بضاعة راكدة وإقبال متراجع.. بهذه العبارة يمكن وصف الحالة التى يعانيها الإعلام الأمريكى فى الآونة الأخيرة خاصة منذ دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، البيت الأبيض قبل قرابة أربع سنوات واعتياده تعرية موقف العديد من الصحف والقنوات والشبكات الإخبارية الأمريكية وفضح أكاذيبها.
وأمام تلك الحالة، بدأت العديد وسائل الإعلام الأمريكية اللجوء إلى مواضيع تعتمد على الإثارة عما سواها، والاهتمام بملفات بعيدة كل البعد عن اهتمامات رجل الشارع من ملفات اقتصادية وسياسية هامة، وتسليط الضوء على ظواهر من بينها المثلية الجنسية، والتى كانت مادة لتقرير نشرته شبكة "سى إن إن" حاولت من خلاله عبر موقعها الإلكترونى قياس مدى قبول ورفض معتنقى كل ديانة لتضارب الهوية الجنسية.
ونقلت الشبكة فى تقريرها نتائج استطلاع قالت خلاله إن غالبية المسلمين الأمريكيين، رفضو تعريف أنفسهم على أنهم مثليى الجنس، مشيرة إلى أنه بالنسبة للعديد من المسلمين المثليين فإن الخروج إلى النور ومواجهة عائلاتهم ومجتمعاتهم الدينية قرارا محفوف بالمخاطر.
ويقول تقرير الشبكة الأمريكية، إن عدد الأمريكيين المسلمين الذين يرون ضرورة قبول المثلية الجنسية، تضاعف خلال العقد الماضى إلى 52%، وربما يكون أعلى بين جيل الألفية.
وتحت شعارات "قبول الآخر"، سلط تقرير "سى إن إن" اللافت، الضوء على مسجد يحمل "الرابية"، والذى تم تاسيسه فى شيكاغو عام 2016، على خمسة ركائز اساسية لقبول الجميع، بما فى ذلك التعهدات بأن يكون "محوره المرأة" ومناهضة العنصرية ضد المثليين، والترحيب بمجموعة متنوعة من التقاليد الإسلامية، المسجد أسسته مهدية لين، وهى امرأة متحولة جنسياً.
مهدية لين مؤسسة مسجد الرابية
ولعدة سنوات، حضرت لين أحد المساجد فى مجتمع مسلم محافظ صغير فى أوكلاهوما، حيث كانت الناس تعتقد أنها امرأة مستقيمة. وتقول لين: "كان هناك دائمًا خطر معرفة هويتى الجنسية.. لكن فى ذلك الوقت، أردت فقط التركيز على إيمانى".
وفى جميع أنحاء العالم، وخاصة في برلين وتورونتو، توجد بعض من المساجد مثل الرابية. لكن عدد المساجد والمراكز الإسلامية التي تدعم المثليين في الولايات المتحدة لا يزال ضئيلاً. وتشير إلى الإمام ضيائى عبدالله، وهو واحد من رجال الدين المثليين القلائل ممكن يعلنوا هويتهم الجنسية، والذى عمل طيلة 4 سنوات على بناء مسجد للمسلمين المثليين فى واشنطن العاصمة، لكنه واجه فقر التمويل مما دفعه للانتقال إلى كولورادو، حيث يبعد أقرب مسجد مسافة ثمانى ساعات بالسيارة.
وعلى الرغم من تزايد الرغبة بين مسلمى أمريكا لقبول المثلية الجنسية ومع ذلك لا يزال الخوف من الإعلان يمتلك الكثيرون. وتنقل عن آنى زونيفيلد، التى ترأس مسلمين من أجل القيم التقدمية، إنها تتلقى مكالمات هاتفية بانتظام من الشباب المثليين والمثليات الذين يتعرضون للتهديد من قبل أسرهم أو يخشون الكشف عن هويتهم الجنسية.
اعضاء من مسجد الرابية خلال الاعداد لبعض الأنشطة
ووفقًا لمسح أجرى مؤخرًا لأكثر من 800 مسلم أمريكى، لم يعرف أحد قط نفسه على أنهم مثليون بسبب الخوف من الإقرار بالأمر. لكن فى مسح أجراه معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم مؤخرًا، قال 31٪ من المسلمين الأمريكيين إنهم يحملون رأيًا إيجابيًا عن المثليين، وأعرب 23٪ عن رفضهم، فيما قال 45٪ أنهم "ليس لديهم رأى".
ووجدت الدراسة أن من بين الكاثوليك واليهود والبروتستانت الذين شملهم الاستطلاع، كان الإنجيليون البيض فقط هم من لديهم آراء أقل تفضيلًا بشأن المثليين.
وفى إبريل الماضى، أعلنت كنيسة المورمون أنها لن تعتبر الأزواج المثليين "مارقين".
لكن قبلها بشهرين، تعرضت الكنيسة الميثودية فى الولايات المتحدة، لأنتقادات واسعة بعد أن تراجعت عن خطة كانت ستفتح الباب أمام زواج المثليين فى الكنيسة حيث مرر المحافظون داخل الكنيسة الميثودية المتحدة، ثالث أكبر طائفة مسيحية فى الولايات المتحدة، إجراء يبقى الحظر المفروض على زواج المثليين وترسيم رجال الدين المثليين، وهو ما اعتبرته بعض وسائل الإعلام الأمريكية بمثابة ضربة لليبراليين.
وفى مؤتمر الميثوديين العام فى سانت لويس، فى فبراير، رفض المندوبون المحافظون خطة ما كان يصفه الليبراليين "الكنيسة الواحدة"، التى كانت ستسمح لبعض الكنائس بالاحتفال بأعراس الجنس المثلية، وترسيم رجال الدين المثليين ومزدوجى الميول الجنسية والمتحولين جنسيا مع السماح للكنائس الأخرى بحقها فى عدم الالتزام بذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة