كثرة القتل والخلع بين الإخوة، كان أحد أوجه التاريخ القبيح لأمراء البلاد، إلا أن سلاطين العثمانين زادوا من القبح سوءا وأكثر رذيلة لم يسبقهم إليها أحد من المتصارعين على الملك فى تاريخ المسلمين، هى بدعة قتل إخوة السلطان عند توليه، واجتثاثهم جميعا حتى الرضع، وذلك من أجل تلافى فتنة منافسة الخليفة على الملك مما يفسد الدولة ويضعفها بحسب حجتهم.
ومن صور الصراع التى ذكرت عن تاريخ الدولة العثمانية، ما يذكره الكاتب والفقيه الدستورى رجائى عطية، فى كتابه "دماء على جدار السلطة"، مشيرا إلى "بايزيد" ابن سليمان القانونى خشى على نفسه من أطماع أخيه سليم ابن روكسيلانا، ووجد أو تعلل بأن مصيره المحتوم سوف يكوف الذبح فشق عصا الطاعة وأعد جيشا يتحدى به أباه السلطان سليمان، فلما انهزم فر إلى فارس، ولكن الشاه الفارسى سلمه، وكان مصيره الشنق عام 1561م، ولحق به أبناؤه الخمسة الذين ذبحوا محافظة على أمن العرش.
كان السلطان سليم الأو، من أكثر السلاطين عنيفاً إلى درجة كبيرة، فهو الذى اختتم حياته بصفحة سوداء مع نجله الأمير ولى العهد الذى أصبح السلطان سليمان القانوني، عندما حصل على فتوى بقتله للحفاظ على العرش، ثم أرسل إليه عباءة مسمومة إلا أن والدته أنقذته قبل إرتدائها، أما إعتلاء "سليم" للعرش فكان على جثمان شقيقيه الأميريْن كوركود و أحمد، حيث كان الأخير وليّاً للعهد.
ولكن "سليم" استطاع أن يجذب إليه الباشوات والإنكشاريّين الذين كانوا أصحاب القوّة ليوصلوه إلى العرش بعد أن تحارب مع شقيقيْه اللذين تحالف كل منهما مع الصفويّين من جهة، ومع بعض من جهة أخرى، فأمر بإعدامهما ما بين صراعه على العرش ووصوله إلى السلطة.
السلطان سليم خان الثانى وهو السلطان الحادى عشر، ضمن سلاطين المماليك، وابن "روكسيلانا" الروسية، تولى الحكم بعد وفاة أبيه سليمان القانونى، ولم يكن على كفاءة أبيه، أو مؤهلا لمتابعة فتوحاته، لولا وجود الوزير الطويل محمد باشا صقللى، وتولى بعده أولاده السلطان مراد الثالث، ثانى عشر السلاطين العثمانيين، وبدأت فترة حكم الأخير عام 1574م، وبدأ أعماله بتحريم شرب الخمر، ثم ما لبث أن أباحها لثورة الانكشارية، ثم قتل إخوته الخمسة، ليأمن على ملكه من المنازعة وانشغل بعدها بمحاربة العجم
السلطان محمد خان الثالث، هو الآخر ما كاد أن يتولى السلطنة بوفاة أبيه فى 1599، حتى قام بخنق إخوته التسعة عشر، بل أنه قام بخنقهم قبل دفن أبيه، ودفنهم معا تجاه "أيا صوفيا" ولم يحفظ له أثر غير المذبحة البشعة التى تغيا بها حفظ الملك، لكنه مات فى شبابه وهو ابن الـ37 عاما.
السلطان أحمد، والذى جاء بعد أبيه السلطان محمد خان الثالث، وهو الخليفة الرابع عشر من سلاطين الدولة العثمانية، آلت إليه السلطنة بالميرات وهو لم يتجاوز الرابعة عشر بالقليل، لكنه لم يأمر بقتل أخيه مصطفى، بل اكتفى بحجزه بين الخدم والجوارى، لكنه وعند وفاته فى سن الثامنة والعشرين، أوصى بالملك من بعده لأخيه مصطفى.
كما يوضح كتاب "الأعلام العثمانيون" للكاتب أحمد الشرقاوى، إلى أن السلطان مراد خان، والذى استمر حكمه لأكثر من عشرون سنة، كان له من الاولاد ما لم يكن لغيره من السلاطين، بلغ عددهم إلى مائة واثنين، قتل منهم تسعة عشر نفرا يوم الجلوس، ودفنوا عنده أكبرهم مصطفى خان.
فيما يذكر الكاتب خالد زيادة، فى كتابه " المسلمون والحداثة الأوروبية"، إن نهاية السلطان سليم الثالث جاءت بعد سنة من عزله، حين جاء ابن أخيه فى الحكم مصطفى الرابع، والذى أمر بقتل سليم وقتل شقيقه محمود، وتم قتل سليم بصورة بشعة، أما محمود فتمكن من الإفلات ليصبح فيما بعد السلطان الجديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة