بعد عشرات السنين من الإنكار والالتفاف حول القوانين الدولية التى تجرم استخدام المفاعلات النووية للأغراض غير سلمية، أقر مركز الأبحاث النووية في مفاعل ديمونا للمرة الأولى أمس الثلاثاء، أنه وقعت تسربات لمواد مشعة خطيرة منذ عدة سنوات، أصابت عدد من العاملين بالمفاعل بأمراض خطيرة من بينها السرطان .
وذكرت هيئة البث التلفزيونى الرسمية "مكان" أن تلك المعلومات جاءت ضمن وثيقة تم الكشف عنها في إطار دعوى تعويضات قدمها عامل سابق في المركز النووى، يدعى فريدى طويل، والذى أصيب بمرض السرطان جراء هذا التسريب.
وأضافت هيئة البث الإسرائيلية، أن إدارة المفاعل النووى أقرت فى أعقاب تقديم الدعوى، بوقوع تسريب لمواد مشعة أن العامل تعرض لمواد مشعة، وأنه حصلت حوادث وتسربات لمواد مشعة في داخل المفاعل، ولكن دون تقديم أية تفاصيل بشأن تاريخ وقوع هذه الحوادث.
تقرير مفاعل ديمونا
وقال طويل- الذى تعرض للسرطان نتيجة التسريبات : "إن الوثيقة أرسلت إليه عن طريق البريد الإلكتروني مؤخرا، وإنه اكتشف أنه تعرض بالفعل لوقوع حوادث رغم أن أحدا لم يهتم بإطلاعه على ذلك خلال السنوات التي عمل فيها في المفاعل".
وأضاف طويل : " جسدي تعرض لسموم تسببت بالمرض، لقد انتهت حياتي في جيل 56 عاما"، على حد قوله ، وتساءل لماذا لم يسأل أطباء الأورام الكبار وقضاة المحكمة المركزية الأعضاء في اللجنة المفاعل النووي الأسئلة المطلوبة بعد أن وضعت الوثيقة الجديدة أمامهم،وتم فتح تحقيق مباشر مع المسئولين عن التسريب".
فعنونو مسرب أسرار ديمونا
فضيحة التسريب الإشعاعى تعيد للأذهان مرة أخرى تسريب استاذ الهندسة النووية وأحد العاملين السابقين بالمفاعل "مردخاى فعنونو" الذى لاحقته إسرائيل بعدما سرب معلومات تؤكد أن إسرائيل تمتلك قنبلة نووية وتقوم بتصنيعها وذلك فى عام 1986 ، من خلال تمكنه من تصوير مناطق حيوية بالمفاعل .
مردخاى فعنون
وكان كشف "فعنونو" عن البرنامج النووي الإسرائيلي تأكيدا لشكوك بأن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، كما أظهر هذا الكشف أن البرنامج النووي الإسرائيلي أكبر وأكثر تقدما مما كان يعتقد فيما سبق.
وعمل فعنونو فنيا لمدة تسع سنوات بمركز ديمونة للأبحاث النووية في صحراء النقب، إلا أنه ترك ذلك العمل في أواخر عام 1985 وتنقل بين دول الشرق الأقصى بعد أن تحرر من وهم العمل الذي كان يشارك به.
مردخاى فعنون
واستولى فعنونو قبل أن يترك وظيفته على فيلمين مصنفين تحت بند سري للغاية يشرحان جانبا من الأعمال التي تجري بمفاعل ديمونة والمعدات التي تستخدم هناك بما فيها المواد الخاصة باستخراج المواد الإشعاعية المخصصة للإنتاج العسكري ونماذج معملية للأجهزة النووية الحرارية.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل عقب اقامتها فى مايو 1948 بدأت التفكير فى صناعة القنبلة النووية ، وامتلاك أسلحة دمار شامل إذ سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ، ديفيد بن جوريون، إلى امتلاك سلاح نووى إلا أنه في نفس الوقت لم يرغب في إثارة حفيظة أصدقاء إسرائيل عن طريق جلب أسلحة غير تقليدية إلى منطقة متأججة كمنطقة الشرق الأوسط..
ومن هذا المنطلق توصلت إسرائيل إلى اتفاق سري مع فرنسا لبناء مفاعل ديمونة الذي يعتقد أنه بدأ في تصنيع مكونات الأسلحة النووية في الستينيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة