«لأول مرة.. زوجة تُنذر زوجها على يد محضر: بطل حشيش»..هذا هو عنوان الدعوى الأبرز في قضايا الأحوال الشخصية الذي آثار الرأي العام على حد سواء حيث تباينت ردود أفعال خبراء القانون منذ أمس حول ذلك «الإنذار» الغريب والعجيب من نوعه بين مؤيد لها باعتباره سبباَ من أسباب الطلاق للضرر ولكن بعد إتاحة الفرصة لعلاج الزوج أو الزوجة المتعاطين ومعارض يرى أنه من حق الزوج أن يرفع على زوجته دعوى «سب وقذف».
«إنذار الزوج الحشاش بالإقلاع عن التعاطي» كشف لنا عن المطالبات الغريبة والعجيبة التي تطالعنا بشكل يومي من داخل المحاكم وخاصة محكمة الأسرة، وذلك عبر الدعاوى القضائية التي تقدم من خلال استغلال تأويلات قوانين الأحوال الشخصية، وجعلها تتكيف مع المتطلبات العصرية المتجددة بشكل دائم حيث تحولت دعاوى الزوجات والأزواج والأبناء لدعاوى شاذة، وغريبة على القضاء والمجتمع المصري على السواء.
وعن إشكالية «إنذار الزوج الحشاش بالإقلاع عن التعاطي»، يرى الخبير القانون والمحامى محمد الصادق، أنه لو كان محامى الزوج الذي قُدم فيه الإنذار لقام بإقامة دعوى سب وقذف ضد الزوجة، لأنها نسبت إليه واقعة لو صحت لاستوجبت عقابه، وذلك يأتي تأصيلاَ لعدة أمور قانونية كالتالي: «مبدئياَ ليس في القانون ما يمنع الزوج من رفع دعوى سب أو قذف ضد زوجته، طالما توافرت أركانها، وطالما تمت بشكوى من المجني عليه خلال المدة المحددة».
فضلاَ عن أن الزوجة – وفقا لـ«الصادق» فى تصريح لـ«اليوم السابع» - نسبت لزوجها فعل التعاطي وهو ما يُعد قذفاَ، لأنها جريمة لو صحت لاستحق مرتكبها العقاب، ونشر الإنذار وتداوله بين الموظفين تحقق ركن العلانية، أما إذا افترضنا صحة الواقعة فهنا سنقوم بطرح السؤال البديهي الذي يعتبر «مقطع النزاع» من المكلف بإثبات صحة الواقعة التي تمثل قذفا ؟
هل تملك الزوجة إثبات صحة تلك الواقعة؟
وفى الحقيقة الزوج هنا غير مكلف بإثبات ذلك، لأن الأصل فيه هو البراءة، وبالتالي فهو ليس مضطر لإثبات براءته من تلك التهمة «تهمة التعاطي التي لم تثبت أصلا»، والسؤال هنا أيضاَ هل تملك الزوجة إثبات صحة تلك الواقعة؟، يُجيب «الصادق» في اعتقادي لا يجوز لها ذلك لثلاثة أسباب :- «لكي تثبت الزوجة صحة الواقعة، فالأمر يستلزم التعدي على حرمة جسد الزوج وإكراهه على عمل تحليل مخدرات وهو ما لا يجوز، من ناحية أخرى، فإثبات صحة واقعة القذف لا يكون إلا في حالة كون المجني عليه موظفاَ عاماَ مثلما يقول شخص لموظف عام (أنت مرتشي)، فيقوم الموظف برفع قضية قذف ففي هذه الحالة – فقط - يصح لي في معرض الدفاع عن نفسي، إثبات أن الموظف فعلا مرتشي، وأخيراَ القاعدة أن الخصم مكلف بإثبات دفعه، يعني لا يصح أني ادفع دفع واطلب من خصمي أن يقوم بإثباته».
تحليل DNA
لإثبات الواقعةوبناء على ما سبق وترتيبا عليه – يكون ما قامت به الزوجة من عبارات تضمنها «الإنذار» يشكل جريمة قذف معاقب عليها طبقا لنص المادة 302 من قانون العقوبات، أما في حالة رفع الزوجة دعوى طلاق للضرر لهذا السبب – أنه مدمن - هل يجوز لها إجباره على عمل التحليل ؟، يوضح «الصادق» من الممكن فعلاَ أن يطلب القاضي منه ذلك الأمر قياسا علي قضايا إثبات النسب وطلب عمل DNA، إلا أننا في هذه الواقعة نتحدث من الناحية الجنائية عن إثبات واقعة القذف - وهي الإدمان - وليس إثبات سبب الطلاق، فالأمر يختلف، والمحكمة المعروض عليها الأمر تختلف ويحكمها قانون مختلف.
رأى أخر يتهم المحامى وليس الزوجة بالسب والقذف
بينما كان للخبير القانوني والمحامى محمد الشهير رأيا أخر، حيث أكد أن الواقعة المسندة جاءت في معرض قيام المحامي بعمله القانوني، وهو ما يُعد من قبيل حق الدفاع الغير مؤاخذ عليه، وقد سبق أن أقرت محكمة النقض ذات المبدأ في الطعن رقم 1901 لسنة 59 ق عندما نقضت حكم حبس في جريمة قذف بناء على عبارات واردة ضمن إنذار بإخلاء عين مؤجرة.
ويُضيف «الشهير» في تصريح خاص - أما في حال توافر أركان الجريمة وثبوت تخطي حدود الدفاع، فإن واقعة القذف لا تقع على عاتق الموكلة، وإنما يكون مركزها القانوني هو «شريك في الجريمة» لأنها حرضت المحامي المنذر على قذف الزوج، وسيكون المحامي هو المتهم في واقعة القذف – في إشارة للمحامى عبد الحميد رحيم مقدم الإنذار - لأنه استخدم وسيلة التواصل الاجتماعي في التشهير بالمنذر ضده، لإسناده واقعة تستوجب الاحتقار بين اقرانه حيث أنه حتى مع إخفاء الأسماء، فإن عرض تاريخ الزواج وتاريخ ميلاد الطفل يحملان دلالة على شخص المنذر إليه لكل من يتصل به بصلة قرابة.
محامى الزوجة يرد عنه الاتهام
وعن غرابة «الإنذار» قال عبدالحميد رحيم، محامي الزوجة، إنه من حق الزوجة إنذار زوجها بكل أمر ينذر بتدمير الحياة الزوجية، لارتكابه أمر مخالف شرعًا ومجرما قانونًا، باعتبار أن الغرض من الإنذار قد يكون إمهاله مدة للعلاج أو إنذار أخير له، باحترام الحياة الزوجية.
وعن مسألة اتهامه بسب وقذف الزوج، رد «رحيم» فى تصريح خاص – أنه ليس هناك مجال لاتهامه بمثل هذه الأمور لأن الزوج مسجل مخدرات وتم ضبطه في أكثر من واقعة بحسب السجل الجنائي له، أما الزوجة فستسند إليه في دعوى الطلاق أنه لم يقلع عن تعاطي الحشيش، ويتعالج وسيكون سندها أمام المحكمة، وإحالته للطب الشرعي للتحليل له حتى تثبت بأنها لم تتجرأ عليه أو تتهمه بطلانا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة