أعلنت دار النشر "جاليمار" عن إغلاق مجلة "الأزمنة الحديثة" أو "لوتون مودرن" وهى إحدى أعرق وأشهر المجلات فى تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، أسسها الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر والأديبة سيمون دو بوفوار عام 1945، عن دار النشر "جاليمار".
وأعلنت الدار قرارها من خلال مقال على موقع "لوموند" الفرنسية، موضحين أنهم سيكتفون بإصدار إلكترونى يحتفظ بروح المجلة، مع إصدار 3 أعداد سنوية ورقية، وذلك بعد نحو 74 عامًا من صدور المجلة بانتظام.
وبحسب جريدة "الجارديان" البريطانية، فإن الدار رغم معرفتها أن الخبر سيصيب العديد من القراء بالتشاؤم، لكن مصدقايتها لدى القراء، وجدت أنه من الالتزام الواقع على عاتقها أن تعترف بصدق، بأنها لن تسطيع تمويل المجلة خلال الأوقات المقبلة، ولن تسطيع تحمل المزيد من الأعذار على أن تكتفى بالأعداد الثالثة كما ذكرت.
وكانت وفاة كلود لانزمان، آخر المحررين المعاصرين لسارتر وبوفوار، جعل دار نشر جاليمارد الفرنسية تتخذ قرارا منذ يوليو الماضى بإغلاق المجلة، حيث كان "لانزمان" وهو مساهم مبكر وطالب لسارتر، قد حمل العصا من دى بوفوار، عندما توفيت فى عام 1986، وأصبح من الصعب أمام الناشر أن يأتى من يحمل لواء المجلة بعد وفاة هولاء الثلاثة.
وظلت المجلة تحتفظ بصورتها الأصلية وروح الالتزام والمسئولية التى أرساها سارتر فى الأدب الملتزم، وكانت تجذب قطاعا كبيرا من القراء فى الخمسينيات حتى وصل توزيعها إلى 20 ألف نسخة، وفقاً لصحيفة "لوموند" الفرنسيةـ لكن هذا التوازن بين التوجه السياسى والأدب لم يدم طويلاً، ففى منتصف الستينيات ساندت المجلة "مناضلو جبهة التحرير الوطنى" فى الجزائر، واستنكرت أعمال التعذيب ما أدَّى إلى إخضاعها للرقابة.
ومنذ اليوم الأول، اتخذت المجلة منحى المجالات الأدبية فى لهجتها الأصلية، فالريبورتاج يقدم مثل النصوص الأدبية فى الأسلوب السردى والتحليلى، فكانت المجلة من أوائل من قاموا بسد الفجوة بين الأدب والصحافة، وأثار عددها الأول الصادر فى أكتوبر 1945 أثار ضجة كبيرة فى الصحافة والسياسة، وليس فقط فى فرنسا.
وضمت المجلة مجموعة متنوعة من الكتاب والفلاسفة الموهوبين من مختلف الأطياف السياسية، الشيوعيون والكاثوليك واليونانيون والاشتراكيونمنهم : الفيلسوف ريمون آرون، والعالم الماركسى موريس ميرلو بونتي، وعالم الأنثروبولوجيا والناقد الفنى ميشيل ليريس، وحتى بيكاسو، الذى وافق على تصميم الغلاف والشعار.
واهتمت المجلة أيضا بشكل خاص بالنساء والكتاب الأجانب والمنشقين وأصوات المواهب الأصلية، مثل صامويل بيكيت، فيوليت ليدوك، ناتالى ساروت، بوريس فيان، جان جينيت، كما احتضنت المجلة القضية المعادية للاستعمار بشغف وشجاعة، كما كانت بمثابة مختبرًا للأفكار الجديدة ووكالة مواهب دخلت حيزًا كبيرًا، وكان أيضًا حاضنة الوجودية.