سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 ديسمبر 1956.. إيطاليا تقدم الإغراءات للطلاب الصوماليين فى القاهرة للانتقال إلى جامعاتها ومدارسها.. والآباء يحتجون لدى السفير كمال صلاح الدين

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 ديسمبر 1956.. إيطاليا تقدم الإغراءات للطلاب الصوماليين فى القاهرة للانتقال إلى جامعاتها ومدارسها.. والآباء يحتجون لدى السفير كمال صلاح الدين كمال صلاح الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أوصت الأمم المتحدة الدول صاحبة الشأن فى الوصاية على الصومال أن تقدم منحا دراسية لأبناء الصومال لكى يتعلموا خارج بلادهم، نظرا لحاجة البلاد الماسة إلى حملة المؤهلات الفنية العالية، حسبما يذكر الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى كتابه «مؤامرة فى أفريقيا»، مضيفا: «قامت مصر فى هذا السبيل بواجبها فاستضافت فى بلادها ما يقرب من مائتى طالب وطالبة من أهالى الصومال بين المدارس الثانوية والفنية والأزهر والجامعة»، غير أن السفارة الإيطالية فى القاهرة انتبهت لذلك، وبدأت تنشط لمقاومة هذا التوجه بكل قوة، فما السر وراء ذلك؟
 
دارت وقائع القصة عام 1956، وتمت فى أوج الصراع الدولى على الصومال والذى اشتد بعد أن قررت الأمم المتحدة تشكيل مجلس وصاية على الصومال عام 1954 وتكونت من: مصر، كولومبيا، الفلبين»، ومهمته «مراقبة عملية نقل الصومال من مرحلة الوصاية إلى مرحلة الاستقلال، وكانت إيطاليا هى الدولة الوصية لفترة 10 سنوات، تبدأ من عام 1950، وكانت هى فى الأصل تحتل الصومال. 
 
اختارت مصر السفير كمال الدين صلاح، ممثلا لها فى مجلس الوصاية، يؤكد «بهاء الدين» أن «صلاح الدين» وقع فى غرام الصومال منذ أن وصلها، وأمضى وقته يبحث فى كل الوسائل التى تؤدى إلى استقلال الصومال وخروج شعبه إلى الحضارة الحديثة، والحفاظ على هويته.. يؤكد: «وقع كمال الدين صلاح فى حب هذا الشعب الفقير، كما وقع هذا الشعب الصغير فى حبه»..يضيف: «وضع خطة طموحة للصوماليين فى الزراعة والتنمية والتعليم بمساندة كبيرة من جمال عبد الناصر، مما فتح النار عليه من «إنجلترا وإيطاليا» باعتبارهما الاستعمار التقليدى للصومال، ومعهما أمريكا التى بدأت العمل لتواجدها فى منطقة القرن الأفريقى».
 
كانت مسألة تعليم الصوماليين والحفاظ على اللغة العربية كلغة للبلاد من القضايا العميقة التى عملت مصر من أجلها للحفاظ على هوية الصومال الإسلامية والعربية، وفقا لبهاء الدين، فإن «صلاح الدين» خاض معركة هائلة لتحقيق هذا الهدف، ولبت مصر له كل الإمكانيات التى يطلبها، فاستضافت مائتى طالب وطالبة بين المدارس الفنية والثانوية والأزهر والجامعة، غير أن إيطاليا حاربت هذا التوجه باتصال سفارتها فى القاهرة بالطلاب الصوماليين وإغرائهم بالسفر إلى إيطاليا وفرنسا للدراسة.. يؤكد بهاء الدين: «حتى الطالبتان الوحيدتان فى مدرسة حلوان الثانوية لم تفلتا من ضغط السفارة وإغرائها».
 
يذكر«بهاء» فى كتابه نص خطاب أرسله والد أحد الطلبة الصوماليين إلى «صلاح الدين» يؤكد هذه المسألة.. ينص الخطاب: «السيد المحترم مندوب مصر فى المجلس الاستشارى بالصومال.. أنا والد الطالب الصومالى  عبدالحميد محمد حسن، أقدم لسيادتكم طلبى هذا راجيا أن يكون موضع عنايتكم واهتمامكم كما عهدنا بكم دائما.. سيدى الوزير سمعت أن ابنى الذى كان يدرس فى مصر بكلية الحقوق جامعة القاهرة سافر إلى إيطاليا، وإننى أرى أنه أصبح فريسة لإغراءات بعض أصحاب النفوس الشريرة الذين لا يريدون له خيرا.. سيدى الوزير بعد تقديم اعتذارى لهذا التصرف الصبيانى من ابنى، التمس من سيادتكم أن تسعى لدى المسؤولين فى الحكومة المصرية، ألا تسمح له بسحب أوراقه قطعا.. أن يبقى اسمه فى كشوف الطلبة، ويكون طالبا نظاميا حتى يتمكن من أداء الامتحان، وأن يكون اعتذارى مقبولا وذلك لرغبتى الشديدة فى أن يكمل تعليمه فى مصر، وحتى لا تضيع كل مجهوداتى تلك السنوات الطويلة الخمس التى قضاها فى مصر كما أننى كأب أحرص على مستقبله، ولن أسمح له أن يتعلم فى بلد لا يعرف ثقافته ولا يجد الإخلاص والمحبة التى يجدها عند الأساتذة والشعب المصرى، وأتعهد أن أرجعه إلى مصر، وألا يعمل مثل هذا التصرف الصبيانى بعدئذ».
 
 كان هذا الخطاب واحد من خطابات عديدة تلقاها «صلاح الدين» وجميعها تؤكد وفقا لقول بهاء: «كانت الإدارة الإيطالية وحلفاؤها من الإنجليز والفرنسيين حريصة على مطاردة اللغة العربية والثقافة العربية، تريد بذلك أن تجعل الشعب الصومالى نبتا صغيرا ذابلا لا فرعا مورقا فى شجرة ضخمة باسقة».. يضيف: «المسألة لم تكن مسألة مصر وإنما الثقافة العربية واللغة العربية والروح العربية الاستقلالية والدليل، مطاردة القنصلية الإيطالية فى دمشق 16 طالبا كانوا يدرسون فى سوريا، وأرسلت بعضهم إلى أوربا».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة