يبدو أن رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون فى طريقه إلى تحقيق انتصار تاريخى، بعدما أظهرت استطلاعات الرأى التى أجرتها عدد من المنصات الإعلامية حول نسب التصويت، والتى أظهرت تفوق كبير لحزب المحافظين، على حساب غريمه السياسى حزب العمال، وهو ما يفتح الباب أمام هيمنة مطلقة لجونسون على مقاليد الأمور فى المرحلة المقبلة، والتى تبدو مفصلية فى التاريخ البريطانى، خاصة وأنها ترتبط بشكل مباشر بمسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، والتى أثارت جدلا كبيرا ليس فقط فى الأروقة البريطانية والأوروبية، ولكنها امتدت بصورة كبيرة إلى النطاق الدولى، وهو ما يظهر بوضوح فى حالة التداخل الدولى، خاصة من قبل الولايات المتحدة، فى هذه القضية، عبر دعم ما يمكننا تسميته بـ"بريكست فورى".
وبحسب الاستطلاع الذى نشرته وكالة "رويترز"، فإن حزب المحافظين الذى يتزعمه جونسون سيفوز بأغلبية صريحة بواقع 86 مقعد، وهو ما سوف يمنحه الأغلبية التى يحتاجها لتمرير أى اتفاق يصل إليه حول كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبى، والمقرر فى 31 يناير المقبل، ليصبح إجمالى المقاعد البرلمانية للحزب، الذى ينتمى إليه رئيس الوزراء، حوالى 368 مقعدا من أصل 650 مقعدا، يمثلون إجمالى عدد نواب البرلمان البريطانى، مقابل 191 مقعد لحزب العمال، بقيادة جيريمى كوربين.
جونسون بمركز الاقتراع
ولعل الانتصار الذى من المتوقع أن يحققه جونسون يمثل هزيمة كبيرة لنتائج الاستطلاعات التى سبقت عملية التصويت، والتى اتفقت على فوز جونسون، بأكثرية بسيطة، تساهم فى زيادة تعقيد الأمور فى المرحلة المقبلة، إلا أن الاستطلاع الأخير، والذى جاء قبل ساعات قليلة من إعلان النتائج الرسمية، يعد بمثابة مفاجأة غير متوقعة، خاصة مع الجدل الكبير حول سياسات جونسون من جانب، والمخاوف الكبيرة لدى البريطانيين تجاه تداعيات الطلاق من أوروبا.
وكان البرلمان بتشكيله السابق بمثابة حجر عثرة أمام أى اتفاق حول مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، مما أدى إلى دفع إلى الإطاحة بحكومة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى من منصبها، كما أعاق تمرير الاتفاق الذى عرضه جونسون مع بداية حقبته.
جونسون نجح فى تدارك أخطاء ماى قبل فوات الآوان
يبدو أن جونسون أدرك منذ البداية صعوبة الوصول إلى اتفاق لتحقيق "بريكست" حقيقى مع وجود البرلمان، مما دفعه إلى السعى نحو تحييده، حيث استصدر أولا قرار بتعليق أعمال البرلمان من الملكة إليزابيث، إلا أنه فشل فى نهاية المطاف، حيث قررت المحكمة العليا فى لندن بطلان القرار، وبالتالى كانت دعوته إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، يمكنه من خلالها فض الاشتباك الذى دام لشهور طويلة.
ويمثل البرلمان الجديد، فرصة مهمة لجونسون، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث أن التشكيل الجديد يمكنه من استعادة الأغلبية المفقودة، بعدما انشق عدد من البرلمانيين عن حزب المحافظين، عبر تأسيس كتلة "الديمقراطيين الأحرار"، كما أنه سيضع فى الواجهة برلمانيين من ذوى التوجهات المناوئة لأوروبا الموحدة، مما يفتح الباب أمامه لتحقيق رؤيته بالصورة التى يراها مناسبة حول كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبى، وصياغة مستقبل العلاقة مع محيطه الجغرافى فى المرحلة المقبلة.
البرلمان البريطانى
وتعد النتائج المتوقعة بفوز المحافظين بالأغلبية المطلقة فى البرلمان بمثابة مباركة شعبية لتوجهات رئيس الوزراء البريطانى، بالإضافة إلى كونها تأكيد جديد من قبل البريطانيين لرغبتهم فى الخروج من ولاية الاتحاد الأوروبى، فى ظل رفضهم لسياسة الحدود المفتوحة التى جلبت الكثير من المهاجرين من كافة دول القارة فى السنوات الماضية، وهو ما فتح الباب، مما خلق منافسة قوية بين المواطن البريطانى، ونظيره الأوروبى فى سوق العمل، خاصة من المهاجرين من دول أوروبا الشرقية، والذين يقبلون أجورا أقل، وبالتالى كانوا يحصلون على فرص عمل على حساب البريطانيين.
كما أن التهديدات الأمنية الناجمة عن التدفق الكبير للمهاجرين القادمين من العديد من دول الجوار الأوروبى، ربما كانت دافعا للتصويت إلى جونسون، خاصة بعد حادث الطعن الأخير فى العاصمة لندن، وهو ما أثار هلع المواطنين الذين اتجهوا إلى انتخاب جونسون ذو الأجندة المتشددة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة