خرج الناشر محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية، فى تقرير أعدته إحدى الفضائيات العربية، أكد فيه أن كثرة المعارض يؤثر بالسلب على صناعة النشر فى الوطن العربى، وذلك كون تتابع إقامة المعارض يجعل الناشر يركز على حركة التجارة، وينشغل عن وضع خطط تسويقية وإعلانية لإصداراته واختيار العناوين المناسبة التى سوف يصدرها، بالإضافة إلى إنها تحول ثقافة الشراء لدى القراء بأن تكون سنوية فى معرض الكتاب فقط، ويعزفون عن الشراء باقية العام.
بخصوص ذلك الموضوع، استطلعنا آراء عدد من الناشرين ومسئولى دور النشر المصرية، حول إذا ما كانت المعارض سواء الداخلية أو الخارجية، لها تأثير سلبى على حركة النشر من عدمه.
وقال الناشر وائل الملا، مدير دار مصر العربية للنشر، إنه لا يتفق مع فكرة أن كثرة المعارض تأثر بالسلب على صناعة النشر، مشيرا إلى موسم المعارض معروف بالنسبة للجميع، كما أن جميع منظمى تلك المعارض يراعو عدم تداخل المواعيد مع بعضها.
وأضاف "الملا" ربما المعارض الداخلية مثل التى تقام فى المحافظات فى مصر، هى التى تؤثر خاصة عندما تقام عدة معارض فى محافظات قريبة من بعضها فتشتت القراء، والأفضل أن تقام فى بعض المحافظات الكبرى، حيث يستطيع جمهور المحافظات المجاورة لها الذهاب إليه، بالإضافة إلى أن جمهورا كبيرا تعود على معرض القاهرة الدولى للكتاب، لافتا إلى أن تصريحات رئيس اتحاد الناشرين العرب، ربما يقصد منها بعض المعارض التى تتداخل موعد بدايتها مع موعد انتهاء معارض أخرى أو تتزامن إحداها مع الأخرى.
وأضاف مدير دار مصر العربية للنشر أن هناك فترة ركود تبدأ مع بداية شهر مايو وتستمر إلى شهرى أكتوبر أو نوفمبر، يستطيع خلالها الناشر وضع خطط النشر، واختيار الأعمال التى سوف يقوم بنشرها وعرضها فى المعارض المقبلة.
وشدد الناشر وائل الملا على أن المعارض تمثل تنشيط للحركة الثقافية وزيادة لوعى القارى العربى، خاصة عندما ينفتح على ثقافات أخرى جديدة عليه، واعتقد إننا فى حاجة لزيادتها لزيادة تنشيط الحركة الثقافية العربية.
وأتم الملا أن فكرة المعارض ليست نشر بحت أو تجارة بحت، فليس هناك عيب أن يكون الناشر حريصا على الاشتراك فى أغلب المعارض لأنها مورد رزق له فى النهاية، كما أنها فرصة لتوزيع كتبه فى البلدان المختلفة التى لا يستطيع توزيع كتبه فيها.
فيما قال الكاتب الروائى والناشر خليل الجيزاى، مدير دار سندباد للنشر، أتفق مع كلام الناشر محمد رشاد فى أن المعارض المتتالية والمتتابعة تزيد من إرهاق الناشر فى عدم وضع خطة تسويقية وإعلانية لتسويق بعض أو معظم ما أنتجه.
وأضاف "الجيزاوى" أفضل كناشر أن يكون هناك فاصل زمنى بين أى معرض وآخر يصل إلى شهر، حتى يلتقط الناشر أنفاسه ويبحث مع مجموعة العمل أدوات النقص فى معرضه، حتى تلافى هذه الأخطاء فى معارض أخرى، لكن معظم المعارض مرتبطه مواعيد ثابتة، فمعرض القاهرة الدولى للكتاب ينتهى فى 7 فبراير، بينما معرض الدار البيضاء فى المغرب يبدأ فى 5 فبراير، فكيف يكون الناشر مشترك فى معارضين فى فترة واحدة.
ولفت الناشر خليل الجيزاوى إلى أنه من المفروض أنه على اتحاد الناشرين العرب أن يجتمع بهؤلاء الناشرين ليضعوا خطة توفيقية، طالما هناك مظلة واحدة تجمعنا فى الاتحاد، وأن توزع مواعيد المعارض على خريطة يتفق عليها الناشرين فهم أولى بصناعتهم، مشددا: الكرة الآن فى ملعب اتحاد الناشرين ليضع خطة زمنية وفاصل زمنى بين المعارض للتحرك وفرصة للاشتراك فى سبيل نهضة صناعة النشر العربية.
بينما قال الناشر أحمد سعيد، مدير منشورات الربيع للنشر والتوزيع، لا يوجد شىء اسمه المعارض تجعل الجمهور لا يشترى الكتب بشكل دورى، وإلا فلنغلق جميع المكتبات العامة والخاصة المنتشرة فى الميادين.
وأضاف "سعيد": المشكلة ليست فى المعارض، لكن المشكلة ربما فى أن هناك معارض تعتمد فى مقامها الأول على حركة الجمهور مثل معرض القاهرة والرياض والجزائر والسودان والمغرب، بينما هناك معارض أخرى تعتمد على الدعم الحكومى، لكن تتابع المعارض وكثرها ليس عائق والدليل أن دولة مثل العراض أقيم فيها 7 معارض متتالية كلهم نجحوا فى أربيل والبصرة وبغداد، رغم أن البلاد فى وضع مأساوى.
وأوضح الناشر أحمد سعيد، هناك 5 شهور كاملة الناشر يكون فيها متفرغ تبدأ فى الأول من مايو إلى 14 سبتمبر، لا يقام فيها أى معرض معربى، وبالتالى فى هذه الفترة يقوم الناشر بتجهيز خطة النشر، واختيار العناوين الجديدة، لافتا إلى أن هناك ناشرين يبدأون خطتهم مع انطلاق أحد المعارض الكبرى مثل القاهرة والشارقة، مشددا على أن ذلك لا يعنى أن الشهور الأخرى التى يكون فيها معارض لا يقوم الناشر بوضع خطط، خاصة المؤسسات الكبرى والتى تعتمد على إدارات متخصصة لإدارة كل ملف.
فى السياق ذاته قال أحمد فؤاد، مدير دار الكتب العلمية، أن المعارض الداخلية بتأثر بشكل سلبى بالتأكيد على صناعة النشر، وذلك لأن جميع الجامعات على سبيل، تقوم بشراء احتياجاتها العلمية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، لكن مع زيادة عدد المعارض، أصبحت كل جامعة الآن تقوم بتنظيم معارض خاص بها، لكى تستفيد من ثمن تأجير القاعات، وبالتالى أثر ذلك على زيادة التكاليف على الناشر.
وأضاف "فؤاد" أما فيما يخص المعارض الدولية، فتلك المعارض أغلبها مرتبط بمواعيد الأجندة الدولية للمعارض، وبالتالى يصعب تغييرها، ويكون تأثيرها فى زيادة التكاليف، التى وصلت لأسعار عالية، حتى أن الناشر أصبح عليه مبدئيا ما لا يقل عن 70 ألف جنيه، وفى النهاية أى فشل للمعرض أو غياب الجمهور يسبب خسائر كبيرة للناشر.
أما بخصوص عزوف الجمهور عن شراء الكتب فى باقية العام، وانتظار معرض الكتاب، قال أنه كدار نشر متخصصة فى الكتب العلمية لا يواجه ذلك، خاصة فى أوقات الدراسة، كذلك لأن الباحثين يهتموا بنوعية الكتب الذى يقدمها، لكن تبقى الإشكالية فى أن المصريين ليس لديهم ثقافة دور النشر، فهم لا يعرفوا دار النشر، كما أن الأغلبية تهتم بالشراء فى معرض الكتاب من أجل التخفيضات الكبيرة التى تقدم على الكتب فيه.
وقال معتز الخطيب، مدير تسويق العلامة التجارية للإصدارات الثقافية بدار نهضة مصر، إن لا يرى أن كثر المعارض يسبب أى مشكلة، بل بالعكس فهى تساعد على وصول الكتب بشكل أكبر وأوسع إلى القارئ، فمثلا معارض الهيئة العامة للكتاب، والتى تقام بشكل شبه شهرى فى محافظة مختلفة من محافظات الجمهورية، تساعد فى وصول الكتب للقراء، خاصة وأن هناك أقاليم كثيرة فقيرة فى المكتبات وبعضها لا يوجد بها مكتبة واحدة.
وأضاف "الخطيب"، أما بالنسبة فى المعارض العربية، فهى يكون لها خطة موضوعة مسبقا، ويتم عمل حساب لكل معرض، خاصة مع طبيعة المشاركة فى كل معرض تكون مختلفة، مشيرا إلى تزايد عدد المعارض ليس له أى تأثير سلبى على الصناعة، بل بالعكس فهى تزايد على ترويج الكتاب ومن ثم تساعد فى النهوض بصناعة النشر.