مبكرا أيقن الرئيس الإيرانى أن الحرب التى تواجها بلاده على المدى البعيد لن تكون عسكرية بل حربا اقتصادية شاملة، وذلك بعد أن يصرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أول أمس بأنه لا يسعى للحرب مع إيران بل سيغزوها اقتصاديا، وبالتزامن مع الذكرى الثانية لفوزه بالولاية الثانية 20 مايو 2017، جدد روحانى مطالبته من المرشد الأعلى الذى يقبع فوق قمة هرم السلطة بمنحه قدرا من الصلاحيات التى تمكنه من خوض الحرب الاقتصادية، وسط توتر غير مسبوق مع واشنطن وتردى اقتصادى وانخفاض تاريخى للعملة الإيرانية أمام الدولار الأمريكى ونقص وارتفاع جنونى فى أسعار السلع الأساسية.
وخلال لقاء جمعه بمجموعة من رجال الدين فى إيران، قال روحانى بشكل صريح "فى فترة الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) وفى إحدى مراحلها تم تأسيس المجلس الأعلى لدعم الحرب، كان يمتلك كافة الصلاحيات وحتى البرلمان ولا السلطة القضائية لم يتمكنا من التدخل فى قراراته، واليوم نخوض حربا اقتصادية.. كما حصلنا على صلاحيات خاصة من الإمام الخمينى فى السنوات الـ8 للحرب وقمنا بإدارة الحرب وحققنا نجاحات كبيرة نحن بحاجة لهذه الصلاحيات".. وذكر روحاني أن إيران تواجه مشكلات غير مسبوقة في المصارف وبيع النفط، مشيرا إلى أن البلاد متحدة في ضرورة مقاومة الولايات المتحدة والعقوبات.
حسن روحانى
دعوة متكررة بتوسيع الصلاحيات
لم تكن المرة الأولى التى يدعو فيها الرئيس لصلاحيات واسعة لمنصب رئيس الجمهورية، ففى 13 من مايو الجارى، أعرب روحانى، عن امتعاضه لضعف صلاحياته التى يمنحها له الدستور الإيرانى معتبرها عائقا أمام تحقيق مطالبات الشعب، قائلا "ينبغى أن تكون المطالب من رئيس الجمهورية بقدر قدرته وفى نطاق صلاحياته"... وأضاف روحانى خلال لقاءه مع نشطاء سياسيين، "حينما تطرح أسئلة ومطالب من الحكومة، يجب أن ندرس صلاحياتها"، علينا أن نعرف مدى صلاحية الحكومة".
منصب الرئيس فى إيران
ويعد صلاحيات منصب الرئيس فى إيران إحدى إشكاليات هيكل النظام فى هذا البلد الذى يحكمه رجال دين متشددين يهيمنون على مفاصل السلطة، حيث يحتل منصب الرئيس المركز الثانى فى قمة الهرم بعد منصب الولى الفقيه (المرشد الأعلى) ويعتبر سلطة تنفيذية وفقا للمادة 113 من الدستور، وتقيده مجموعة من الأجهزة غير المنتخبة يسيطر على أغلبها رجال دين أهمها مجلس صيانة الدستور.
ويتولى الرئيس مسئولية تسيير الأمور اليومية لشئون البلاد، ويتمتع بمهام محدودة تشمل تنسيق أعمال مجلس الوزراء وإعداد مشاريع القوانين قبل عرضها على البرلمان كما يترأس مجلس الأمن القومى الذى يتولى تنسيق السياسة الدفاعية والأمنية، غير أنه يمتلك الرئيس فى إيران جزء ضئيلا فى رسم السياسات الداخلية وعلى المستوى الداخلى، لكن تحت مظلة المرشد الذى بوسعه عزل الرئيس من منصبه بعد قرار المحكمة العليا وأخذ رأى البرلمان.
خامنئى أمام خيارين
ويبدو أن روحانى يضع أمام المرشد الأعلى الممسك فى يده بكافة السلطات خيارين إما منحه سلطات واسعة أو أن يدير هو بنفسه الحرب الاقتصادية، ففى مارس الماضى فجر الرئيس الإيرانى مفاجأة كشف فيها اقترح قدمه للمرشد الأعلى علي خامنئي بقيادة الحرب الاقتصادية التى تمر بها البلاد. قائلا "قلت للمرشد إن الظروف التى نعيشها هى ظروف حرب، وفى حالة الحرب تحتاج البلاد لقائد يقود جبهة الحرب مع العدو، وطلبت منه أن يقود هذه الحرب لتكون الحكومة والشعب من خلفه". وأوضح روحانى خاطبت القائد وقلت له "اقترح أن تقود هذه الحرب باعتبارك قائد النظام والثورة، وكافة السلطات والمسئولين ستكون تحت أمرك"، قال لى المرشد "نعم إن الظروف ظروف حرب، ونحن بحاجة لقائد لجبهة الحرب، والقائد هو رئيس الجمهورية".
إلقاء الكرة فى ملعب خامنئى
مطالبة روحانى بتوسيع صلاحياته يعد إلقاء بالكرة فى ملعب المرشد آية الله على خامنئى، كى يحمله جزءا من مسئولية الانهيار الاقتصادى وهروب المستثمرين خارج البلاد، الأمر نفسه الذى يعترف به المرشد ففى مارس الماضى أشار خامنئي إلى أن “الأولوية العاجلة والقضية الجادّة للبلاد هي قضية الاقتصاد”، متحدّثا عن تراجع قيمة العملة الوطنّية والقدرة الشرائية للمواطنين وتراجع الإنتاج.وشدّد على أن “مفتاح حل كل تلك المشكلات يكمن في تنمية الإنتاج الوطني”، فى المقابل دافع روحاني عن سجله الاقتصادى قال فيها إن المشكلة الاقتصادية نتجت في المقام الأول عن العقوبات الأمريكية.
وبخلاف ذلك لا يرغب روحانى تحمل هو وحكومته التكلفة الكبيرة التى ستدفعها إيران فى حربها الاقتصادية، فى وقت ارتفعت فيه نسبة التضخم وأسعار بعض السلع ونقص السلع الأساسية والدواء، وهناك مخاوف من تأجيج احتجاجات الفقراء التى اندلعت فى نهاية عام 2017.
أوروبا لا تخيفها تهديدات إيران
وفى سياق متصل، كشرت أوروبا عن أنيابها لإيران، بعد أن هددتها بعد انقضاء مهلة 60 يوما بالشروع فى خطوات من شأنها خفض التزاماتها مجددا بالاتفاق النووى، من جانبه أكد وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، الثلاثاء، أن تهديدات إيران بالانسحاب من الاتفاق النووي لا تفيد تأسيس الآلية التجارية للمعاملات بين إيران وأوروبا، وأضاف قائلاً:" أوروبا لن تخضع للتحذيرات الإيرانية"، كما كشف أن الأوروبيين يواجهون ضغوطاً هائلة من الولايات المتحدة بسبب تأسيس آلية للتجارة مع إيران.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة