محمود عبدالراضى

الجرائم الضاحكة

الجمعة، 15 مارس 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صفحات الحوادث بالصحف، الأكثر قراءة وعناية من القارئ، خاصة تلك الصفحات التى تحتوى على قصص وتفاصيل حول جرائم غريبة وملفتة للانتباه، ومن ثم يحرص صحفى الحوادث دوماً على جمع أكبر قدر من المعلومات والتفاصيل عن الجريمة التى يقدمها للقارئ، ووسط هذه التفاصيل لا يخلو المشهد من الفكاهة أحياناً.

"مجرمون..لكن ظرفاء" أحياناً تنطبق هذه المقولة على كثير من المتهمين فى بعض القضايا، وربما يتم تصنيف بعض الوقائع على أنها "جريمة ضاحكة".

وباعتبارى أحد محررو صفحات الحوادث، حاورت ـ خلال السنوات الماضية ـ عشرات المتهمين، ووقفت على تفاصيل مثيرة ومضحكة فى بعض الجرائم، التى ينطبق عليها مقولة "هم يِضحك..وهم يبكى".

التقيت ـ قبل عدة سنوات من الآن ـ متهماً قتل زوجته بكرداسة شمال الجيزة، تحدثت معه لعدة ساعات عن تفاصيل الجريمة وملابساتها، أكد لى بكل وضوح أنه تعرف عليها فى "شقة دعارة" وتحدث معها وأعجب بها، وطلب منها الزواج شريطة الالتزام وعدم العودة للأفعال منافية الآداب، فلم يمر سوى بضعة أشهر على زواجهما وعادت لهوايتها المفضلة، فاستضافت الشباب على فراش الزوجية، فقتلها ثم أبدى ندمه على مستقبله، قائلاً، "أنا اللى غلطان.. هو أنا تعرفت عليها فى جامع يعنى!!.

الزوج صاحب الدُعابة لم تختلف قصته كثيراً عن المتهم بقتل عشيق زوجته فى أبو النمرس، والذى سرد لى ـ وقتها ـ كيفية اكتشافه للجريمة، حيث عاد فجأة للشقة من السفر وطرق الباب عدة مرات، تأخرت زوجته فى فتح الباب، وارتبكت لحضوره المفاجئ، وبالرغم من ذلك لم يشك لحظة فى استضافتها عشيقها حتى خلد للنوم برفقتها، لكنه شعر بصوت "هزاز" أسفل السرير، فتخيل أنه "فأر" لكنه وجد العشيق، حيث حول هاتفه للوضع "صامت" ونسى الـ " vibration"، فقتله الزوج.

وهناك فى الجنوب بصعيد مصر استنفد سائق تاكسى بالمنيا صبره بعدما سرق اللص بطارية السيارة عدة مرات، فقرر الانتقام منه، حيث وصل البطارية بسلك كهرباء "عريان"، وما إن حضر اللص وأمسك به مات صعقاً بالكهرباء.

وعلى طريقة "روميو وجوليت" وقعت جريمة القتل الأشهر بسوهاج، بعد قصة حب كبيرة بين "خلف ونعمة"، حيث قادت الخلافات الزوجية الرجل لإطلاق رصاصة فى جسد زوجته، ثم كتب لها خطاباً يتغزل فيها ويصفها بحبيبة قلبه، مستهلاً الخطاب بعبارة "ناوينا الانتحار"، فكما عشنا سوياً قررنا نموت سوياً، لإبعاد الشبهة عنه بعد وفاته، ثم يطلق رصاصة على نفسه ويقع قتيلاً بجوار جثة زوجته وبينهما "خطاب الحب".

إذا فتشت فى تفاصيل الجرائم، وتحدثت مع الجانى بعد هدوئه، تكتشف أنه شخص عادى، ارتكب جريمته فى لحظة شيطان، هذه اللحظة هى التى تفرق بين القاتل وبيننا ـ أنا وأنت ـ فربما كنا مكانه الآن فى السجن، لكننا مرت علينا هذه اللحظات وتماسكنا فيها، فلم نضعف ولم نستلزم لوسوسة الشيطان، مرت كل الأمور برداً وسلاماً، وعندما هدأت الأجواء حولنا، رددنا كلمات الحمد والثناء، أننا لم ننساق وراء الشيطان ونقتل أو نخرب، لأسباب قد تكون تافهة، بسبب مشاجرة أو خلاف فى وجهات النظر، فالشدة ليست بالصرعة بقدر التحكم فى النفس عند الغضب.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة