يبدو أن لبنان على موعد مع المزيد من الفوضى، فبعد التراجع النسبي لعدد المتظاهرين فى شوارع وميادين بيروت منذ استقالة رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريري ، عادت الحشود للميادين والسبب انضمام تلاميذ المدارس لميادين الاحتجاج.
وسجلت الاحتجاجات فى لبنان الخميس ، يومها الثانى والعشرين، وسط حالة من الترقب فى دوائر بيروت السياسة ومخاوف من تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، ومتابعة إسرائيلية وصفها موقع "صوت أمريكا" بالمستمرة ، لرسم سيناريوهات مستقبل "حزب الله" وكيف ستتعامل معها تل أبيب.
وانضم طلاب المدارس إلى المتظاهرين، متحدين قرارا لوزارة التربية والتعليم باستئناف الدراسة، فى حين لا يزال اللبنانيون يواصلون احتجاجاتهم عبر إغلاق مرافق حيوية في البلاد.
وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام بانطلاق عدد من المسيرات الطلابية في مناطق لبنانية عدة، واتجاهها نحو عدد من المرافق الحكومية والخدماتية للاحتجاج أمامها.
وقال موقع النهار اللبنانى، إن طلاب المدارس فى لبنان نزلوا إلى الشوارع منذ الأربعاء إلا أن الأعداد تزايدت الخميس، وهى المشاركة الأولى لهم منذ بداية الاحتجاجات التى تشهدها البلاد فى 17 أكتوبر الماضى، وانضموا إلى المتظاهرين المناهضين للنخب السياسية.
ورفض الطلاب العودة إلى صفوفهم الدراسية قبل تلبية مطالب حركة الاحتجاج التى بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع. وترك الطلاب فى شمال وجنوب لبنان صفوفهم الدراسية، وتجمعوا خارج المدارس يرددون الشعارات الغاضبة الموجة ضد السلطة.
وفى العاصمة بيروت، تجمع العشرات أمام وزارة التعليم ورفعوا الأعلام اللبنانية ورددوا شعارات تطالب بالإطاحة بالطبقة السياسية.
وقال أحد الطلاب لشبكة LBC اللبنانية: ليس لدينا مستقبل لنبنيه فى ظل السلطة السياسية الحالية، فالمسئولون يزعمون أنهم يعملون من أجل الجيل الجديد، لكن من الناحية العملية لا يفعلون شيئا. ويجب أن يرحلوا جميعا".
وقال طالب آخر: نعمل بجد وندرس بشكل أكبر، لكن فى النهاية أعرف أنه لا يوجد فرص عمل متاحة لى هنا. لا أريد أن أترك والدى من أجل العمل فى الخارج، أريد أن أعمل فى بلدى.
وأضاف: كل النواب يعرفون جيدا أننا الشباب ليس لديهم فرص هنا فى لبنان، ولهذا أرسلونا ننن الأطفال للدراسة والعمل فى الخارج.
وقال موقع النهار إنه فى أكبر احتجاج يقوده الطلاب، دخلت الحشود فى الميدان الرئيسى بمدينة سيدون الجنوبية، وطالبوا بتعليم عام أفضل وفرض عمل أفضل لمن تركوا المدارس بحسب ما قالت وكالة الأنباء الرسمية فى البلاد.
وتسود حالة من القلق من تعثر مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، حيث حذر رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، من خطورة المرحلة الراهنة التى يمر بها لبنان، داعيا إلى الإسراع فى إيجاد الحلول الإصلاحية الاقتصادية والسياسية اللازمة بما فيها تشكيل الحكومة الجديدة.
وأشار برى، خلال استقباله عددا من أعضاء المجلس النيابى مساء الأربعاء، إلى ضرورة إقرار مشروعات واقتراحات القوانين الإصلاحية والتى تأتى ضمن إطار المطالب المحقة للمواطنين اللبنانيين فى حراكهم الشعبى الراهن.
وقال، "الأوضاع السياسية فى لبنان خلال عام 2005 كانت أسوأ وأخطر مما هى عليه حاليا، غير أن الوضع الاقتصادى لم يكن على ما هو عليه الآن من تراجع وخطورة".
من جانبها، قالت إذاعة "صوت أمريكا" فى تقرير لها الخميس، إن إسرائيل تراقب عن كثب الاحتجاجات فى لبنان.
وأشارت الإذاعة فى تقرير لها أنه بعد ثلاث أسابع من الاحتجاجات السلمية المناهضة للحكومة فى شوارع لبنان، يغير المتظاهرون أساليبهم ويحوطون البنوك والوزارات الحكومية والشركة التابعة للدولة.
وبالنسبة لـ إسرائيل ، فإن السؤال المهم هو ما إذا كانت الاحتجاجات ستعزز أم ستضعف حزب الله، الذى يعد حاليا جزءا من الحكومة اللبنانية. كما أنه يمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ يمكنها أن تصل لكافة أنحاء إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن حزب الله حاول منع الاحتجاجات فى بدايتها، لكن مع تدخل الجيش لمساعدة المتظاهرين، تراجع حزب الله.
ونقلت صوت أمريكا عن أورنا ميرحاى، الخبيرة الإسرائيلية فى الشأن اللبنانى بمعهد دراسات الأمن القومى فى جامعة تل أبيب إن حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله يشعر بالقلق إزاء الاحتجاجات الجارية.
وأضافت أنها ترى ثلاث سيناريوهات لمستقبل الاحتجاجات، إحداها يحمل تهديدا للدولة العبرية.
السيناريو الأول هو عدم حدوث تغيير عميق فى لبنان برغم استقالة رئيس الحكومة سعد الحريرى، وأن يتم تشكيل حكومة جديدة، وهو السيناريو الأقرب برغم عدم هدوء الاحتجاجات.
أما السيناريو الثانى هو أن يكون هناك ثورة حقيقية تؤدى إلى تغيير حقيقى فى النظام القائم، ويمكن أن يتم هذا بصراع سلمى أو غير سلمى، وستكون النتيجة ديمقراطية أكبر فى لبنان، لكن الوضع الاقتصادى سيكون أصعب.
أما الخيار الثالث فهو بدء حرب أهلية، وفى هذه الحالة سيحاول حزب الله التدخل وبسط قواته المسلحة بشكل أكبر، مما يؤدى إلى فوضى حقيقية فى لبنان لفترة طويلة، ويقد يلجأ الحزب لضرب إسرائيل كوسيلة لتعزيز وجودة فى السلطة.