حلال للدواعش، حرام على الأتراك.. بهذه العبارة يمكن إيجاز الحكم الغريب الذى أصدره مؤخراً القضاء التركى بتبرئة داعشى نشر أفكاراً متطرفة وحرض على العنف، مستنداً فى حكمه إلى أن ما بدر من المتهم يندرج تحت بند "حرية التعبيير" فى بلد تمتلئ فيه السجون بعشرات الآلاف من الأتراك بتهم ملفقة وغير واضحة تدور أغلبها حول الانتماء لحركة الخدمة المعارضة.
أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش
الداعشى التركى، الذى نال البراءة فيما لا يزال أكثر من 200 صحفى خلف الأسوار دون التفات لمعايير حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير يدعى كوشكون ديمير، ويبلغ من العمر 27 عاماً ، انخرط قبل سنوات وبحسب جهات تحقيق تركية فى تنظيم داعش الإرهابى، وروج أفكار وحاول استقطاب أعضاء جدد للتنظيم بخلاف تحريضه الواضح على العنف.
وأعتقل كوشكون فى نوفمبر 2017 بسبب أنشطته ضمن تنظيم داعش، وافرج عنه لاحقًا في انتظار المحاكمة، ثم اعتقل مرة أخرى في مايو 2018 بتهم مماثلة، وفى شهادته أمام المحكمة فى 30 مايو 2018، اعترف بنشر الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعى لصالح "داعش"، ودافع عن موقفه فى السعى لإطاحة النظام العلمانى فى تركيا.
وفي نهاية المحاكمة، التي نظرت في كل من لوائح الاتهام ضد كوشكون، والتي انتهت في 22 نوفمبر 2018، فإن المدعي الجديد، مصطفى صافاش، الذي اختير لتولي القضية، قرر بشكل مفاجئ أن يطلب من المحكمة تبرئته من جميع التهم، لتقدم هيئة القضاة بالإجماع أمس الأحد على تبرئته على أساس أنه يتمتع بالحق في ممارسة حرية التعبير.
ويرى مراقبون أن تغلغل نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم فى شئون القضاء وصل إلى مرحلة بالغة الخطورة، وهو ما بات واضحاً فى صدور العديد من الأحكام القضائية المسيسة والتى افقدت الأتراك آخر أمل فى أن ينالوا حقوقهم فى ظل حالة القمع والاستبداد المفروضة عليهم منذ سنوات.
بدوره، علق مركز "نورديك مونيتور" لرصد التطرف والإرهاب والجريمة، على الحكم التركى إن محكمة تركية برأت كوشكون ديمير (27 عاما)، الذى يقيم فى مقاطعة أرضروم شرقى تركيا، بعد توجيه اتهامين له بالانتماء إلى تنظيم "داعش".
ونقل المركز بحسب ما نشرته شبكة سكاى نيوز عن وثائق رسمية أن ديمير المعروف أيضاً بـ"أبو حنظلة" كان جزءا من خلية متشددة، وقد ساعد العديد من الأتراك على الانضمام إلى "داعش" و"القاعدة" وجماعات مسلحة متطرفة أخرى فى العراق وسوريا.
وذكر المركز الدولى أن المحققون فى القضية تبين لهم أن ديمير كان على اتصال مع متشدد تركى آخر يدعى "أبو بكر"، الذى تقول السلطات التركية إنه العقل المدبر لهجمات شنها تنظيم "داعش" داخل تركيا.
كما أظهرت الأدلة أن ديمير تواصل مع شخص تركى يعرف باسم محمد سيليف، وهو رجل مطلوب بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش".
ومنذ محاولة الانقلاب على نظام حكمه، أطلق رجب طيب أردوغان حملة أمنية واسعة شملت اعتقالات خارج نطاق القانون بخلاف الفصل من الوظيفة لمدنيين وعسكريين بزعم الانتماء أو التعاون مع حركة الخدمة التى يتزعمها المعارض التركى فتح الله جولن.
وتتضمن قوائم المعتقلين الأتراك ما لا يقل عن 200 صحفى، والمئات من النساء والأطفال، فى حملة فشلت الإدانات الدولية المتتالية فى وقف وتيرة حدتها فى محاولة لتكميم أفواه الشعب التركى وإرغامه على قبول نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة