عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصرى مساء أمس، ندوة بعنوان: "الإحياء العمرانى للقاهرة التاريخية"، نظمتها لجنة العمارة بالمجلس ومقررتها الدكتورة دليلة الكردانى؛ حيث جاءت الندوة لعرض حيثيات مشروع إدارة موقع التراث العالمى للقاهرة التاريخية التابع لليونسكو، والقائم عليه مركز هندسة الآثار والبيئة التابع لكلية الهندسة جامعة القاهرة، وقد أدار النقاش الباحث الرئيسى ومدير عام المشروع الدكتور أحمد صلاح عوف، رئيس قسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة جامعة القاهرة.
جانب من الندوة
وأشار الدكتور سعيد المصرى فى كلمته التى جاءت فى بداية الندوة، إلى سعادته الجمة بعقد هذه الفاعلية الثقافية، التى تؤكد أهمية التراث بكل أنواعه سواء كان مادى أو غير ذلك، ثم أشاد بالجهود المبذولة للجنة العمارة بالمجلس وفق رؤيتها الاستراتيجية الجلية التى دفعتها للعمل على تنظيم هذه الفاعلية، والتى جاءت كذلك فى إطار جهود وزارة الثقافة المصرية للاهتمام بالهُوية المصرية والتراث الثقافى اللا مادى والحفاظ عليه، وقبل أن يُنهى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور سعيد المصرى كلمته، وجه الشكر للمشاركات والمشاركين بالفاعلية وللجنة العمارة ومقررتها الدكتورة دليلة الكردانى والحضور أجمع، آملًا أن تستمر لجان المجلس فى تنظيم مثل تلك الفعاليات التنويرية التى تؤكد الاهتمام بالتراث المصرى بكل أنواعه وما إلى ذلك، سواء كانت ندوات أو مؤتمرات أو ورش عمل، خاصة وأن ورش العمل تمتاز عن الندوات فى هذا الإطار كونها تُنتج توصيات ولا تكون مناقشة فى العموم، وهذا ما تحتاجه قضايا ثقافية عدة، من أهمها قضية الحفاظ على التراث.
وتقدم الندوة ملخص عن أعمال مشروع الإحياء العمرانى للقاهرة التاريخية فى المرحلتين الأولى والثانية للمشروع خلال عام 2018، المشروع يهدف إلى إعداد خطة تنمية متكاملة ومستدامة للقاهرة التاريخية وإعداد خطة إدارة مناسبة لها كمعلم تراثى عالمى حسب توصيات لجنة التراث العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو.
ثم تحدث الدكتور أحمد صلاح عوف، الذى تناول الحرف والصناعات الموجودة بالقاهرة التاريخية، وقام بتحديد مواقع تواجدها مستخدمًا عدة خرائط، وتابع فى الشرح التفصيلى متناولًا توزيعها الجغرافى على مستوى الشياخات والمناطق، ومن هنا أوضح أهمية الربط بين تلك التوزيعات والبرامج السياحية المقترحة لكل منطقة، وأيضًا أشار إلى ما يمكن أن تقدمه تلك الحرف والصناعات من دعم للتنمية المستدامة، وذلك بناءً على خصائص وإمكانات كل منها، وأشار إلى ضرورة التغلب على المشاكل والمعوقات التى تواجه الحرف والصناعات اليدوية، وأكد على دراسة الأسواق الشعبية من قبل فرق بحثية متخصصة، قامت بمسح شمل كل الممارسات التجارية بمناطق القاهرة التاريخية المختلفة، التى تُعد أساس الاقتصاد المحلى بها، كونها تجذب الكثير من العمالة المدربة وغير المدربة على حدٍ سواء، وتقدم جميع المنتجات والاحتياجات؛ ولذاك تستطيع أن تجذب فئات المجتمع باختلافها، خاصة الطبقات الدنيا والمتوسطة بتدرجها، حيث تتخلل الأسواق الشعبية بالنسيج العمرانى للقاهرة التاريخية بشكل مميز.
جانب من الندوة
ثم قالت الدكتورة سهير لطفى أستاذة الاجتماع بجامعة القاهرة، إنها ساهمت فى المشروع بدراسة تسعى من خلالها لوضع نموذج فاعل لتنمية مستدامة للقاهرة التاريخية، بحيث أن يكون الاسترشاد بأهداف التنمية المستدامة لتحقيق عناصر عدة مثل: القضاء على الفقر، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التعليم النوعى المناسب لاحتياجات البشر، وضمان وجود أنماط انتاج واستهلاك مستدامة، وتفعيل التنمية الاقتصادية، وتشجيع إقامة مجتمعات شاملة لا يُهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وجعل المدن شاملة للجميع وآمنة وقادرة على مواجهة الأزمات.
كما تطرقت الدكتورة سهير لطفى، إلى رؤية دراستها للوصول إلى التنمية المستدامة، والتى أكدت من خلالها أن تحقيق التنمية المستدامة مبنى على وجود عنصرين أساسيين، أولهما يتمثل فى الأطراف المعنية بتوظيف إمكانياتها فى برامج التنمية المستدامة؛ والمقصود بذلك: الأطراف الحكومية، والغير حكومية، والمبادرات الفردية، والدولية، أما العنصر الثانى فينحصر فى أن قدرة مواطن القاهرة التاريخية فى توظيف مهاراته، بمعنى أن يكون قادر على الوفاء باحتياجاته، وعلى مواجهة المخاطر، لكى يصبح بذلك هو الشريك الرئيسى فى تحقيق التنمية المستدامة وصنع القرار.
وأشار الدكتور محمود عبد الباسط إلى أن القاهرة التاريخية تعد واحدة ضمن أهم المدن التراثية القديمة فى العالم أجمع، وقد تم وضعها ضمن قائمة مواقع التراث العالمى باليونسكو منذ أربعين عامًا، كونها غنية بآثارها المعمارية والفنية التى تعود إلى ما بين العصر الرومانى وعصر مصر الحديثة أو أسرة محمد على، واستكمالًا للمرحلتين الأولى والثانية من ذلك المشروع تقوم الإدارة العامة للقاهرة التاريخية حاليًا بالتنسيق مع مركز هندسة الآثار والبيئة بتدشين المرحلة الثالثة من المشروع بإعداد دراسات تخصصية شاملة لمدينة القاهرة التاريخية ووضع خطة إدارة متكاملة لموقع القاهرة التاريخية. كما تقوم إدارة مشروع تطوير القاهرة التاريخية بمشروعات الحفظ والترميم والحفائر وإعادة تأهيل وتوظيف المبانى الأثرية مثلما فى مشروعات السور الشمالى والشرقى، ووكالة قايتباى وقبة الإمام الشافعى، والبيمارستان المؤيدى، ومقعد ماماى السيفى، والجامع الأزهر، ومشيخة الأزهر، وهو ما يتم بالتوازى مع مشروعات التطوير الحضرى والحفاظ العمرانى لشوارع القاهرة القديمة كشوارع: المعز، والجمالية، والغورية، وباب الوزير، وسوق السلاح، ومنطقة الخليفة.
جانب من الندوة
فيما تمحورت كلمة الدكتورة منى حجاج الأستاذة بكلية السياحة بجامعة حلوان، حول أهمية دراسة التنشيط السياحى ومراعاة هذا الجانب بالخطط التسويقية والإعلامية التى يتم فيها جمع البيانات عن أعداد الزائرين والسائحين الذين يقصدوها، وأوضحت أن القاهرة التاريخية فى احتياج لتطوير كبير يشمل جميع الخدمات السياحية، حيث إنها تعد غير مؤهلة لاستقبال السائحين.
وتابعت الدكتورة منى حجاج أن الأفواج السياحية التى تقصد مناطق القاهرة التاريخية تفتقد لوجود الخدمات اللوجيستية الكافية، التى يضمن وجودها تيسير الجولة السياحية بشكل كبير، ثم واصلت مؤكدة أن أهم تلك الخدمات المفتقد تواجدها بالقاهرة التاريخية تتمثل فى عدم وجود دورات المياة العامة، بجانب عدم توفير ماكينات الصراف الآلى أيضًا، وشددت على أن أبرز السلبيات تتمثل فى انتشار المتسولين بأعداد متزايدة، بجانب الباعة الجائلين الذين يتسم توافدهم على السائحين بعدم النظام، وحذرت كذلك من إغلاق العديد من المنشآت الأثرية، وأيضًا من انتشار الأسواق العشوائية المتاخمة للمواقع الأثرية المختلفة بمناطق القاهرة التاريخية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة