ذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أن سويسرا التى لا يتخطى فيها عدد المسلمين 5% من السكان، تجذب الكثير من المليارات القطرية؛ كونها بؤرة قادة تنظيم الإخوان الإرهابى، بعد هجرة أسرة مؤسس التنظيم لها فى الخمسينيات، وفقا لما أكدته قطريليكس.
وأكدت المجلة الفرنسية، أن سويسرا باتت هدفا رئيسيا لتنظيم الحمدين، مدللة على ذلك بمتحف "الحضارات الإسلامية" الذى تم افتتاحه فى مايو 2016 بتمويل قطرى ضخم.
وطرحت المجلة العديد من الأسئلة، بشأن تدشين المتحف بعيدا عن المدن الكبرى بسويسرا، مثل زيورخ أو جنيف، إنما في قلب كانتون جورا "شمال غرب" على الحدود الفرنسية، فى مدينة صغيرة تعرف بـ"لاشو دو فون"، وبمجرد افتتاحه أثار الكثير من الجدل.
وأوضحت أن قطر ضخت الملايين لتأسيس هذا المتحف، على الرغم من وجوده فى مدينة صغيرة بالضواحى، ويصعب الوصول إليه، لا سيما فى فصل الشتاء عندما تغطى الثلوج الطرقات.
الأمر الآخر المثير للجدل أن مكتبة المتحف تعرض مؤلفات مؤسس الإخوان حسن البنا، والشخصية الأكثر إثارة للجدل فى رموز الإسلام السياسى الإرهابى الهارب إلى قطر يوسف القرضاوى، الذى يحرض على التطرف عبر قنوات الجزيرة القطرية.
وأشارت المجلة إلى أن مكتبة المتحف أيضا تعرض مؤلفات لطارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان المتهم فى عدة قضايا اغتصاب فى فرنسا، وليس ذلك فحسب، إنما العديد من وجوه الإسلام السياسى المثيرة للجدل فى أوروبا.
قطريليكس
ووفقا لنادية كرموس، مديرة المتحف، فأنه تأسس بفضل امرأة سخية فى الخليج، ولكن الوثائق التى بين أيدى الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرنو وكربستيان شينو فى كتاب "أوراق قطر"، تؤكد أن تأسيس المتحف بالكامل ممول من مؤسسة "قطر الخيرية"، التى تعد أهم منظمة مجتمع مدنى فى الإمارة.
وضخت 4 ملايين فرنك سويسرى "3.6 مليون يورو"، لتمويل متحف الحضارات الإسلامية، كما أرادت تمويل مشروع طموح يقدر بنحو 19.8 مليون يورو، بغرفة صلاة وحمام سباحة مخصص للسيدات.
وكشف كتاب "أوراق قطر" عن العديد من الفضائح حول التمويل القطرى للإسلام السياسى والإرهاب فى أوروبا.
وأشار الكتاب إلى أن محمد كرموس زوج نادية مديرة المتحف، كان واحدا من الأذرع القطرية لتمويل مشروعاتها فى سويسرا، بتسلمه نحو 1.4 مليون يورو لتأسيس مركز اجتماعى ثقافى إسلامى فى لوزان، وأيضا مراكز إسلامية أخرى فى لوجانو بسويسرا.
وفى وثيقة أخرى للكتاب، ورد خطاب مرسل من محمد كرموس الذى يدير مؤسسة "واقف" السويسرية يشكر فيها دولة قطر، لسخائها على دعم ما يسميهم الأقليات المسلمة فى سويسرا.
وعادت المجلة الفرنسية لتطرح تساؤلا عن سر اهتمام إمارة قطر بمسلمى سويسرا، وتحديدا الذين لا يتخطى عددهم 350 ألف نسمة، وينحدر معظمهم من البلقان "ألبانيا والبوسنة وكوسوفو"، ولا تتشابه تعاليمهم حتى بشعائر دول الخليج، قائلة: "ما سر هذا الاهتمام؟".
وأوضحت أنه من الغريب أن المراكز الإسلامية وسط مدينة جنيف لا تولى لها قطر اهتماما، ولم يتلق المركز الإسلامى فى جنيف منحا أو هبات منها، على الرغم من أن جنيف مسقط رأس أحفاد مؤسس الإخوان هانى وطارق رمضان، وأن ذلك المركز تحديدا أسسه والدهم سعيد رمضان فى الستينيات ويعتبر أول مسجد أسسه الإخوان فى أوروبا.
والتساؤل الثالث الذى طرحته المجلة، كيف موّلت مؤسسة "قطر الخيرية" طارق رمضان بمبلغ 35 ألف يورو شهريا، ولا تمول المركز الإسلامى بجنيف الذى أسسه والدهم؟
ومرارا، حذرت وسائل إعلام غربية، من بينها موقع "ميديا بارت" الفرنسى من المآرب الحقيقية لأنشطة قطر وتنظيم الإخوان الإرهابى فى أوروبا.
وأشار الموقع الفرنسى المتخصص فى التحقيقات الاستقصائية إلى أن الخارطة الإخوانية المشبوهة، تبدأ طريقها من أوروبا بدعم من قطر.
وأوضح أن "تنظيم الإخوان يتلقى أموالا بسخاء من النظام القطرى الحاكم عبر منظمات المجتمع المدنى فى أوروبا مثل قطر الخيرية فى لندن".
ورسم كتاب "أوراق قطر" المؤلف من 295 صفحة خرائط توضيحية، لمحاولة الدوحة بث التطرف فى أوروبا، كما كشف للمرة الأولى عن تفاصيل أكثر من 140 مشروعا لتمويل المساجد والمدارس والمراكز، لصالح الجمعيات المرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابى.
وجاء إعلان الإدارة الأمريكية فى أواخر أبريل الماضى، العمل على إدراج جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب، ليعزز من موجة الرفض الدولي المتصاعد تجاه التنظيم ويحاصر أنشطة الحمدين المشبوهة، إذ سبقت هذا الإعلان تحركات أوروبية على أرض الواقع أربكت خطط الإمارة الصغيرة في التوسع داخل القارة العجوز.
ولم تنتظر عدد من الدول الأوروبية الإعلان الأمريكى، الذى لم يتخذ خطوة للأمام، حول إمكانية تصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، فسبق أن بادرت كل من النمسا وألمانيا، كما تتحرك أيضا فرنسا وإيطاليا فى هذا الاتجاه، لا سيما بعد كتاب "أوراق قطر" الصادر حديثا، اللثام عن أنشطة قطر المشبوهة فى أوروبا، لا تخلو معظمها من تداخل مع مؤسسات وهيئات إخوانية ومتطرفة.
وحذر الكتاب من خطورة مؤسسة قطر الخيرية، التى تمكنت من التوغل فى ست دول أوروبية، أبرزها فرنسا وإيطاليا وسويسرا، وإنفاق أمير قطر تميم بن حمد ملايين الدولارات على عملائه من الإخوان الذين يسيطرون على مؤسسات ومراكز ومدارس إسلامية فى أوروبا.
وخلال الأسبوع الماضى استغل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لقاءه الذى حضره أكثر من 300 صحفى بقصر الإليزيه، للحديث عن الوضع العام بفرنسا، ليوجه تحذيرات مباشرة لما أسماه بـ"الإسلام السياسى"، المدعوم من قطر، الذى يهدد القيم الفرنسية العلمانية.
وأصدرت حكومة قطر قرارا الأسبوع قبل الماضى، بإيقاف مشروعات الإخوان الممولة من الدوحة فى سويسرا، بما فى ذلك مجمع للمبانى بتكلفة 22 مليون فرنك سويسرى "ما يعادل 21.5 مليون دولار"، بحسب تقرير أورده موقع "سويس إنفو" Seiss Info.ch.
وقرار نظام الحمدين المفاجئ بوقف التمويل، جاء بعدما فضح مؤلفا "أوراق قطر" سر تركيز عصابة الدوحة على اختراق سويسرا لدعم ذراعها الإخوانى، لا سيما مدينة برن معقل الجماعة، حيث أن القانون السويسرى يمنح المنظمات والمؤسسات الأهلية حماية شديدة، وبالتالى لا يمكن معرفة الجهات المانحة للأموال، لكن افتضاح تمويلات الدوحة أفسد مخططهم.