كيف تمثل كوريا الشمالية ورقة الصين لمساومة أمريكا؟ زيارة شى لبيونج يانج قبل لقاءه بترامب رسالة مفادها أن القضية مازالت بقبضته.. ويسعى لمساومة الإدارة للحصول على تنازلات تجارية مقابل تمرير اتفاق يدعمها انتخابيا

الخميس، 20 يونيو 2019 01:13 م
كيف تمثل كوريا الشمالية ورقة الصين لمساومة أمريكا؟ زيارة شى لبيونج يانج قبل لقاءه بترامب رسالة مفادها أن القضية مازالت بقبضته.. ويسعى لمساومة الإدارة للحصول على تنازلات تجارية مقابل تمرير اتفاق يدعمها انتخابيا ترامب وكيم
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن الصين تبقى معضلة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليس فقط فيما يتعلق بالقضايا الخلافية بين بكين و واشنطن، وعلى رأسها الخلافات التجارية، وإنما أيضا باعتبارها حجر عثرة أمام أى تقدم لتحقيق انتصار دبلوماسى، يمكنه من خلاله تقديم أوراق اعتماده أمام الأمريكيين قبل انتخابات الرئاسة، والمقررة فى العام المقبل، خاصة فيما يتعلق بالملف الكورى الشمالى، حيث تمتلك الصين النفوذ الأكبر لدى بيونج يانج، وبالتالى فلا يمكن الوصول إلى حلول للقضية الشائكة التى دامت لعقود طويلة من الزمن دون مباركة صينية.

ولعل الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى كان أول من قدم النصيحة للرئيس ترامب، خلال زيارة الأخير للعاصمة مانيلا، فى إطار جولته الآسيوية التى قام بها فى نوفمبر 2017، حول أهمية استرضاء الصين، من أجل تحقيق الانتصار الذى يتطلع إليها، فى القضية النووية الكورية الشمالية، حيث قال له "إذا ما أرادت إنهاء أزمة كوريا الشمالية فعليك بالصين.. فهى من تملك مفتاح حل الأزمة هناك"، وهى النصيحة التى عمل بها ترامب فى بداية المفاوضات مع بيونج يانج، إلا أنه اتخذ منحى أخر فى أعقاب القمة الأولى التى جمعته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، فى يونيو 2018، معتقدا أنه يمكنه تنحية الصين بعد نجاحها.

 

دور عميق.. كوريا الشمالية تتمسك بالصين كضامن لأى اتفاق

فبمجرد انتهاء القمة الأمريكية الكورية الشمالية الأولى، أطلقت الولايات المتحدة حربها التجارية تجاه الصين، والتى تستهدف تحقيق التوازن التجارى، بعد سنوات طويلة من الاختلال، ليقوم بعدها كيم جونج أون بزيارة إلى الصين، تحمل فى طياتها رسالة صريحة لواشنطن، مفادها أن الصين تبقى حليفا لا غنى عنه، فيما يتعلق بأى مفاوضات مع الولايات المتحدة، خاصة وأن بكين لعبت الدور الأبرز خلال عقود من الحصار فرضها المجتمع الدولى على الدولة المارقة.

 

كيم وشى
كيم وشى

الدور الصينى العميق فى الأزمة الكورية تجلى فى أبهى صوره، فى ديسمبر الماضى، حيث كان اتفاق الهدنة التجارية الذى توصل إليه ترامب مع نظيره الصينى شى جين بينج، فى العاصمة الأرجنتينية بيونيس آيرس، بمثابة ضوء أخضر لانعقاد القمة الثانية بين واشنطن وبيونج يانج، والتى عقدت فى العاصمة الفيتنامية هانوى، فى فبراير الماضى، حيث كان الإعلان عنها من قبل ترامب، بمجرد انتهاء لقاءه مع الرئيس الصينى، فى انعكاس صريح لامتلاك بكين لكافة الخيوط المرتبطة بالقضية الشائكة وبالتالى عدم قدرة الولايات المتحدة على تجاوز الدور الصينى فى أى مرحلة من مراحل التفاوض.

وتعد الزيارة التى قام بها كيم للصين، فى يناير الماضى، مستبقا قمته مع ترامب، رسالة جديدة من الجانب الكورى الشمالى، تدور حول تمسكها بالصين كطرف ضامن لأى اتفاق محتمل مع الولايات المتحدة، فى ظل انعدام الثقة فى الجانب الأمريكى، وهو ما يرجع فى جزء كبير منه إلى رفض إدارة ترامب لرفع، أو على الأقل، تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على بيونج يانج، بالإضافة إلى قرار الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى مع إيران، وهو ما يمثل انعكاسا لانتهاك واشنطن لالتزاماتها الدولية.

توقيت الزيارة.. شى يقدم رسالة مزدوجة لترامب

إلا أن الزيارة الحالية تأتى من جانب الرئيس الصينى شى جين بينج إلى كوريا الشمالية، لتبدو وكأنها تهدف فى الأساس إلى تقديم دعم صريح من بكين لموقف بيونج يانج تجاه واشنطن فى ظل التوترات الأخيرة، والتى دفعت نحو تبادل التصريحات العدائية، وإن كانت بصورة أخف من السابق، إلا أن توقيتها يحمل رسالة مزدوجة إلى واشنطن فى المرحلة الحالية فى ظل تعثر المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين.

ترامب وشى
ترامب وشى

فلو نظرنا إلى توقيت زيارة الرئيس الصينى لبيونج يانج، نجد أنها تأتى استباقا لقمة أمريكية صينية مرتقبة فى اليابان، على هامش قمة العشرين المقررة فى الأسبوع القادم، والتى أعلن عنها مؤخرا الرئيس ترامب، كما أنه تتزامن مع انطلاق الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى من أجل إعادة انتخابه لولاية ثانية، والتى بدأت أمس الثلاثاء فى مدينة أورلاندو الأمريكية.

ورقة ضغط.. كوريا الشمالية سلاح الصين لمجابهة ترامب

وهنا تصبح كوريا الشمالية بمثابة ورقة ضغط صينية، يمكن استخدامها فى المفاوضات التى تخوضها بكين فى المرحلة الراهنة، مع الولايات المتحدة، فى ظل تعثر المفاوضات، بين الجانبين من ناحية، كما أن الزيارة تعكس إدراك الصين لأهمية الملف الكورى الشمالى فى أجندة ترامب الانتخابية من ناحية أخرى، حيث أنه يراهن على تحقيق النجاح فى هذا الملف، ليكون احتواء الخطر النووى الذى طالما مثلته بيونج يانج، بمثابة انتصاره الدبلوماسى الذى يسعى إلى تقديمه للمواطن الأمريكى، بعدما فشل أسلافه لعقود فى تحقيق هذا الهدف.

ترامب وكيم
ترامب وكيم

 

الرهان الأمريكى على ملف كوريا الشمالية، ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، حيث سبق وأن راهن عليه ترامب قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، والتى عقدت فى نوفمبر الماضى، إلا أنه لم يفلح بسبب تعثر المفاوضات، وهو الأمر الذى لعبت فيه الصين دورا بارزا، مما ساهم فى خسارة الحزب الجمهورى الذى ينتمى إليه الرئيس للأغلبية فى مجلس النواب، لصالح خصومه الديمقراطيين، وإن كان قد نجح فى الاحتفاظ بأغلبية المقاعد فى مجلس الشيوخ.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة