كانت مهنة المنجد البلدى قديمًا من أهم المهن التى عرفت فى تاريخ محافظة الغربية والمحافظات المختلفة، فقبل انتشار تكنولوجيا صناعة الوسائد والمراتب والبطانيات والفرش، لم يكن فى المنزل سوى اللحاف كوسيلة للتدفئة والوقاية من برد الشتاء، وكانت هذه المهنة تدخل فى مستلزمات تأسيس كل منزل جديد، فقديمًا كان يخصص عدة أيام قبل الزفاف لكى يأتى المنجد ويقوم بتجهيز الفرش واللحف والمخدات، كما أن أغلب الناس كانوا يجددون ما لديهم من مفروشات فيستدعون المنجد إلى المنزل.
التقى "اليوم السابع" بكر الفخرانى أحد أقدم وأهم المنجدين على مستوى محافظة الغربية والمحافظات المجاورة، يعمل فى هذه المهنة منذ أكثر من 50 عامًا ورثها "أبا عن جد" لم يعرفوا منذ أن أتوا إلى هذه الدنيا مهنة غيرها، تخرج من تحت يده المئات من أصحاب تلك المهنة، إلا أنه لم يستطع تعليم أولاده نظرًا لتطور الحياة وبدء اندثار المهنة، وبالرغم من كبر سنه لم يستطع ترك المهنة التى يعشق العمل بها .
وقال بكر: تعلمت المهنة من والدى فكنت دائم العمل معه منذ الصغر، وكان مهنة المنجد هى "مهنة السعادة" كما يطلقون عليها أهالى محافظة الغربية، بحيث كان المنجد يذهب إلى منزل العروس قبل الفرح بقرابة ثلاث أيام لتنجيد المراتب والمفروشات، وكان يقام حفل غنائى طوال اليوم ولذلك سميت بهذا الاسم .
وأضاف: عملت فى هذه المهنة وتركت دراستى وأصبحت قادرا على جنى المال من عملى فأحببتها أكثر وأكثر، وتزوجت وكانت قديمًا مهنة المنجد من أهم المهن وأكثرها التى تجنى مالا وفيرا، ومنذ الصغر وحتى الآن لم أترك تلك المهنة بالرغم من اندثارها بسبب شركات الفايبر التى تنتج المراتب والمفروشات الحديثة .
وأوضح: أنه لا شىء يعلو عن التنجيد البلدى القديم والمراتب القطن، لأن القطن صحى ولا ينقل الأمراض، كما أنه يقوم بعلاج الظهر من الغضروف وغيره، ولذلك ينصح به الأطباء، وهذا بعكس المراتب الفايبر الحديثة غير الصحية تمامًا نظرًا لأنها ليست مصنوعة من خامات القطن .
وعن طريقة ومراحل التنجيد البلدى، قال بكر إن أول مرحلة لتنجيد المرتبة هى تنفيض القطن من خلال الماكينة، التى استحدثت، حيث كان مسبقاً يتم التنفيض من خلال عصا رغم أنها آمنة إلا أنها تستهلك الكثير من الوقت والجهد بخلاف ماكينة التنفيض الحديثة.
وأضاف، تأتى بعد ذلك مرحلة الخياطة، والتى يقوم خلالها بتخييط القماش الأبيض الخام لتعبئة القطن بداخله، وهنا لابد من التعبئة الجيدة، ثم غلق المرتبة يدويا باستخدام الإبرة، ثم يقوم بعمل 12 تغريزة فى الوسط للمحافظة على توزيع القطن بكافة المرتبة وفى هذه المرحلة أقوم بالضغط بشدة "بكوع اليد" بواسطة المسلة وخيط الصياد، ثم تلبيس المرتبة القماش الذى يعطى لها مظهرا جميلا.
وأشار إلى أن منذ أشهر بسيطة وبدء الأهالى فى الرجوع إلى التنجيد القطنى مرة أخرى، نظرا لتكرار الشكاوى والعيوب من المراتب الفايبر والمنتجات الحديثة، موضحا أن رجوع زراعة القطن من جديد ساعد كثيرا فى ظهور المهنة مرة أخرى، متمنيا عودة القطن المصرى من جديد لأنه من أهم الزراعات التى توجد فى مصر منذ قديم العصور.
وأضاف أنه قام بتعليم المئات من أبناء مدينة زفتى والقرى المجاورة فى هذة المهنة ليصبحوا أصحاب لها فى قراهم، مشيرا ان يأتى إليه الأهالى من محافظات مختلفة نظرا لجودته فى تنجيد المراتب والمفروشات القطنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة