بقدر ما ينطوى عليه ألم المبدع من أحزان، فإنه قد يكون دافعا لمزيد من الإبداع، وتكشف استجابات المبدعين فى مصر والعالم ككل لتحديات المرض وآلام الفقد عن حقائق ملهمة فى مواجهة محن كمحنة المرض.
وفى الآونة الأخيرة توالت أنباء حول مثقفين ومبدعين وإعلاميين يصارعون المرض مثل الكاتب لينين الرملى والإعلامى شريف مدكور والمخرجة سميحة الغنيمى.
ويعانى لينين الرملى المرض منذ سنوات، وقد ولد يوم الثامن عشر من أغسطس عام 1945 بالقاهرة وشكل مع الفنان محمد صبحى "ثنائيا فنيا" كتب أعمالا شهيرة فى المسرح المصرى مثل:"تخاريف" و"بالعربى الفصيح" و"انتهى الدرس يا غبي" و"اهلا يابكوات" و"وجهة نظر" و"الكابوس" و"الهمجي" ومن أعماله التى كتبها للسينما:"الإرهابي" و"بخيت وعديلة" و"البداية" كما نجحت كتاباته لمسلسلات تلفزيونية مثل: "هند والدكتور نعمان" وحكاية ميزو" و"مبروك جالك ولد".
وإذ طالب الكاتب الصحفى الكبير صلاح منتصر بتكريم لينين الرملى الذى وصفه "بالمبدع الحقيقي". لافتا إلى أنه "يرقد صامتا فى أحد المستشفيات" أعلن الفنان أحمد عبد العزيز، رئيس المهرجان القومى للمسرح المصرى، أن الدورة الثانية عشرة لهذا المهرجان، ستشهد استحداث مسابقة وجائزة دائمة فى التأليف المسرحى تحمل اسم "لينين الرملي" تقديرا لهذا المبدع المصرى وإسهاماته فى الكتابة التى أثرت المسرح ومسيرته الأدبية والفنية الحافلة على مدى نحو نصف قرن.
وقد يكون الألم ومحنة المرض سببا لمزيد من العطاء كما كشف الإعلامى شريف مدكور فى مقابلات تلفزيونية حيث أصر على مواصلة عمله رغم إبلاغه بحقيقة مرضه كما أن "الفقد" قد يكون سببا للكتابة والإبداع، كما أشار الأديب اللبنانى أحمد على الزين موضحا أن الفقد يجعلنا فى حالة من الشوق "تدفعنا للتبليغ عن شىء ما".
والكاتب المصرى الدكتور أحمد خالد توفيق الذى ذاع صيته فى "أدب الرعب والخيال العلمى" وحلت أمس الأول "الاثنين" الذكرى السابعة والخمسين لمولده كان من المبدعين الذين اهتموا بفكرة الفقد وآخر ما كتبه قبل رحيله عن الحياة الدنيا رواية بعنوان دال هو :"أفراح المقبرة" فيما فسر هذا الاهتمام بأنه "حفاوة بالموت" وهو الذى رأى أن "الموت يختار ببراعة..يختار الأفضل والأنبل والأشجع".
وأحمد خالد توفيق الذى ولد فى العاشر من يونيو عام 1962 وقضى فى الثانى من أبريل عام 2018 له رواية بعنوان "قهوة باليورانيوم" اعتبرها البعض أنها حملت نبؤة بموعد وفاته ودفنه مستشهدين بقوله فى هذه الرواية:"اليوم كان من الوارد جدا أن يكون موعد دفنى هو الحد 3 أبريل بعد صلاة الظهر..إذ كان هذا هو الموت بدا لى بسيطا ومختصرا وسريعا".
لكن الأمر ليس بهذه البساطة عند كثير من الناس حيث يقترن الفقد بالخوف ومن هنا باتت كتابات الفيلسوف الفرنسى لوك فيرى وهو وزير سابق للتربية والتعليم تلقى إقبالا كبيرا من القراء لأنها تساعدهم فى قهر مخاوفهم التى تشل الحياة.
وهذا الفيلسوف الفرنسى الذى ولد عام 1952 يعرف "بفيلسوف الخلاص" وهو من الفلاسفة الجدد الذين ينتهجون خطابا مبسطا فى تحليل القضايا الراهنة لانسان هذا العصر بعيدا عن التعقيد واللغة التى لايفهمها سوى الخاصة ، فيما رأى "فيلسوف الخلاص" لوك فيرى ان الحكيم هو الشخص الذى لم يعد يخاف الموت.
وإذ يتطرق الكاتب اللبنانى الأصل والروائى الكبير أمين معلوف فى كتابه الأخير "غرق الحضارات" لأيام الصبا التى عاش بعضا منها فى مصر باعتبارها الوطن الذى ولدت فيه أمه فيما تزوج والداه فى القاهرة عام 1945 فان هذا المبدع الذى يعيش فى فرنسا منذ عام 1976 يشير فى كتابه الأخير لألم الفقد عندما مات والده بفعل صوت انفجار قوى ابان الحرب الأهلية اللبنانية.
وعن أحزان الفقد، استعادت الكاتبة الدكتورة نوال السعداوى نبأ تلقيها فى كندا لخبر وفاة المبدع الكبير توفيق الحكيم الذى قضى عام 1987 بالقاهرة فتقول :"كنت فى بلاد تغطيها الثلج فوق جزيرة بالمحيط الأطلنطى جنوب كندا حين قرأت نعى توفيق الحكيم..جلست وحدى فوق الصخرة ورذاذ الأمواج يضرب وجهى ورذاذ الثلج يتساقط فوق رأسى ودرجة الحرارة عشرين تحت الصفر لكنى لم اشعر بالبرد وادركت لحظتها ماهو الحزن".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة