محكمة جنوب القاهرة أو "محكمة باب الخلق" كما تعرف بين المواطنين، والتى تقع بجوار مديرية أمن القاهرة بشارع بورسعيد، يرجع وجودها إلى عام 1884 مع ظهور المحاكم الأهلية فى مصر، وكان أول رئيس لها هو القاضى إبراهيم فؤاد باشا، وحملت وقتها اسم "محكمة مصر الأهلية" ثم أصبح اسمها "سراى القضاء العالى"، بعد أن ضمت بين جدرانها محكمة استئناف مصر ومحكمة النقض، ومقر النائب العمومى.
اختارها الملك فؤاد ليحتفل فيها مع القضاة ووزارة الحقانية عام 1933 بالعيد الذهبى لمرور 50 عاما على إنشاء المحاكم الأهلية فى مصر، وتم تجسيد وقائع الاحتفال فى لوحة تشكيلية كانت توجد فى مدخل المحكمة، التى تتميز بأعمدتها وممراتها وزخارفها.
تعرضت المحكمة فى 4 أبريل 2013، لحريق هائل شب فى الطابق الأخير منها، فأتى تماما على كل ما فيه، وبعد معاينة المبنى أوصت اللجنة الهندسية المختصة بترميم المبنى.
وقبل هذا الحريق الهائل نقلت جلسات المحكمة جزئيا إلى محكمة زينهم الجديدة، بعد أن أصبحت محكمة جنوب القاهرة غير قادرة على استيعاب كم القضايا وكم المتقاضين المترددين عليها، حيث يصل عدد المترددين على المحكمة سنويا حوالى 3 ملايين مواطن ما بين محام وقاض وشاهد ومدع، الأمر الذى دفع وزارة العدل إلى إنشاء مبنى جديد للمحكمة بمنطقة زينهم يضم 31 قاعة للجلسات ومكون من تسعة أدوار، افتتحه المستشار الراحل ممدوح مرعى وقت أن كان وزيرا للعدل.
وعقب الحريق الذى تعرضت له المحكمة أعلنت وزارة العدل خطة لبدء ترميمها وتحويل هذا المبنى التاريخى العريق إلى متحف قضائى يحكى تاريخ العدالة فى مصر بداية من المحاكم الأهلية وحتى الحريق الذى نشب بالمبنى عام 2013، ولكن حتى الآن لم تنفذ وزارة العدل خطتها حتى أصبح هذا المبنى التاريخى على صورته الحالية "البائسة والمزرية" ليتحول من مبنى عتيق لأقدم محكمة انشأت فى تاريخ مصر، لمكان مهجور.
وزارة العدل من جانبها وفى آخر رد على ترميم المحكمة، أكدت أن عملية الترميم بحاجة إلى مبالغ ضخمة، خاصة أنها محكمة تاريخية عاصرت فترات مهمة من تاريخ مصر، ومطلوب لترميمها اشتراطات معينة، بحكم تسجيلها ضمن المبانى ذات الطابع الخاص.
135 عاما هو عمر محكمة جنوب القاهرة أو باب الخلق، وظلت هى العلامة المميزة فى هذا المكان، نظرا لتاريخ المبنى وملامحه التى شيدت على الطراز الإنجليزى، وقاعاته الست التى كثيرا ما نظرت بين جدرانها قضايا شغلت الرأى العام، وأصدرت منصتها أحكاما تاريخية فى قضايا شهير، ربما أبرزها محاكمة الرئيس الراحل أنور السادات التى عقدت فى قاعة "6" بالدور الأرضى فى عام 1948 فى قضية اغتيال الوزير أمين عثمان، وحملت القاعة اسمه بعد ذلك، حيث دخلها بعد نحو ثلاثين عاما، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للهيئات القضائية ليعقد أولى جلساته.
قضايا أخرى شهيرة نظرت بداخل المحكمة العريقة، مثل أحداث يناير 1977، وقضية الجاسوس عزام عزام، ونواب القروض، وقضية يوسف والى وزير الزراعة الأسبق ضد جريدة "الشعب"، وقضية مركز ابن خلدون، وغيرها الكثير من القضايا التى تتعلق بسياسيين ووزراء، انتهاء بقضية قتل المتظاهرين فى ثورة 25 يناير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة