نواصل فى اليوم التاسع من شهر رمضان المعظم سلسلة "آية و5 تفسيرات" ونتوقف اليوم مع الجزء التاسع ومع سورة الأعراف وقول اله تعالى فى الآية رقم (181) والتى يقول فيها "وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ".
تفسير الطبرى
القول فى تأويل قوله: وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن الخلق الذين خلقنا " أمة "، يعنى جماعة "يهدون" يقول: يهتدون بالحق (وبه يعدلون)، يقول: وبالحق يقضُون ويُنصفون الناس كما قال ابن جريج: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنى حجاج, عن ابن جريج، قوله: (أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) قال ابن جريج: ذكر لنا أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال: هذه أمتى! قال: بالحق يأخُذون ويعطون ويَقْضُون.
تفسير ابن كثير
يقول تعالى (وممن خلقنا) أى: ومن الأمم (أمة) قائمة بالحق، قولا وعملا (يهدون بالحق ) يقولونه ويدعون إليه، (وبه يعدلون) يعملون ويقضون.
وقد جاء فى الآثار : إن المراد بهذه الأمة المذكورة فى الآية، هى هذه الأمة المحمدية.
قال سعيد، عن قتادة فى تفسير هذه الآية: بلغنا أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأ هذه الآية: "هذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون).
وقال أبو جعفر الرازى، عن الربيع بن أنس فى قوله تعالى: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أمتى قوما على الحق، حتى ينزل عيسى ابن مريم متى ما نزل".
وفى الصحيحين، عن معاوية بن أبى سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى تقوم الساعة - وفى رواية - : حتى يأتى أمر الله وهم على ذلك - وفى رواية: وهم بالشام".
تفسير البغوى
قوله تعالى: (وممن خلقنا أمة) أى: عصابة، (يهدون بالحق وبه يعدلون) قال عطاء عن ابن عباس: يريد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم المهاجرون والتابعون لهم بإحسان. وقال قتادة: بلغنا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ هذه الآية قال: " هذه لكم وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها، ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون".
أخبرنا عبد الواحد المليحى، أنا أحمد بن عبد الله النعيمى، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحميدى، حدثنى الوليد، حدثنى ابن جابر، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنى عمير بن هانئ أنه سمع معاوية رضى الله عنه يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تزال من أمتى أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتى أمر الله وهم على ذلك ". وقال الكلبى : هم من جميع الخلق.
تفسر السعدى
وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
أى: ومن جملة من خلقنا أمة فاضلة كاملة فى نفسها، مكملة لغيرها، يهدون أنفسهم وغيرهم بالحق، فيعلمون الحق ويعملون به، ويعلِّمونه، ويدعون إليه وإلى العمل به. وَبِهِ يَعْدِلُونَ بين الناس فى أحكامهم إذا حكموا فى الأموال والدماء والحقوق والمقالات، وغير ذلك، وهؤلاء هم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وهم الذين أنعم اللّه عليهم بالإيمان والعمل الصالح، والتواصى بالحق والتواصى بالصبر، وهم الصديقون الذين مرتبتهم تلى مرتبة الرسالة، وهم فى أنفسهم مراتب متفاوتة كل بحسب حاله وعلو منـزلته، فسبحان من يختص برحمته من يشاء، واللّه ذو الفضل العظيم.
الوسيط لطنطاوى
وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
ثم تمضى السورة الكريمة فى هديها وتوجيهها فتفصل صنوف الخلق، وتمدح من يستحق المدح وتذم من يستحق الذم فتقول : ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ. .. ).
قوله ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) معطوف على قوله ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ) أمة يهدون بالحق، أى : يدعون إليه ويسيرون عليه، وبه يعدلون أى : به يقضون وينصفون الناس.
وقد وردت آثار تفيد أن المراد بهذه الأمة : الأمة المحمدية ففى الصحيحين عن معاوية بن أبى سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة، وفى رواية : " حتى يأمر الله وهم على ذلك".
وقال قتادة : بلغنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذا الآية يقول : هذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها.
وعن الربيع بن أنس - فى هذه الآية - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن من أمتى قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل".
وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الإجماع حجة فى كل عصر، وعلى أنه لا يخلو عصر من مجتهد إلى قيام الساعة.
وقوله وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ معطوف على قوله وَلَقَدْ ذَرَأْنا قبل ذلك، لأن كلتيهما تفصيل لإجمال قوله- تعالى- مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي.
أى: وممن خلقنا للجنة- لأنه فى مقابلة وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ- أمة يهدون بالحق، أى: يدعون إليه ويسيرون عليه، وبه يعدلون أى: به يقضون وينصفون الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة