حازم حسين يكتب: جريمة جديدة فى صحيفة سوابق BBC.. الشبكة تزيف المعلومات وتتلاعب بالصور لإفساد "كان 2019".. تحاول الوقيعة بين دول الاتحاد الأفريقى وإثارة شعوب القارة.. وتتبنى رسائل الإخوان و"ميليشيات بنكيران"

الإثنين، 24 يونيو 2019 12:44 م
حازم حسين يكتب: جريمة جديدة فى صحيفة سوابق BBC.. الشبكة تزيف المعلومات وتتلاعب بالصور لإفساد "كان 2019".. تحاول الوقيعة بين دول الاتحاد الأفريقى وإثارة شعوب القارة.. وتتبنى رسائل الإخوان و"ميليشيات بنكيران" جريمة جديدة فى صحيفة سوابق BBC
حازم حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تزعم طوال الوقت أنها معيار للمهنية والأداء الإعلامى الأبيض، بينما فى واقع الأمر تبدو مُدوّنة BBC التحريرية مليئة بالثقوب والفراغات، ليس فقط فيما يخص معالجتها المنحازة للقضايا الساخنة، خاصة فى المنطقة العربية وشمال أفريقيا، ولكن الأفدح فى اختلاقها لموضوعات غير مُثارة، أو تضخيمها لأمور أخرى لا تشغل حيّزًا واسعًا، ومحاولة إضفاء رواج وقيمة إخبارية مرتفعة على أحداث هامشية، للإيحاء بأنها قضية الساعة أو موضوعا مفتوحا للصراع والاحتراب. وتلك النقطة تتجاوز تمامًا حدود الدور الإعلامى الناقل للأمور فى أحوازها، دون تضخيم أو اشتباك أو تلوين.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (15)

تلك الممارسات أخذت حيّزًا عريضًا فى معالجات BBC لقضايا المنطقة العربية وشمال أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، خاصة عقب ثورة 30 يونيو وإطاحة جماعة الإخوان الإرهابية من حُكم مصر، ومع صعود إخوان المغرب "العدالة والتنمية" ورئيس الوزراء السابق عبد الإله بنكيران للسلطة فى المغرب، ومع إطلاق الجيش الليبى عمليته الواسعة لتحرير البلاد من قبضة الميليشيات الإرهابية. فى كل تلك الأمور بدت الشبكة البريطانية مُنحازة إلى الجانب الآخر، المصادم لرغبة المجموع الشعبى، وفى سبيل إنجاز تلك الانحيازات لأغراضها تبنّت رؤى مُلوّنة أو مغلوطة تُطلقها مجموعات الأقلية فى تلك الصراعات، بل واختلقت أمورًا أخرى لا أساس لها، كما فعلت فى تقرير لها عن فتاة اسمها "زبيدة"، قالت إنها مسجونة فى مصر، وخرجت بنفسها لاحقًا لتُكذّب الشبكة وتؤكد زواجها وحياتها مع زوجها فى هدوء.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (16)

إثارة الفتنة فى أفريقيا واستهداف "كان 2019"
 

أحدث حلقات الموقف المشبوه لهيئة الإذاعة البريطانية استبق افتتاح كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم "كان 2019" بعدة ساعات، وتوالى لاحقا فى تغطيات ومعالجات صحفية وتليفزيونية عديدة، كان شعاره العام الوقيعة بين الاتحاد الأفريقى، والاتحاد الأفريقى لكرة القدم "كاف" من جانب، ودول القارة الكبرى، خاصة القوس العربى فى الشمال.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (17)

سعت الشبكة إلى استغلال خطأ غير مقصود فى فيديو أغنية البطولة، لإثارة الشعب المغربى وشحنه ضد مصر والبطولة والمؤسسات الأفريقية. كان الأمر عبارة عن صورة لم تستغرق ثلاث ثوانٍ على الشاشة، يعرض خريطة أفريقيا وفى قوسها الشمالى الغربى يظهر علم جبهة البوليساريو المتنازعة مع المملكة المغربية الشقيقة، وانطلاقا من المشهد العابر التقطت BBC الصورة وحاولت تضخيمها لتصبح أزمة سياسية.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (18)

رغم أن الفيديو يخص البطولة والاتحاد الأفريقى لكرة القدم "كاف"، حاولت الشبكة إلصاق الأمر بمصر، متجاهلة أن الدولة المصرية لا تعترف بجبهة البوليساريو حاليا، ولم تعرف بما يُسمّى "الجمهورية الصحراوية" فى أى وقت منذ تأسيسها فى العام 1975، بينما تعترف بها قرابة 40 دولة حول العالم (بعضها جمّد الاعتراف أو سحبه لاحقا) وبعض تلك الدول ترتبط بعلاقات وثيقة مع لندن، بل وتواترت تقارير عن تعرضها لضغوط سياسية من الإدارة البريطانية للاعتراف بالجبهة.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (19)

اللجنة المُنظمة للبطولة سارعت للاعتذار عن الخطأ غير المقصود، مؤكدة أن فيديو الأغنية لا يخصها ولا يُمثل مصر الرسمية، لكن الشبكة قفزت على تلك النقطة، فيما يبدو أنه انحياز مُسبق للغرض الأساسى الذى عالجت الموضوع من أجله، وهو إشعال الأجواء بالتزامن مع انطلاق كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، وإفساد الحدث عبر اختلاق أجواء ضبابية بين الدول المشاركة فيه، حتى لو كان ذلك على حساب ضوابط المعالجة المهنية، التى اخترقتها BBC بدم بارد.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (27)

كانت المعالجة المهنية للأمر لا تخرج على استعراض الحدث، واستجلاء تفاصيله من أطرافه: اللجنة المُنظمة، والاتحادين المصرى والمغربى لكرة القدم. وإذا تجاوزنا تلك الحدود الطبيعية وفتحنا القوس، فلن يتجاوز الأمر الحكومة المصرية ووزارة خارجيتها، والحكومة المغربية وممثليها الدبلوماسيين، لكن تلك المصادر والأطراف لا يُمكن أن تُحقق غرض إشعال الموقف وتأجيج النيران، لذا توسّعت الشبكة مستعرضة تعليقات وأحاديث لحسابات مجهولة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فضلاً عن أنهم ليسوا أطراف الحدث الطبيعيين الذين يملكون إمكانية التعليق عليه، إلا أنهم يُمثّلون تفخيخًا مقصودًا لمسألة حساسة وذات طبيعة خاصة، ما يؤكد استهدف الشحن وتسخين الأجواء، وليس المعالجة الإعلامية للحدث فقط.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (29)

إلى جانب ذلك بثت الشبكة عبر أحد برامجها مُلصقًا مُعدّلاً وغير حقيقى، يتضمن أعلام الدول المشاركة فى البطولة باستثناء علم الجزائر، ونسبت إلى مصادر لم تُصرّح بها أن الأمر صنع أزمة وأثار حالة غضب فى أوساط الأشقاء الجزائريين، وبالصيغة نفسها التى عالجت بها الموضوع السابق، لم تُورد الشبكة ردود اللجنة المنظمة للبطولة، أو الاتحاد الأفريقى لكرة القدم، أو الاتحاد المصرى، أو حتى ممثلى الدولة المصرية، وإنما اكتفت بنشر الصورة المزورة، وادعاء أن هناك حالة غضب بسببها، دون صورة أو معلومة أو تصريح موثق.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (31)

اجتزاء الأمور وتجاهل المعلومات
 

فى قضية المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، لم تنقل الشبكة معلومة بالغة الأهمية مثل عدم اعتراف الدولة الرسمية بـ"الجمهورية الصحراوية"، أو عضوية الأخيرة فى الاتحاد الأفريقى، وبينما يعلم الأشقاء فى المغرب تلك الأمور، فإن تغييبها عن تقرير BBC معناه أن هناك تعمدا لاختلاق أزمة بين البلدين، ووضع الاتحاد الأفريقى فى مأزق مع الجمهور المغربى، قد ينسحب على "كاف" رغم تبعيته للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" وعدم علاقته بالمؤسسات السياسية والتنفيذية للاتحاد الأفريقى.

افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019 (32)

إلى جانب ذلك نقلت الشبكة فى تقرير مصوّر عددا من التغريدات وتدوينات مواقع التواصل الاجتماعى المتشابهة، بالطريقة نفسها التى تعمل بها الكتائب الإلكترونية لحزب "العدالة والتنمية" الإلكترونى، وما كان يُعرف فى المغرب بـ"ميليشيات بنكيران" وقت سيطرة الإخوان على السلطة قبل توالى فضائحهم الجنسية فى واقعتى فاطمة النجار وعمر بن حماد، نائبى رئيس حركة التوحيد والإصلاح الإخوانية، وقيادية "العدالة والتنمية" آمال الهوارى مع الصحفى توفيق بوعشرين.

فى مسألة الجزائر كان الخطأ أكثر فداحة، إذ أسبغت BBC  المصداقية على مُلصق غير حقيقى، لا يُمكن استبعاد احتمال أن يكون جرى تعديله بمعرفة الهيئة أو استوديوهاتها، وتجاهلت حفل الافتتاح الذى عرض أعلام الدول المشاركة كاملة، وحضر ضمنها علم الجزائر بشكل بارز ومُقدّر، كما تحدّثت عن حالة غضب غير حقيقة، متجاهلة عدم صدور أى تعليق رسمى من الدولة الجزائرية أو إحدى مؤسساتها، أو حتى تعليق أى من ممثليها الرياضيين وأعضاء منتخبها على الأمر شفويا أو عبر حسابه بأحد مواقع التواصل.

قناة الإخوان الإنجليزية السوداء
 

موقف BBC وتغطيتها المُلوّنة لأخبار بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، التى تستضيفها مصر بين 21 يونيو و19 يوليو المقبل، لا يُمكن انتزاعه من مشهد الأداء الإعلامى الذى تمارسه الشبكة، وتتورط فيه بفجاجة، طوال السنوات الأخيرة، وتحديدًا انحيازها الفج لجماعة الإخوان الإرهابية فى مصر، وفروعها السياسية فى المغرب وتونس والجزائر، وميليشياتها المسلحة فى ليبيا وسوريا واليمن.

لا تكتفى الشبكة بدعم جماعة الإخوان الإرهابية وخطابها، وإنما ترتبط بعلاقات مهنية وتنسيقية مباشرة مع شبكة قنوات الجزيرة القطرية الداعمة للتنظيم، وإصدارات شركة "فضاءات ميديا" المملوكة لقطر، وبينها تليفزيون العربى ومواقع العربى الجديد وعربى 21 و"ميدل إيست آى" وغيرها. إلى جانب تبادل التقارير والكوادر مع تلك الأجنحة، بل وتقديم تسهيلات إجرائية وأمنية داخل لندن وخارجها، عبر إدارة BBC والظهير الداعم لها فى بعض الأجهزة الأمنية والمعلوماتية السيادية فى بريطانيا.

فى كل القضايا المُثارة إقليميا، خاصة فى مصر وسوريا واليمن وليبيا وتونس، تبدو هيئة الإذاعة البريطانية مُنحازة لخطاب الإخوان، وداعمة لمخططاتها الإقليمية للتوسع السياسى والعسكرى، أو اختطاف السلطة والقبض على مقاليد الأمور فى الدول المحورية. هذا المسار يُعزّز افتراض أن تكون الشبكة أداة لتنفيذ دور غير مُعلن، يتجاوز حدود العمل الإعلامى، إلى دوائر السياسة والأمن، كما يحتمل أن يكون الأمر مُتصّلا بتدفقات مالية لها من الدوائر القطرية، أو علاقات اقتصادية وتنسيقية فوق طبيعية مع التنظيم الدولى للإخوان، خاصة أنه يتخذ من لندن مقرا رئيسيا له.

الصورة العامة لا تصب فى صالح الممارسة المهنية لهيئة الإذاعة البريطانية. فى الوجه الظاهر يُمكن أن ينخدع المتابعون من غير المتخصصين فى معالجات BBC، التى تتعمد تفكيك المعلومة وإيراد تفاصيلها فى سياقات مختلفة، مدعومة بصور وتعليقات مسحوبة على اتجاهات عدّة، بما يشى بالمهنية والتوازن، لكن فى حقيقة الأمر تنطلق الشبكة من افتراض مُسبق تحاول البرهنة عليه، عبر اجتزاء المعلومات وتلوينها، وإسباغ قدر من الرأى والتحليل عليها وتسريبه فى ثناياها، لتكون المُحصلة الأخيرة إنتاج غابة من التفاصيل المتصادمة والمتعارضة والمتضاربة، التى يضمن استعراضها المفكك أن تتسرب إلى وعى المتلقى، دون التقاط تناقضاتها.

فى معالجاتها الأخيرة لأخبار كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، وما يتصل بها من معلومات وتفاصيل. تبنت الشبكة دعوات الإخوان لفشل البطولة وإفسادها، وروّجت رسائل ميليشيات "بنكيران" الإخوانية المغربية الساعية لاختلاق أزمة، ووضعت دول القارة فى مواجهة الاتحاد الأفريقى و"كاف"، وفى كل ذلك لا يبدو أن وراء الأمر تغطية إعلامية مهنية متجرّدة، وإنما رغبة فى إشعال الصورة وتأجيج الأجواء، والوقيعة بين دول القارة التى عانت طويلا من الشبكة وداعميها، واستغلال ثقلها الإعلامى وإمكاناتها المادية فى إحراق المنطقة بالفتنة والرسائل الموجهة، وهذا الدور المشبوه هو ما تسعى جماعة الإخوان ومنصاتها الداعمة، فى قطر وتركيا وغيرهما، إلى إنجازه بالطريقة نفسها، لذا لا تتجاوز BBC فى حقيقة الأمر كونها أداة سوداء ناطقة بالإنجليزية فى خدمة الجماعة، وشاشة ملوثة بالدم ورسائل الإرهاب.


 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة