أقرت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع، مبدأ قانونيا جديدا يؤكد السيادة المصرية، مقتضاه أن غلق المعابر الحدودية من الأعمال السيادية العليا للدولة تخضع لسلطانها المطلق لصالح البلاد، وتقتضى مشاركة المتعاقدين مع الدولة فى تحمل الأعباء، وهى من الظروف طارئة فى العقود الإدارية تستلزم المشاركة فى تحمل أعباء الخسائر، وليست قوة قاهرة للاعفاء الكلى من الالتزامات التعاقدية، واعتبرت المحكمة أن غلق معبر رفح البرى منذ 13 سنة من الجانب الإسرائيلى منذ عام 2006 يعد من قبيل الظروف الطارئة تقتضى المشاركة بين الدولة ومتعاقديها .
وقضت المحكمة برفض الطعن المقام من أحد المتعاقدين مع الدولة لإعفائها من القيمة الإيجارية المستحقة عليها خلال فترة غلق منفذ رفح من الجانب الإسرائيلى فى أشهر ( سبتمبر ـ أكتوبر ـ نوفمبر 2006 ) فى عقدها مع الدولة عن تنزيل وتحميل حقائب وأمتعة المسافرين وإلزامها بمشاركة الدولة .
صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور حسنى درويش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة.
قالت المحكمة إن ميناء رفح البرى هو معبر حدودى يقع فى جنوب مدينة رفح، على الشريط الحدودى الذى يفصل الأراضى الفلسطينية عن أراضى جمهورية مصر العربية وبين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء فى مصر، تم تشييد المعبر بعد الاتفاق المصرى الإسرائيلى للسلام سنة 1979 والانسحاب الإسرائيلي من سيناء سنة 1982وظلت تديره هيئة المطارات الإسرائيلية حتى 11 سبتمبر 2005، وهى المدة التى يستغرقها التعاقد محل الطعن الماثل، وبعد هذا التاريخ انسحبت اسرائيل من قطاع غزة وبقي مراقبون أوروبيون لمراقبة الحركة على المعبر .
ويعتبر معبر رفح المنفذ البرى الوحيد الذى يربط قطاع غزة بالعالم الخارجى، بعد تدمير قوات الاحتلال الحربى الإسرائيلى مطار غزة الدولى بتاريخ 14/2/2004، ومن ثم فإن غلق المعابر الحدودية من شأنه التأثير على العقود الإدارية كظروف طارئة وليس قوة قاهرة، ويقتضى المشاركة مع الدولة لتحمل أعباء الخسائر وليس الاعفاء الكلى منها .
وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للموانئ البرية المطعون ضدها قد طرحت الممارسة المحدودة عام 2004 بشأن تنزيل وتحميل حقائب الركاب والأمتعة من وإلى سيارات الأتوبيس القادمة والمغادرة بميناء رفح البرى، وتمت الترسية على الشركة الطاعنة وأثناء قيام الشركة بعملها بمنفذ رفح تم غلق المنفذ من الجانب الإسرائيلى وذلك فى أشهر ( سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 2006) لسبب لا دخل للشركة فيه ، وقد ترتب على ذلك عدم قيام الشركة بالعمل خلال هذا الشهر إلا أن الدولة وضعت قاعدة لائحية عامة لظروف غلق المعبر بتخفيض القيمة الإيجارية لكافة المستأجرين بميناء رفح البرى ومنهم الشركة الطاعنة بنسبة 16% عن شهر سبتمبر، و18% عن شهر أكتوبر ، وعدم تخفيض القيمة الإيجارية عن شهر نوفمبر بالنظر إلى أنه قد زاد عدد المترددين على ميناء رفح البرى بنسبة تجاوز 70% عن العام السابق وقدمت تدليلا على ذلك جدول مقارنة بين أعداد المغادرين والقادمين خلال أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وأعدادهم خلال نفس الفترة من العام السابق، ومؤدى ذلك فإن غلق معبر رفح البرى من الجانب الإسرائيلى خلال تلك الفترة يعد من قبيل الظروف الطارئة التى تتوفر فيها جميع شروطها , فلا يمكن اجتنابها ولا توقعها ولا يستطيع الإنسان دفعها وهي خارجة عنه , وهي إن نشأت لا دخل للمتعاقد فيها , ولا خطأ سابق للجهة المتعاقدة تسبب فى اندلاعها، فإنها ولا شك ظروف طارئة تقتضى المشاركة بين الدولة ومتعاقديها على أساس المسئولية الاجتماعية لهما بلا خطأ.
وأشارت المحكمة أن تلك القاعدة العامة التى استسنتها الدولة تسرى على الشركة الطاعنة مثل باقى الشركات الأخرى فيما يتعلق بالنقل من خلال ميناء رفح البرى تحقيقاً لمبدأ المساواة بين جميع من تتماثل مراكزهم القانونية فى إحداث ذات الأثر، ودون منحها نسبة تخفيض أكثر من غيرها من الشركات المماثلة فى هذا الشأن، وإلا أصبح تمييزاً منهياً عنه فى الدستور، وإذ قامت الدولة باعفاء الشركة الطاعنة بالنسب المشار إليها العادلة وفى المدد المذكورة بها، بتخفيض القيمة الإيجارية للشركة بنسبة 16% من القيمة الإيجارية المتفق عليها عن شهر سبتمبر 2005، وبنسبة 18% بالنسبة لشهر أكتوبر 2005 دون ثمة تخفيض فى شهر نوفمبر 2005 بالنظر إلى أنه قد زاد عدد المترددين على ميناء رفح البرى بنسبة تجاوز 70% عن العام السابق، ودون أن يكون للشركة ثمة حق فى الإعفاء الكلى من القيمة الإيجارية .
واختتمت المحكمة حكمها، أن الحكومة ذكرت فى مذكرة دفاعها من حرق الأوراق والايصالات إبان ثورة 25 يناير 2011 فى أحداث مجلس الوزراء، التى تحرر عنها القضية رقم 8629 لسنة 2011 جنح السيدة زينب مما حدا بجهة الإدارة مطالبة الطاعن بتقديم ايصالات الدفع التى ادعى بها لتستبين المحكمة من قيامها بإجراء ذلك التخفيض من عدمه، إلا أنه نكل عن تقديم ذلك ولم يقدم للمحكمة ما يفيد الايصالات التى بموجبها سدد تلك المبالغ مخصوماً منها تلك النسب بذات التخفيضات من عدمه، ومن ثم فإن تصرف الدولة بالإعفاء الجزئى لبعض التزامات الطاعن بإجراء تلك التخفيضات وبالنسب المذكورة دون الاعفاء الكلى يكون متفقاً وصحيح حكم القانون، وأن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة -وإن كان لتأسيس مغاير عززته هذه المحكمة على عُمد فاستوى على سوقه- فمن ثم يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة