ما أكثر الكتب التى تتناول نهاية العالم، أو ما تعرفه الكتب التراثية باسم معركة "هرمجدون" التى يكون أطرافها المسيح فى عودته المنتظرة ضد المسيخ الدجال فى "زعمه وافترائه" .. لكن الملاحظ أن الشيطان يكاد يغيب عن هذه المعركة، فأين يذهب إبليس عندما يشتعل العالم؟
يروى الدكتور عبد الوهاب المسيرى، فى موسوعته "اليهود واليهودية" أن مدينة هرمجدون تقع قرب جبال ذات أهمية استراتيجية وهذا ما يجعل المدينة حلبة للكثير من المعارك العسكرية فى العالم القديم، وهذا هو المكان الذى ستجرى فيه المعركة الفاصلة والنهائية بين ملوك الأرض تحت قيادة الشيطان ضد قوى الخير التابعة للإله، وذلك فى نهاية التاريخ وسيشترك فيها المسيخ الدجال الذى سيكون طرفا فى النزاع لصالح اليهود ولكن سيكتب النصر لقوى الخير ويحكم المسيح العالم لمدة ألف سنة ثم يتنصر اليهود وهذا هو شرط الخلاص ونهاية العالم.
المسيخ الدجال فى العقيدة التوراتية هو ابن الشيطان، وهو ابن امرأة يهودية من قبيلة دان بسوريا استنادا إلى رواية يعقوب ونبوءة يوحنا فى الإصحاح السابع، وسيظهر هذا الدجال فى فى نهاية العالم، وهو العدو اللدود للمسيح.
فى المسيحية
أشهر كتاب فى ذلك الشأن هو كتاب رؤيا يوحنا الذى كتب فى القرن الأول الميلادى، ويروى قصة حرب وشيكة مع الدجال، عدو المسيح، والتفسير الأساسى يقول، إن المسيح سيرجع ليدين الأحياء والأموات، الأبرار ينالون الخلاص والخطاة ينالون العقاب، وستقوم معركة بين أتباعه وأتباع الدجَال "هرمجدون"، وسيعم السلام بعدها، وستعيش البشرية فى ملكوت الله، منهم من يقول لمدة أربعين سنة، ومنهم من يقول ألف سنة، ويأتى يوم الحساب بعدها وتقوم القيامة.
بعد وقوع هذه الملحمة وانتصار المسيح وأتباعه المؤمنين سيتم القبض على الشيطان وتقييده فى آخر الزمان حتى لا يكون له سلطان على أتباع المسيح المنتصرين؛ وهو ما نقرؤه فى رؤيا يوحنا: «وَرَأَيْتُ مَلاَكًا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِى هُوَ إِبْلِيسُ وَالشّيطان، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَطَرَحَهُ فِى الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَى لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِى مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا».
فى الإسلام
يؤمن المسلمون بظهور المهدى المنتظر الذى يخرج آخر الزمان، وهو من أبناء الرسول محمد، ويقول أهل السَنة إنه لم يولد بعد، بينما يقول الشيعة إنه ولد وغاب، ويكون هذا الظهور مقدمة لنهاية العالم بعد أن يحكم بالقرآن والسنة النبوية، ويهزم أتباع الشيطان والشر الكافرين وينشر حكمه على الأرض، بالقسط والعدل، فيحقق الوجود رسالته، وتقوم القيامة وينتهى العالم.
موت إبليس
من الأمور التى يهتم بها المسلمون ويسألون عنها"كيف يموت الشيطان؟" وهناك أحاديث صحيحة وأخرى غيرؤ ذلك، ومما صححه العلماء قول ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله: قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قال: أراد إبليس أن لا يذوق الموت، فقيل: قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ* إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ. قال: النفخة الأولى يموت فيها إبليس، وبين النفخة والنفخة أربعون سنة، قال: فيموت إبليس أربعين سنة. انتهى.
ومن الأحاديث المشكوك فى صحتها:
ما قاله أحنف بن قيس حيث قال "قدمت المدينة وأنا أريد عمر بن الخطاب، أنا بحلقة عظيمة، فإذا بكعب الأحبار يحدث الناس، ويقول "لما حضر آدم قال: يا رب سيشمت بى عدوى إذا رآنى ميتا، وهو منظر إلى الوقت المعلوم، فقيل له : يا آدم إنك ترد الجنة، ويؤخر الملعون إلى النظرة، ليذوق بعدد الأولين والآخرين ألم الموت، ثم قال آدم عليه الصلاة والسلام لملك الموت: صف لى كيف تذيقه الموت، فلما وصفه قال آدم : رب حسبى حسبى، فضج الناس، وقالوا : يا أبا إسحاق يرحمك الله حدثنا كيف يذوق الموت، فأبى أن يقول : فألحوا عليه، فقال : إنه إذا كان آخر الدنيا وقربت النفخة فإذا الناس قيام فى أسواقهم وهم يتخاصمون ويتجرون ويتحدثون إذا هم بهدة عظيمة يصعق فيها نصف الخلائق، فلا يفيقون منها مقدار ثلاثة أيام، والنصف الباقى من الناس تذهل عقولهم فيبقون مدهشين، قياما على أرجلهم كالغنم الفزعة حين ترى سبعا، فبينما الناس فى هذا الهول إذا هم بهدة بين السماء والأرض غليظة كصوت الرعد القاصف، فلا يبقى على ظهرها أحد إلا مات فتفنى الدنيا ولا يبقى آدمى، ولا جنى، ولا شيطان، ولا وحش، ولا دابة، فهذه النظرة المعلومة التى كانت بين الله تعالى، وبين إبليس، ثم يقول الله عز وجل لملك الموت : إنى خلقت لك بعدد الأولين والآخرين أعوانا وجعلت فيك قوة أهل السموات وأهل الأرض، وإنى ألبسك اليوم أثواب الغضب والسخط كلها الموت مرارة الأولين والآخرين من الجن والإنس أضعافا مضاعفة، وليكن معك من الزبانية سبعون ألف ملك قد امتلأوا غيظا وغضبا، وليكن مع كل زبانية سلسلة من سلاسل لظى، وانزع روحه المنتن بسبعين ألف كلابة من كلاليب لظى وناد مالكا ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليه أهل السموات السبع والأرضين السبع لذابوا كلهم من هول رؤية ملك الموت، فإذا انتهى إلى إبليس وزجره زجرة إذ هو صعق منها، ونخر نخرة لو سمعه أهل المشرق والمغرب لصعقوا من تلك النخرة وملك الموت يقول : قف يا خبيث لأذيقنك اليوم الموت بعدد من أغويت، كم من عمر أدركته وكم من قرون أضللت، وكم من قرناء لك بسواء الجحيم يقارنوك، وهذا الوقت المعلوم الذى بينك وبين ربك، وإلى أين تهرب فيهرب الشيطان إلى المشرق، فإذا هو بملك الموت بين عينيه فيغوص فى البحار، فإذا هو بملك الموت فترميه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب فى الأرض ولا محيص ولا ملجأ له ولا منجا، ثم يقوم فى وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام، ويقول : من أجلك يا آدم حولت ملعونا رجيما فيا ليتك لم تخلق، فيقول لملك الموت : بأى كأس تسقينى ؟ يعنى بأى عذاب تقبض روحى، فيقول ملك الموت : بكأس أهل لظى يعنى مثل عذاب أهل النار، وبكأس أهل سقر، وبكأس أهل الجحيم أضعافا مضاعفة، قال : وإبليس يتمرغ فى التراب مرة، ويصيح أخرى، ويهرب مرة من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق حتى إذا كان فى الموضع الذى أهبط فيه يوم لعن، وقد نصبت له الزبانية الكلاليب، وصارت الأرض كالجمرة وتحتوشه الزبانية، فيطعنونه بالكلاليب، فيكون فى النزاع والعذاب إلى ما شاء الله، ويقال لآدم وحواء : اطلعا اليوم على عدوكما، وانظرا ما نزل به كيف يذوق الموت، فيطلعان، فإذا نظرا إلى ما هو فيه من شدة العذاب والموت قالا : ربنا قد أتممت علينا النعمة.