 نوفمبر 2019 05:32 م
خدامين ممالك النار.. "ولولة" فى قنوات الإخوان لتجميل وجه الاحتلال العثمانى لمصر لصالح أردوغان بعد طرح برومو مسلسل يحكى غزوهم للشرق.. وكتب التاريخ تؤكد: جنودهم شربوا الخمر فى الأسواق وأحرقوا المساجد
كتب:محمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وصلة نحيب وبكاء وعويل على شاشات الإخوان وصفحات المحسوبين على تيارهم عبر شبكات التواصل الاجتماعى منذ الإعلان عن البدء فى بث مسلسل "ممالك النار" منتصف الشهر الجارى، حيث من المتوقع –بحسب الإعلان الترويجى عن المسلسل- أن يتناول فترة الغزو العثمانى لمصر، بكل ما شهدته من فظائع ومقاومة بطولية من المصريين بقيادة آخر سلاطين دولة المماليك العادل الأشرف "طومان باى".

 

خيانة إخوانية
 

يقترب النحيب الإخوانى هذه المرة من الخيانة، فما الخيانة إلا انتصار لوجهة نظر العدو حتى لو فى حدث تاريخى، وتغليبها على وجهة النظر الوطنية التى تراكمت فى الوعى الجمعى الوطنى لمئات السنين، وهذا أمر يفرق كثيرا عن اختلاف وجهات النظر بشأن وقائع التاريخ، فلا يمكن للخيانة أن تصير يوما وجهة نظر، فمثلا لا يمكن أن يقبل مصرى فى عصرنا هذا بوجهة النظر الإسرائيلية التى تزعم أن احتلالهم للأراضى العربية فى 1967 بالقوة كانت حرب وقائية من هجوم عربى محتمل، ومن يقول ذلك اليوم فإنه خائن لا فصال فى ذلك، كذلك فإن من يجمل وجه الغزو العثمانى لمصر لمجرد أنه يعيش فى أرض أحفاد بنو عثمان وأراد أن يجاملهم على حساب وطنه وتاريخه فإنه أيضا خائن وكذاب ومدلس.

 

زوجة ايمن نور
زوجة ايمن نور

 

وقائع النحيب الإخوانى خلال الساعات الماضية كثيرة، ولها أوجه مختلفة، فى قناة الشرق الإخوانية كانت زوجة أيمن نور والفتى الذى يظهر إلى جوارها تحتمى بنظرية المؤامرة لتدارى جهلها فى التاريخ، وتزعم بأن المسلسل هدفه تشويه الدولة العثمانية، وأنه جزء من حرب الدراما التى تشنه الإمارات العربية المتحدة وتنفق فيه المليارات، ضد تركيا وقطر، وعبر الفيسبوك كان محمد الهامى وهو أحد العناصر الاخوانية الذى يزعم اهتمامه بالتاريخ يحاول تلفيق الأمر بأن كلهم –المماليك والعثمانيين والعباسيين من قبلهم – كانوا محتلين لمصر، أما عاصم الماجد الإرهابى الناكص عن توبته فذهب إلى آخر المدى، وقال بكل وقاحة: "الذى أسعدنى وزاد من تفاؤلى أن بطل مسلسلهم (طومان باى) انهزم أمام العثمانيين الذين قتلوه وعلقوه على (باب زويلة) بالقاهرة".

 

 

عاصم عبد الماجد

هذا التفسير الإخوانى الخائن للتاريخ، الموافق لهوى أردوغان ودولته، يتناقض مع الرواية الوطنية المصرية، للحد الذى دفع بعض المعلقين من العناصر المحسوبة على الإخوان وجماعتهم إلى معارضتهم بشكل واضح، أحدهم علق على صفحة عاصم عبد الماجد قائلا: "وهذا لا يمنع بطولة وشجاعة وجسارة طومان باى، وقد اعترف السلطان سليم ياوز بهذا"، وآخر قال: "يكفى طومان باى أنه مات دفاعا عن أرضه ضد الاحتلال العثمانى هل كانت مصر والسعودية بدون إسلام علشان يسموه فتح عثمانى".

 

معلقون

 

معلقون يدافعون عن طومان باى على صفحة عاصم عبد الماجد

 

من العجيب أيضا أن بعض المحسوبين على معسكر الإخوان اليوم، كانوا جزءا من هذه الرواية المصرية من قبل، فمثلا الممثل الإخوانى وجدى العربى قام بنفسه بأداء دور طومان باى فى مسلسل شهير اسمه "على باب زويلة" عرض على شاشة التلفزيون المصرى نهاية السبعينات، لكنه اليوم لا يمكن أن ينطق بما يخالف الهوى العثمانى، وأيضا فإن كثيرا من الأعمال الدرامية المصرية تناولت هذه الفترة بنفس الرؤية الوطنية التى تذهب إلى أن طومان باى بطل قاوم ودافع عن مصر ومن ورائه المصريين، وأن أبناء عثمان هم قوة احتلال غاشم.

 

وجدى العربى فى دور طومان باى

 

الممثل الإخوانى وجدى العربى أثناء أداء دور طومان باى فى مسلسل على باب زويلة


 

ماذا قال التاريخ؟
 

فى كتابه الشهير "بدائع الزهور فى وقائع الدهور" يروى ابن اياس الحنفى قصة الاحتلال العثمانى لمصر، ومقاومة طومان باى كاملة، جانب مما رواه له علاقة بوحشية الدولة العثمانية التى يدافع الإخوان عنها اليوم، فيذكر أنه عندما وقع أحد جواسيس ابن عثمان فى يد المصريين عقب معركة مرج دابق التى انتهت بمقتل سلطان مصر قنصوة الغورى ووقوع الشام فى قبضة العثمانيين، فكان الجاسوس اسمه عبد البر ابن محاسن وخلال التحقيق معه تحدث عن كل فظائع العثمانيين.

يقول ابن اياس عما جرى مع الجاسوس العثمانى :" (شرع يطنب فى أوصاف ابن عثمان وفى تزايد عظمته، فمن جملة ما حكى عنه أنه لما دخل إلى حلب قطع فى يوم واحد ثمانمائة رأس من جماعة أهل مصر، من جملتهم خليفة سيدى أحمد البدوى وآخرون من الأعيان ممن تخلّفوا بحلب، وأخبر أن عسكر ابن عثمان فوق ستين ألف مقاتل، وأنه خُطب باسمه من بغداد إلى الشام على المنابر، وأن معاملته فى الذهب والفضة ماشية من بغداد إلى الشام، وأنه لما دخل إلى الشام وملكها شرع فى عمارة سور وأبراج من القابون إلى آخر مدينة دمشق، وجعل فى ذلك السور أبواباً تغلق على المدينة وهو فى همّة زائدة ويقول : ما أرجع حتى أملك مصر وأقتل جميع من بها من المماليك الجراكسة، وأخبر أن ابن عثمان ينحجب عن عسكره أياماً لا يظهر فيها، ففى هذه المدة يفتك عسكره فى المدينة ويتجاهرون بأنواع المعاصى والفسوق، وأنهم لا يصومون فى شهر رمضان ويشربون فيه الخمر والبوزة، ويستعملون فيه الحشيش والشخيب، ويفعلون الفاحشة بالصبيان المرُد فى شهر رمضان، وأن ابن عثمان لا يصلى الجمعة إلا قليلاً)

 

 

العادل طومان باى

 

فى مقابل هذه الأوصاف التى رواها جاسوس بنى عثمان عن سلطانهم سليم الأول، فان ابن اياس تحدث عن طومان باى قائلا: "إنه كان شابا حسن الشكل سنه نحو 44 سنة، وكان شجاعا بطلا تصدى لقتال العثمانيين وثبت وقت الحرب وحده بنفسه، وفتك فى عسكر ابن عثمان وقتل منهم ما لا يحصى، وكسرهم ثلاث مرات فى نفر قليل من عسكره، ووقع منه فى الحرب أمور ما لا تقع من الأبطال. وكان لما سافر عمه السلطان الغورى جعله نائب الغيبة عنه إلى أن يحضر من حلب، فساس الناس فى غيبة السلطان أحسن سياسة، وكانت الناس عنه راضية فى مدة غيبة السلطان، وكانت القاهرة فى تلك الأيام فى غاية الأمن من المناسر والحريق وغير ذلك… وكان ملكا حليما قليل الأذى كثير الخير، وكانت مدة سلطنته بالديار المصرية ثلاثة أشهر وأربعة عشر يوما”.

لم يحكم طومان باى مصر إلا أياما قليلة تقترب من الـ120 يوما فى فترة عصيبة جدا، مليئة بالمؤامرات والخيانة الداخلية، ومع ذلك فانه حاز على حب المصريين، لأنه أبطل كثيرا من المظالم، ورفع كثيرا من الضرائب والمكوس المفروضة على المصريين فاحبوه وانحازوا اليه فى حربه ضد العثمانيين

وقائع غزو العثمانيين إلى مصر وهزيمة جيش طومان باى فى الريدانية معروفة، وتناولتها كتب التاريخ وأظهرت ما فيها من خيانة أمراء المماليك وتخاذلهم، كما أظهرت ايضا بطولة طومان باى وجسارته، كان المصريون رغم استيلاء أبناء عثمان على القاهرة ينتظرون قدوم طومان باى فى اى وقت، ولم يخذلهم الرجل وحول الامر إلى حرب عصابات كبدت العثمانيين كثير من الخسائر، فباغتهم مرة فى الفسطاط، وحين ظنوا أنهم انتصروا ودخل سلطانهم سليم إلى القاهرة رافعا رايات النصر، ظهر له طومان باى وجيشه فى بولاق، وقاومهم بشراسة لمدة 3 أيام حتى أن مساجد القاهرة خطبت الجمعة لطومان باى، بعد أن خطبت الجمعة السابقة لسلطان العثمانيين

فى هذه المعارك المتفرقة التى قادها طومان باى ومن تبقى إلى جواره من المماليك باسلحتهم الهزيلة فى مواجهة ألة عسكرية جبارة كانت تصنف وقتها بانها الاقوى والأحدث على مستوى العالم، فان أهم ما يرويه التاريخ أن المدنيين المصريين كانوا هم جنود طومان باى فى مواجهة جنود ابناء عثمان، وهم الذين وقفوا إلى جواره لمقاومة احتلال بلدهم، وبالتالى فان اى حديث اخوانى اليوم عن أن الكل احتلال هو محض تدليس.

 

فظائع العثمانيين
 

يتحدث ابن زنبل الرمال عن عسكر سليم الاول بانهم كانوا يشربون الخمر علنا فى الأسواق لا يصومون ولا يصلون لا يراعون حرمه لبيت أو لمسجد كالبهائم أن أكلوا وان تكلموا، حتى انتشر مثل بين المصريين هو "جاء الترك بالشرك " بسبب المخالفات العقدية التى راها المصريون من جنود بنى عثمان، فلك أن تتخيل أنهم أحرقوا مسجد "شيخون العمرى"، وانهم قتلوا أكثر من 10 الاف مدنى، وشحنوا إلى بلادهم من خيرات مصر الف جمل محملة بالذهب والفضة والتحف والنحاس، وسرقوا ونهبوا مئات الخيول والمواشى، فضلا عن جريمة كبيرة لا تسقط بالتقادم وهى شحن مئات من أمهر الحرفيين إلى بلادهم ليتولوا بناء اسطنبول العاصمة السياحية لتركيا حتى اليوم، فتكون النتيجة أن 50 حرفة كاملة اختفت من مصر إلى الابد.

لهذا كله فان كل من كتب التاريخ تحدث باسى ومرارة بالغة عن حال مصر، فهذا ابن اياس رثى حال مصر شعرا

 

 

نوحوا على مصر لأمر قد جرى.. من حادث عمت مصيبته الورى

زالت عساكرها من الأتراك فى.. غمض العيون كأنها سنة الكرى

الله أكبر إنها لمصيبة.. وقعت بمصر مالها مثل يُرى

لهفى على عيش بمصر قد خلت..أيامه كالحلم ولى مدبرا

 

 

مقتل طومان باى
 

فى 15 ابريل 1517 قاد العثمانيون طومان باى إلى المشنقة فى موكب عظيما يحرسه 400 جندى من الانكشارية وكان مكبلا فوق فرسه، وكان الناس فى القاهرة قد خرجوا ليلقوا نظرة الوداع على سلطان مصر الاسير."

 

ويقول ابن إياس فى كتابه قائلا، "فلما تحقق من أنه سيشنق وقف على أقدامه على باب زويلة، وقال للناس الذين حوله، اقرأوا لى سورة الفاتحة ثلاث مرات. فبسط يده وقرأ سورة الفاتحة ثلاث مرات وقرأت الناس معه، ثم قال للمشاعلي: اعمل شغلك. فلما وضعوا الخية فى رقبته ورفعوا الحبل انقطع به فسقط على عتبة باب زويلة، وقيل انقطع به الحبل مرتين وهو يقع إلى الأرض، ثم شنقوه وهو مكشوف الرأس".

 

ويحكى ابن إياس "فلما شنق وطلعت روحه، صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسى، وأقام ثلاثة أيام وهو معلق على الباب حتى جافت رائحته، وفى اليوم الثالث أنزلوه وأحضروا له تابوتا ووضعوه فيه، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغورى عمه، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه هناك، ودفنوه فى الحوش الذى خلف المدرسة، ومضت أخباره كأنه لم يكن".

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة