حصل الكاتب والقاص شريف صالح، على درجة الدكتوراه، فى النقد الأدبى الحديث، بمرتبة الشرف، من المعهد العالى للنقد الفنى التابع لأكاديمية الفنون، عن رسالته التى جاءت بعنوان "التحليل السيميائى للنص المسرحى: يسرى الجندى نموذجًا".
وتكونت لجنة المناقشة من كل من الدكتورة سامية حبيب مشرفًا ومناقشًا وسيد الإمام مناقشًا من الداخل وأحمد مجاهد مناقشا من الخارج.
وتعتمد الرسالة على تطبيق المنهج السيميائى على جميع النصوص المسرحية المنشورة للكاتب المسرحى للكاتب يسرى الجندى ومنها: اغتصاب جليلة، على الزيبق، حكاية جحا، رابعة العدوية، عنترة، الاسكافى ملكا، وبغل البلدية، وتنقسم الدراسة إلى بابين رئيسين: تناول الباب الأول السيمياء الوصفية للنص المسرحى أو الكيفية التى يتبدى بها عبر تحليل لغة الإرشادات ولغة الحوار الدرامي إضافة إلى الإطار النظرى، أما الباب الثانى فجاء أقرب إلى السيمياء التأويلية عبر تعليل مكونات وعناصر الدراما المختلفة كالفضاء أو الزمكانية والفعل الدرامى والفواعل والجمهور.
ومن أهم نتائج الدراسة:
• أن النص المسرحي خطاطة مادية ذات بداية ونهاية، لكنه ليس من السهل استقصاء كل علاماته، واستكناه أفضل تأويلاته، بمعزل عن قصدية مؤلفه.
• لا يُنجز الفعل الدرامي إلا إذا أُسند إلى الفواعل وفقًا لترسيمتها السداسية. وقد لعب "الممثلون" و"الرواة"، دور المرسل في أكثر من نص. ما يعني بالضرورة أن "المرسل إليه" هو "الجمهور". وفي بعض الأحيان تمثل "المرسل" في حادث مادي كالحرب أو عملية اغتيال.
• هيمنت "الذوات" الفاعلة ذات المرجعية التاريخية على معظم النصوص، وهو ما يتماشى مع المنطق الذكوري لمفهوم البطولة، والاكتفاء بحضور المرأة في الدرجة الثانية من الأهمية.
• عبر هذه النماذج تم تمرير خطاب أيديولوجي يساءل قيم الحرية والعدالة والخلاص، والاشتغال على تصورات السلطة وعلاقتها بالشعب، وما يُحاك ضد الوطن من مؤمرات وتربص "الهمج" به.
• لا تفصل النصوص مفهوم الوطن عن امتداده وسياقه العربي والإسلامي، وهو ما يظهر في وجود نصين عن القدس وفلسطين هما "ماذا حدث لليهودي"، و "واقدساه"، ونص ثالث عن الجزائر "الطفل الجميل الذي لم يمت". كما يظهر في تنوع النماذج البطولية من زمكانيات عربية وإسلامية متباينة.
• رغم محاولات إشراك عامة الشعب في النقاش، وفي الفعل الدرامي.. إلا أن الإنجاز ظل مرهونًا على الدوام بالبطل المخلص، القادر على تصحيح علاقة الشعب بالسلطة. وغالبًا كانت تلك المحاولات تنتهي إلى الفشل، بسبب فرديتها. فالرهان على "بطل خارق" مُنتظَر، يضع الشعب غالبًا في خانة المتلقي السلبي، والقابل للانخداع بأي وجه ديكتاتوري يقدم نفسه كبطل مخلص. ولعل من النصوص القليلة التي أنجزت فيها "الذات" هدفها في الحرية والخلاص من الديكتاتورية، كان نص "معروف الإسكافي" ليس فقط لأنه مثل نموذج الرجل العادي من عامة الشعب، بل أيضًا لأنه تراجع للوراء خطوتين وترك السلطة لأهل جزيرة النعاس أنفسهم. كما كان النجاح حليف "جحا" عندما أصبح كبير القضاة، لأنه في الأساس رجل هزلي. وهنا المفارقة أن الذاتين الأكثر ضعفًا، أنجزتا ما لم يستطع إنجازه عنترة، والزيبق، وأبو زيد الهلالي!
• إذا ما تم ربط النصوص بسياقها التاريخي، عقب نكسة يونيو، ذلك الجرح الهائل في نظام عبد الناصر بأحلامه القومية، فإنها جميعًا، كانت محاولات متكررة لعلاج ذلك الجرح.. للتأكيد على قناع عبد الناصر كمخلص وبطل شعبي طال انتظاره، إذا ما التف الشعب حوله، في مقابل رفض قناع عبد الناصر كديكتاتور، وما يرتبط به من فساد الحاشية والانتهازية. هذا التصور ـ في أفضل أحواله ـ عاجز عن تجاوز مفهوم "المستبد العادل" بل يعيد إنتاجه وتكريسه، أكثر مما يتيح للناس مشاركة حقيقية في اللعبة المسرحية، أو في تقرير مصيرها.
• بحكم انتماء معظم النصوص إلى المسرح الملحمي، فهي بالتالي لا تلتزم ولا تتقيد بالمنظور الأرسطي، لذلك فإنها لا تقبل دائمًا الإخضاع للنموذج الفاعلي، بل على الدوام ثمة فجوات، ونقص، واستطراد. فقد يتسع النموذج الفاعلي ليضم عددًا من الذوات المتكافئة نسبيًا كما في "الهلالية"، أو يضيق كما في "بغل البلدية" حيث اختزال المرسل والمرسل إليه والذات في "الأباصيري به" وصراعه بين نسختيه القديمة والحديثة. وثمة نصوص أنتجتها مناسبات بعينها، مثل "حدث في وادي الجن" التي تحتفي بمرور خمسين عامًا على وفاة شوقي وحافظ، كانت الأكثر ضعفًا في بنائها الفاعلي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة