- طاقمه 4 أفراد ويحمل 30 طنا من المعدات الإلكترونية الخاصة بالرصد والتصوير
- بوران طوله 36 مترًا ومحركه لا يستبدل إلا بعد 10 رحلات فضائية
كان ملفتا للأنظار قبل أن تدخل إلى قاعة المؤتمرات الكبرى فى مدينة سوتشى الروسية، وجود طائرة عملاقة، مصممة بشكل غير تقليدى، يختلف إلى حد كبير عن الطائرات المدنية أو العسكرية التى نراها.. وبدافع الفضول والمعرفة كان ضروريا أن أسأل عن هذه الطائرة، قبل المشاركة فى مؤتمر" أتوم اكسبو 2019"، الذى أقيم فى سوتشى قبل نحو 10 أيام حول مستقبل الطاقة النووية، بمشاركة أكثر من 70 شركة كبرى فى مجال الطاقة حول العالم، برعاية عملاق التكنولوجيا النووية "روساتوم".
"إنه المكوك الفضائى بوران"، كانت هذه إجابة قصيرة على سؤالى، وأثارت فضولى أكثر وأكثر لمعرفة حقيقة هذا المكوك ورحلاته، وكيف تم تصنيعه ؟ وكيف صعد إلى الفضاء؟ وكم استغرقت رحلاته؟ وكيف وصل إلى هذا المكان؟.
حلم إنتاج مكوك فضائى قادر على الهبوط بمدرج مطار
"اليوم السابع" رصدت كل المعلومات المتاحة عن المكوك الفضائى بوران، والتقطت له العديد من الصور والفيديوهات لمعرفة كل التفاصيل الخاصة بهذا المشروع الروسى العملاق، الذى نجح فى غزو الفضاء، لكنه توقف لأسباب غير معلنة، لا يعرف أحد كواليسها حتى الآن.
"بوران" باللغة الروسية، التى ترجمتها تعنى بالعربية "عاصفة الثلج"، كان هذا الاسم الذى أطلقه الاتحاد السوفيتى على أول مكوك فضائى للرحلات المأهولة، القادرة على توصيل الأقمار الصناعية إلى مداراتها، وقد بدأ تصنيعه منذ عام 1976، حتى نفذ رحلته الأولى بنجاح إلى الفضاء فى 15 نوفمبر 1988، على متن صاروخ من طراز "انيرجيا"، ونفذ دورتين حول الأرض وهبط على مدرج مطار.
كيف كانت الرحلة الأولى لعاصفة الثلج
الرحلة الأولى والوحيدة لعاصفة الثلج كانت غير مأهولة، وقد تمت إدارتها من خلال أجهزة الكمبيوتر، والمعدات الفنية، التى كان يحملها " بوران" على متنه، وقد أثار دهشة الخبراء عندما غير مساره فى الهبوط بعد تلقيه معلومات عن تغير الأحول الجوية قبل اقترابه من الأرض بنحو 20 كيلو متر، ويعتبر بمثابة أول سفينة فضائية متعددة المهام تعود للأرض بصورة أوتوماتيكية.
بوران كان يتميز عن السفن الفضائية الحالية بأن يمكن استخدامه لأكثر مرة، حيث إن محرك بوران لا يستبدل إلا بعد 10 رحلات فضائية، بينما السفن اليوم وحيدة الاستخدام وتنقل من خلال صاروخ طراز سويوز، وتتسع لثلاثة من أفراد الطاقم، بينما بوران يمكنه نقل من 2 إلى 4 أفراد من الطاقم، و6 ركاب، و30 طنا من المعدات الإلكترونية الخاصة بالرصد والتصوير والاستشعار عن بعد، وقد استغرقت التجارب الخاصة بـ " بوران" 1600 يوم، أى ما يقرب من أربعة أعوام ونصف تقريبا.
بوران بالمزارات العامة فى روسيا
تم إنتاج العديد من النسخ التجريبية الخاصة بمكوك الفضاء الروسى بوران، إلا أن نسخة وحيدة فقط هى التى صعدت إلى الفضاء، وهى موجودة حاليا فى حديقة " بارك جوركى" فى موسكو، بينما النسخة التى شهدها محرر " اليوم السابع" هى نسخة طبق الأصل، وموجودة فى مدينة سوتشى الروسية، التى تقع على ساحل البحر الأسود، وطولها 36 مترا، وعرضها 24 مترا، بينما ارتفاعها 16.3 متر، ولم تصعد إلى الفضاء.
المعلومات المتاحة عن المكوك الفضائى بوران قليلة، والموثق منها ما ذكرناه فى السطور السابقة، وكان مصدرنا فيه لافتة كبيرة تحتوى على المعلومات الرئيسية عن " بوران" باللغتين الروسية والانجليزية، وهذه اللافتة موجودة فى مدخل قاعة المؤتمرات الكبرى فى مدينة سوتشى الروسية، حيث تم وضع المكوك لزوار القاعة، خاصة أنها تستضيف دائما المعارض والمؤتمرات الدولية، وتعتبر أحد أهم العلامات المميزة فى سوتشى.
كيف توقف مشروع أكبر مكوك فضائى فى روسيا
الحقيقة المؤكدة عن بوران أنه توقف لأسباب غير معلومة، يرجعها البعض إلى التكلفة الكبيرة للبرنامج، والبعض الآخر يتحدث عن أن الفترة التى تلت الإطلاق شهدت بوادر تفكك الاتحاد السوفيتى، وانشغاله بالعديد من القضايا السياسية والاقتصادية التى أعقبت هذا الانفصال، إلا أن بوران يظل أحد أهم البرامج الروسية المتقدمة فى علوم الفضاء، وقد كان الحديث عن استخدامه فى الأغرض الدفاعية والعسكرية محل اهتمام كبير من جانب المحللين والخبراء العسكريين، خاصة أنه جاء فى توقيت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى، وهناك ترجيحات تشير إلى أنه كان معد من أجل التجسس، فى تلك الفترة التى لم تكن الأقمار الصناعية المكلفة بهذه المهمة قد شهدت التطور الحالى.
وتعتبر روسيا فى المركز الأول عالميا فى برامج الفضاء، وتمتلك برامج طموحة تتفوق على نظيرتها الأمريكية، بل إن الأخيرة تستمر فى شراء محركات الصواريخ من روسيا رغم أن الكونجرس يطالب بإيجاد البديل الأمريكى للمحركات المستوردة من موسكو.
وتسعى موسكو خلال الوقت الراهن إلى تطوير محرك صاروخى جديد هو الأقوى على مستوى العالم، يتم تصنيعه فى مصنع "أنرجوماش" وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستى"، وهذا المحرك الجديد قادر على اجتياز أى اختبار قوة أو اختبار تقنى، قبل أن يتم تركيبه فى صاروخ ارتيش، أحدث صاروخ فى فئة سويوز5 ، المستخدمة فى حمل الأقمار الصناعية إلى الفضاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة