نواصل اليوم الجمعة السادس والعشرين من شهر رمضان المعظم سلسلة آية و5 تفسيرات ونتوقف اليوم مع سورة محمد والآية رقم 14 وفيه "أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ".
تفسير الطبرى
يقول تعالى ذكره: (أَفَمَنْ كَانَ) على برهان وحجة وبيان (مِنْ) أمر (رَبِّهِ) والعلم بوحدانيته، فهو يعبده على بصيرة منه، بأن له رَبًّا يجازيه على طاعته إياه الجنة، وعلى إساءته ومعصيته إياه النار، (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) يقول: كمن حسَّن له الشيطان قبيح عمله وسيئه، فأراه جميلا فهو على العمل به مقيم (وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) يقول: واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية الله، وعبادة الأوثان من غير أن يكون عندهم بما يعملون من ذلك برهان وحجة، وقيل: إن الذي عني بقوله: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) نبينا عليه الصلاة والسلام , وإن الذي عُنِي بقوله: (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) هم المشركون.
تفسير القرطبي
قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم.
قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه الألف ألف تقرير. ومعنى على بينة أي: على ثبات ويقين، قاله ابن عباس. أبو العالية: وهو محمد صلى الله عليه وسلم. والبينة: الوحي. كمن زين له سوء عمله أي عبادة الأصنام، وهو أبو جهل والكفار. واتبعوا أهواءهم أي ما اشتهوا. وهذا التزيين من جهة الله خلقا. ويجوز أن يكون من الشيطان دعاء ووسوسة. ويجوز أن يكون من الكافر، أي: زين لنفسه سوء عمله وأصر على الكفر. وقال: (سوء) على لفظ (من) (واتبعوا) على معناه.
تفسير ابن كثير
يقول: (أفمن كان على بينة من ربه) أي: على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه، بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة، (كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) أي: ليس هذا كهذا كقوله: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) [ الرعد: 19 ]، وكقوله: (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) [ الحشر: 20 ].
تفسير البغوى
(أفمن كان على بينة من ربه) يقين من دينه، محمد والمؤمنون (كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) يعني عبادة الأوثان، وهم أبو جهل والمشركون.
تفسير السعدى
أي: لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه، علما وعملا، قد علم الحق واتبعه، ورجا ما وعده الله لأهل الحق، كمن هو أعمى القلب، قد رفض الحق وأضله، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومع ذلك، يرى أن ما هو عليه من الحق، فما أبعد الفرق بين الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين، أهل الحق وأهل الغى!.