قبل أيام صرح مفوض شئون الضرائب فى الاتحاد الأوروبى، بيير موسكوفيتشى، أنه لأول مرة منذ إنشائه، يواجه الاتحاد الأوروبى أعداءً، مضيفا إنه يواجه "أناساً يريدون تدمير أوروبا، وهو ما تدور حوله الشعبوية"، فى إشارة إلى أحزاب اليمين الأوروبى. مثل هذه التصريحات المستمرة من قبل احزاب الوسط واليسار الأوروبى وما تشهده المملكة المتحدة من فوضى جراء معضلة الخروج من الاتحاد الأوروبى "البريكست"، تبث القلق فى نفوس المواطنين الأوروبيين بشأن مستقبلهم.
ومؤخرا كشفت دراسة عن أن أكثر من نصف الأوروبيين يعتقدون أنه من المرجح أن ينهار الاتحاد الأوروبى فى غضون جيل واحد أى 20 عاما، وهو ما يشير أن الأوروبيون باتوا شعرون بالقلق إزاء النمو المتعثر فى بلدانهم. وكشف الدراسة التى أجراها مركز أبحاث المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، عن توقعات قاتمة لمستقبل الكتلة الأوروبية بين المواطنين الأوروبيين.
وتقول شبكة يورنيوز إن هذه النتائج تعكس قلقاً واسع النطاق بشأن انتخابات البرلمان الأوروبى الأسبوع المقبل، هذا القلق الذى ساهم فى بلورته تحذيرات الزعماء الأوروبيين من ظهور حكومات شعوبية فى العديد من الدول الأعضاء، حيث وضع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون نفسه كزعيم للقوى المناهضة للشعوبية من أمثال نائب رئيس الوزراء اليمينى المتشدد ماتيو سالفينى، بينما حذر جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية الناخبين من استخدام الانتخابات كعملية احتجاج (أى التعامل وفق ردات فعل على أوضاع يرونها سيئة).
وتشير التوقعات إلى أن الأحزاب المتشددة مثل حزب التجمع الوطنى فى فرنسا وحزب البديل فى ألمانيا ستحقق نتائج جيدة فى هذه الانتخابات الأوروبية، فبحسب الاستطلاعات فإن تلك الأحزاب القومية من المرجح أن تحصل على 20% من مجموع المقاعد.كما أنه من المتوقع أن يشهد البرلمان الأوروبى الذى سيعقد أولى جلساته فى يوليو القادم، انقساماً ما يزيد من احتمال حدوث شلل يؤدى إلى انهيار الائتلاف البرلمانى القديم الموالى لأوروبا.
وبحسب الإذاعة الألمانية فإنه بالنسبة إلى الحزب المسيحى الديمقراطى، الألمانى، الذى يتطلع إلى شغل منصب رئيس المفوضية الأوروبية، يدور الأمر فى نهاية مايو حول معركة ثنائية بين المؤيدين لأوروبا والقوميين. وقال رئيس الكتلة، مانفريد فيبر، "أوروبا هذه التى نعيش فيها اليوم هى أوروبا جيدة. ولن نسمح بأن يدمرها القوميون".
التداعيات التى خلفها "بريكست" على الاتحاد الأوروبى، أصابت أكثر من مفصل فى عمل التكتل، كما أنها أثرت على غالبية الدول الـ27، فقد أحدثت فجوة بين الشرق والغرب للدول الأعضاء، تلك الفجوة التى عبر عنها رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان اليمينى الذى يدعو إلى ديمقراطية غير ليبرالية، كما أن حكومات كل من رومانيا وبولندا والمجر التى فشلت فى احترام سيادة القانون، ها هى تحتل مواقع هامة فى المفوضية الأوروبية.
ويعتقد ثلاثة أرباع الناخبين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى أن هناك فشلاً فى الأداء السياسى على الصعيد الوطنى أو على صعيد التكتّل أو كليهما معاً، ففى فرنسا. ويحتاج المرشحون المؤيدون لأوروبا إلى تقديم أفكار جريئة للناخبين من أجل التغيير الذى له وقع حسن لدى الغالبية الصامتة، كما أن الأوان لم يفت بعد بالنسبة للمؤيدين لأوروبا مع وجود ناخبين متقلبين، فحسب استطلاعات الرأى، هناك ما يصل إلى 97 مليون ناخب لا زال بالإمكان إقناعهم بالتصويت لصالح أحزاب بعينها.
ووجدت الدراسة الاستقصائية أن 92% من الناخبين يعتقدون أنهم سيخسرون إذا ما انهار الاتحاد الأوروبى، حيث تصدرت القدرة على التجارة والسفر والعمل فى دول الاتحاد الأوروبى الأخرى، قائمة الأسباب لدى المستطلعين. كما يخشى المواطنون فقدان الشعور بالوحدة بما يتعلق بالأمن والدفاع على اعتبار أنهم جزء من تكتل يمكنه مواجهة الولايات المتحدة والصين فى ظل تنامى حالة الاضطراب الاقتصادى وفى ظل الطبيعة الحساسة للعلاقة بين ضفتى الأطلسى.
كان الاستطلاع قد كشف أن فى فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا والنمسا وسلوفاكيا ورومانيا واليونان وجمهورية التشيك وبولندا، يعتقد غالبية الأشخاص أن تفكك الاتحاد الأوروبى خلال مدة تتراوح بين 10 أعوام و20 عاماً يعد "احتمالاً واقعياً".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة