أيام تاريخية، كما يصفها البعض، تعيشها الولايات المتحدة وهى تشهد جلسات ومناقشات لعزل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من قبل الكونجرس، ليصبح رابع رئيس أمريكى يواجه المساءلة رسميا داخل مجلس النواب، بعد كل أندرو جونسون وبل كلينتون، إلى جانب ريتشارد نيكسون الذى لم تكتمل محاولات عزله بعد تقديمه استقالته.
لكن إذا كانت قائمة الرؤساء الذين واجهوا العزل من قبل مجلس النواب قصيرة، فهناك قائمة أطول للرؤساء الذين واجهوا اتهامات جعلت شبح العزل يلوح أمامهم. ومن بينهم هؤلاء الرئيس جورج بوش الأب الذى واجه اتهامات لقراره التدخل العسكرى بعد غزو العراق للكويت فى عام 1990 ، لكن لحسن حظ بوش، وكما تقول صحيفة نيويورك تايمز، كانت الحرب قصيرة ولم تنجح محاولات عزله، لكنه لم يكن الرئيس الوحيد الذى قلق من إجراءات المساءلة، لأن تلك الإجراءات قد واجهت عددا من أسلافه فى البيت الأبيض.
فقد كان العزل وسيلة ليس فقط للإطاحة برئيس فاسد من الحكم، كما هو منصوص عليه بالدستور الأمريكى، وهو الهدف الذى لم يتحقق أبدا. فجونسون وكلينتون تم عزلهما من قلب مجلس النواب، لكن تمت تبرئتهما بعد محاكمة مجلس الشيوخ، بينما استقال نيكسون قبل إمكانية تصويت مجلس النواب بشكل كامل، وكان العزل أداة ردع، عاقبة كان على الرؤساء أن يأخذونها فى الحسبان أثناء اتخاذهم القرارات التى تدخل المناطق المثيرة للجدل.
وقد واجه الرؤساء اتهامات بارتكاب جرائم ومخالفات كبرى لسوء السلوك أو لاختيارات سياسية مثيرة للجدل، وتم استهدافهم بالعزل لانتهاك سلطتهم وحجب معلومات عن الكونجرس وتقديم قيادة معنوية سيئة. وتم تهديدهم بالإطاحة لانتهاكهم قرارات القضاء والدستور وحتى ميثاق الأمم المتحدة.
فإلى جانب جونسون ونيكسون وكلينتون والآن ترامب، قام أعضاء الكونجرس بتقديم قرارات عزل رسمية ضد سبعة رؤساء آخرين على الأقل، مما يعنى أن واحدا من كل أربعة رؤساء دخلوا البيت الأبيض واجه واحدا اتهامات للجرائم والمخالفات الكبرى، بينما تم تهديد آخرين، وفى أغلب الأحيان، لم تكن تلك المحاولات تمثل خطرا حقيقيا، لكن مثلما كان الحال مع بوش كان يمكن أن تؤثر عليهم.
كانت أول محاولة رسمية لعزل رئيس فى عام 1843 عندما قدم عضو بمجلس النواب قرارا يطالب بالتحقيق مع الرئيس جون تيلر بتهم إساءة استخدام سلطة الفيتو، بعدما رفض مشروعين قوانين للتعريفات حظيا بتأييد حزبه، وكان تيلر أول نائب رئيس يتولى منصب الرئيس بعد وفاة ويليام هنرى هاريسون بعد شهر من فترته، ولم يكن يحظى بتأييد قوى داخل أى حزب.
ومن الرؤساء الذين واجهوا تهديدات بالعزل أيضا جيمس بوك بعد أن دخل فى حرب مع المكسيسك بأسباب مضللة، وقد أثار خصومه احتمال العزل، وعقدت جلسات لعزل الرئيس جيمس بيوكانان الذى يعتبر أسوا من تولى الرئاسة الأمريكية، وتحدث المعارضون عن عزل الرئيس يوليسس جرانت فى ظل مزاعم فساد واجهته إدارته، وحتى الرئيس الذى يحظى بقدسية لدى الأمريكيين، إبراهام لينكولن، تم تحذيره من قبل مستشار بعد أسابيع من توليه الرئاسة بانه قد يواجه العزل لو تخلى عن حصن سمتر الذى يقع فى كارولينا الجنوبية.
الرئيس أندرو جونسون الذى تم عزله من قبل مجلس النواب فى عام 1868، واجه قبل هذا محاولات سابقة لعزله باتهامات أخرى، لكن رغم إقرار العزل تم تبرئته فى محاكمة مجلس الشيوخ بفارق صوت واحد، وفى عام 1896، تقدم عضو بالكونجرس بقرار لعزل الرئيس جروفر كليفلاند فى نزاع حول بيع الأسهم. كما واجه الرئيس جيربت هوفر أثناء فترة الكساد العظيم قرار العزل بسبب ارتفاع معدلات البطالة والضرائب.
وفى إبريل عام 1952، ناقش مجلس النواب عزل الرئيس هارى ترومان لمدة 3 أيام متتالية بعدما استولى على مصانع الصلب فى البلاد لإحباط إضراب العمال خلال الحرب الكورية.
وتم تهديد رونالد ريجان بالعزل مرتين أيضا ، حيث قدم ثمانية أعضاء بمجلس النواب قرار لعزله عام 1983 بعد غزوه لجريندا. وبعد أربع سنوات، واجه العزل مجددا إثر فضيحة إيران كونترا. وحتى الرئيس باراك أوباما، تحدث الجمهوريون عن عزله مرارا بسبب كل شىء بدءا من هجوم بنغازى وحتى تفيره فى توجيه ضربة لسوريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة