أحلم ياوالدى عندما أكبر أن أصبح إعلامية، أمارس فنون الإعلام بكل أنواعه، سأعمل بالصحافة، فأنا أمتلك مهارة الكتابة، لا ياوالدى، بل سأقدم برنامج تلفزيونى، فلدي حسن الإلقاء وإدارة الحوار، حسنا.. سأعمل فى كليهما، فحياتى سأكرسها للإعلام، هذه أمنيتى التى سأعمل على تحقيقها، أحب الدراسة، أحب أصدقائى، أحب عائلتى، أحب الحياة جميعها، سأقاتل لأنال السعادة، فتلك هى غايتى ياوالدى الحبيب"
تلك الأمنية كانت للطفلة "جنى" ذات العشر سنوات، ترويها لوالدها دائما، فهى صغيرته المدللة، التى تحظى برعاية خاصة واهتمام من جانب والديها، إلا أن تلك الأحلام بالنسبة للصغيرة لم تكتمل، لم تتحقق أمنيتها، أصابها طلق نارى من فرد خرطوش أطلقه أحدهم خلال مشاجرة بالشارع الذى تقيم به، سمعت الطفلة صوت شجار، أسرعت مثل عادة الأطفال للمشاهدة بصحبة شقيقتها، إلا أن أحد المتشاجرين قرر إشهار سلاحه النارى الخرطوش، أمسكه بيده ورفع يده لأعلى، ثم أطلق رصاصته، سقطت "جنى" غارقة فى دماءها ببلكونة الشقة، أسرعت شقيقتها إلى والدها تستنجد به، خطوات معدودة وسريعة وصل بها والدها إليها، حملها بين يديه، دمائها الطاهرة لطخت ملابسه، تأكد أن الأمر ليس بهين، نقلها إلى إحدى المستشفيات الحكومية القريبة، إلا أن الأطباء أخبروه، لا توجد إمكانيات طبية، ابحث عن مستشفى أخرى، أسرع إلى مستشفى قصر العينى، وضعوها عل الأجهزة، وأجروا لها اشعة مقطعية على رأسها، ليخبره الطبيب، رش خرطوش اخترق مخها، ورش اخر بعينها، يتطلب الأمر سرير بغرفة عناية مركزة، إلا أن المستشفى الكبير لا يتوافر بها مكان للطفلة الأن، طلبوا منه مرة أخرى البحث عن غرفة عناية بمستشفى اخر، أسرع الأب لنجدة ابنته، لا يعرف واجهة محددة، المقربين منه أجروا عدة اتصالات بالمستشفيات، حتى توصل إلى سرير عناية مركزة بمستشفى المطرية التعليمى، أحد الأطباء صدمه بقوله "ابنتك ستموت لا محالة"، تم ايداعها على الأجهزة الطبية، ما زالت الطفلة فاقدة الوعى، حالتها الصحية حرجة، لم تمر أيام على إيداعها بالمستشفى حتى فارقت الحياة، توقفت الأجهزة عن العمل، تسلم الأب طفلته بلا حركة، حملها وكفنها ثم دفنها، ودفن معها أحلامها، كانت اخر كلماتها معه " أحب الحياة ياوالدى الحبيب".
"محمد دسوقى " والد الطفلة تحدث لـ" اليوم السابع" فقال " كنت أعمل محاسب، إلا أننى الآن بسن المعاش، لدى من الأبناء 3 فتيات أصغرهم كانت "جنى" طفلة متفوقة دراسيا ذات أحلام تكبر سنها، كانت تحلم بالعمل فى مجال الإعلام، تمارس هواية الرسم بالمدرسة، وحصلت على العديد من شهادات التقدير من مدرستها، اعتادت الحصول على الدرجات النهائية فى الامتحانات.
علاقتنا محدودة بسكان الشارع الذى نقيم به، عايشين فى حالنا، يوم الحادث منذ أيام سمعت "جنى " صوت مشاجرة بالشارع بين عدد من الأشخاص لا تربطنا بهم أى علاقة، لا نعرف هويتهم، أسرعت إلى البلكونة لاستكشاف الأمر بصحبة شقيقتها، اتضح فى ما بعد أن المشاجرة كانت بسبب الخلاف على المواد المخدرة، خلال الاشتباك أشهر أحد المتشاجرين فرد خرطوش وأطلق عيار نارى، الطلق الخرطوش أصاب ابنتى برأسها ووجها، فوجئت باستغاثة ابنتى الثانية بإصابة "جنى" نقلتها إلى مستشفى الموظفين بإمبابة، إلا أن الأطباء أخبرونى أنها تحتاج لاشعة مقطعية، وأن الجهاز غير موجود بالمستشفى، فنقلتها إلى مستشفى قصر العينى، حيث أجرى الأطباء لها الاشعة المقطعية، واتضح أن الرش الخرطوش أصابها بالمخ والعين، وحالتها الصحية تحتاج إلى العناية المركزة، إلا أن المستشفى غير متاح بها سرير خالى لحالتها.
يتابع والد الطفلة حديثه " بدأ أفراد اسرتى وأصدقائى يبحثون عن سرير بالعناية المركزة بالمستشفيات الحكومية والخاصة، وبعد مرور بعض الوقت، عثرنا على سرير بمستشفى المطرية التعليمى، تم حجزها بقسم الباطنة بالرغم أن حالتها تستدعى حجزها بقسم المخ والأعصاب، وبعد مرور بعض الوقت تم نقلها لقسم المخ والأعصاب، وخلال حجزها بالمستشفى أخبرنى طبيب أنها ستموت، كانت كلماته قاسية على أذنى، لم أتوقع أن طبيب مهمته مداواة البشر يتلفظ بتلك الكلمات لشخص فى حالتى، تم إيداعها خلال فترة احتجازها بالمستشفى على جهاز تنفس، حتى تدهورت حالتها الصحية وفارقت الحياة"
يقول والد الضحية" قبل نقل ابنتى إلى مستشفى المطرية، توجهت إلى قسم شرطة الوراق، وتقابلت مع الرائد هانى مندور رئيس مباحث القسم، ومعاونه الرائد حسين صبرى، أخبرتهم بالأمر، فساعدانى وأكدا لى أن حقى ابنتى لن يضيع، وتمكنوا من ضبط المتهمين بالمشاجرة، والمتهم بإطلاق النار على ابنتى، كما ساعدنى رجال النيابة فى إنهاء الإجراءات الخاصة بدفن ابنتى، أدوا واجبهم كاملا، يستحقون التقدير وأوجه لهم الشكر على مساعدتهم لى.
22019268381254-شهادة-تقدير-للطفلة-جنى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة