عرف عن المصريين القدماء تقديسهم لعدد من الحيوانات، أبرزها "البقرة.. حتحور" التى احتلت مكانة فريدة متميزة داخل العبادة المصرية القديمة، كما قدسوا التمساح وأبو منجل والجعران، لكن، وسط كل ذلك، كانت هناك حيوانات أخرى احتلت مكانة فى حياتهم لا يعرفها الكثير، وخلال السطور المقبلة نستعرض أغرب الحيوانات التى قدسها المصرى القديم.
فى كتاب "المعبودات المصرية" الصادر عن المركز القومى للترجمة، ضمن سلسلة الأفكار الكبرى للشباب، سلط الضوء على الحيوانات التى قدسها المصريون القدماء، حيث ذكر الكتاب أن الميل الطبيعى للبحث عن المقدسات فى عالم الحيوان منتشر على نطاق واسع جدًا فى الثقافات العالمية، وقد برع المصريون القدماء بشدة فى تكوين مجموعة من هذه الرموز الحيوانية المقدسة.
وواجه المصريون القدماء عددًا كبيرًا من الحيوانات المتنوعة لأن الظروف الجغرافية والطبوغرافية لهذا العصر ضاعفت من المدى الجفرافى وبالتالى من أنواع الحيوانات، ومن ناحية أخرى فإن قدراتهم غير العادية على الملاحظة الحادة قد سمحت لهم بتصنيف الحيوانات وفقًا للمظهر والسلوك وبالتالى السمات التى لها قيمة كبيرة فى المعتقدات الدينية، حتى أقل الحيوانات شأنا يمكن أن يحمل سمه مقدسة.
ومن الحيوانات المثيرة للدهشة وقدسها المصريون القدماء، "الخنفساء"، ويقول مؤلف الكتاب: الخنفساء صغيرة وتنتمى إلى فصيلة الحشرات المعروفة فى فرنسا باسم "النطاطة" ويمكن أن نمر بجوارها مائة مرة ولا نلاحظها، إلا أن المصريين القدماء قد قاموا بالربط بينها وبين واحدة من أشهر الإلهات عندهم وهى الربة نيت.
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو لماذا كل هذا التبجيل؟، وللإجابة عن هذا السؤال قال باسكال فيرنوس، لأن الخنفساء تقفز مع إصدار صوت النقر لتهرب من مياه الفيضان أو لتعتدل رأسيًا عندما تسقط على ظهرها، وقد تبين المصريون القدماء فى هذا السلوك نفس القوة التى احتاجتها الربة لتخرج من مياه المحيط الأزلى عند بداية الخلق".
كما كانت هناك حشرات وحيوانات أخرى لها قيمة فى العديد من العقائد، حتى حشرة "الحريش" التى تزحف فى الزوايا الرطبة والمظلة قد اعتبرت نموذجًا مثاليًا للحيوية الكامنة فى قلب الموت وتحت اسم سبا وارتبطت بأوزوريس.
أما حالة عقرب الماء فهى غريبة فى الواقع، حيث إن هذا الحيوان المائى يمتلك جهاز تنفس استثنائى يسمح له بتنفس الهواء من على سطح الماء وهو ما أعطاه قيمه لكى تتجسد فى صورته إحدى الربات باسم "سرقت" الذى يعنى "هى التى تجعل الحناجر تتنفس"، وارتباط الربة بالعقرب المعتاد يبدو ملائما جدًا حيث إنه لا يشبه فقط عقرب الماء فى الشكل ولكنه أيضًا لدغته تتسبب فى حدوث شعور فظيع بالاختناق.
ولأن الضفدعة تقفز خارج المياه فقد كانت الصورة المقدسة للإلهة "حقت" التى كانت من إلهات الحاميات لعملية الولادة بمعنى خروج مولود جديد من السائل الذى يملأ الغشاء المحيط به، وبمعنى أكثر شمولاً فهى تنقل جزءًا من قوى التوالد التى تؤكد تجدد عنصر الحيوية بعد تلاشيه واختفائه، ويعنى الاسم الهيروغليفى لهذا الحيوان البرمائى "هذا الذى تُجدد به الحياة".
وذكر كتاب "المعبودات المصرية"، أن المصريين القدماء أسسوا نوعًا من الفئة العليا للكلبيات وضعوا فيه نوعين من ابن آوى كان لأحدهما بنية جسم الذئب القوية، فى حين كان الآخر أكثر ضعفًا وأضافوا إليها الكلاب المتوحشة والثعالب، وهكذا تجسد الربان أنوبيس فى شكل كل هذه الحيوانات التى تنتمى إلى الفصيلة الكلبية.