طبيعى أن ينشغل كل منا بمستقبل منتخبنا الوطنى بعد الخيبة الثقيلة فى أمم أفريقيا، والوداع المبكر من البطولة التى نستضيفها على أراضينا من دور الـ16 على يد جنوب أفريقيا.. ووجدنا الجميع يدلو بدلوه سواء نقاد ومحللين أو مسئولين أو جماهير - وإن تنوعت المطالب التى يمنى كل منا نفسه أن يراها فى الفريق القومى بالمستقبل القريب بعد رحيل الجهاز الفنى بقيادة المكسيكى أجيرى - ما بين المنطقية والانفعالية.. لذا نرجو من الجميع نقطة هدوء ونظام.
المطالب المنطقية التى أجمع عليها الكل، ضرورة أن نرى الالتزام داخل وخارج الملعب مع الأداء الرجولى والقتالى يعود إلى اللاعبين، وأن يكون الدفاع عن اسم وسمعة مصر فى مقدمة الأولويات وأن يغلب ذلك على المصالح الشخصية، باعتبار لا يقبل النقاش، وأن المنتخب هو من يرفع من قيمة من يمثله وليس العكس، وعلى اللاعبين أن يدركوا ذلك جيدًا رغم أن هذا هو الطبيعى ولكن على ما يبدو أنهم تناسوه وأغفلوه فى منافسات كأس الأمم الأفريقية، وهو ما أتى بالصدمة التى تحتاج مزيدًا من الوقت والكفاح من أجل تجاوزها والعودة بالفراعنة إلى المكانة التى يستحقها بين جيرانه فى القارة السمراء.
يقابل ذلك، دعوة من البعض بتقليل عدد المحترفين فى صفوف المنتخب، وهنا تظهر الانفعالية فى المطالب، أينعم أغلب المحترفين لم يقدموا المستوى المطلوب والنتائج المنتظرة، لكن ذلك لا يعنى إقصاؤهم والمطالبة العلانية بذلك ستأتى علينا بالسلب، لما قد يؤدى ذلك من النيل من سمعة اللاعبين المصريين على المستوى الدولى، وبالتالى يقل الطلب والإقبال عليهم خارجيًا وهو أمر لا نرغب فيه ولا نتمنى حدوثه.. لذا فى هذه النقطة بالتحديد علينا التريث فى إصدار أحكام مطلقة، خصوصًا وأن اللاعب المحترف فى تجربته الخارجية يثقل بخبرات ويطلع على ثقافات كروية للأسف لا توجد داخليًا ولا تتحقق بالشكل الكامل فى اللاعب المحلى.
وعندما تأتى سيرة المدرب القادم للمنتخب، أرى المطالب الغالبة تتمثل فى الاستعانة بالمدرب الوطنى، بدوافع فشل تجربة أجيرى وما تردد حول شبهة سمسرة وعمولات فى التعاقد معه، مع عدم تحقيق سابقه كوبر كل المطلوب منه وكانت تجربته منقوصة بالجمع بين النتائج والأداء الجمالى.. لكن هذا كله لا يعنى بالضرورة أن المدرب الوطنى هو الأصلح.. هنا لابد أن نكون منطقيين ومنصفين بمعنى أنه لا يوجد مدرب وطنى فى الوقت الحالى قادر على حمل التركة الثقيلة وتكوين جيل جديد للمنتخب الوطنى يكون أهلا بالثقة ونواة لمستقبل بعيد.. كل المدربين الوطنيين المتاحين ما عليهم أكثر ما لهم، وهذا ليس تقليلا من أحد أو التسفيه من إمكانياتهم لكنه الواقع المر وعلينا تقبله فكل الوجوه عليها غبار ولا يوجد من بينهم من يجد قبولاً أو إجماعًا على توليه المهمة، فضلاً عن أن وجود المدرب الوطنى يؤجج فتنة الأهلى والزمالك وهى نغمة تشبعنا من مساوئها عبر جماهير القطبين فى الهجوم على مدربى المنتخبات واتهامهم بمجاملة معسكر على حساب الآخر وبالتالى ينتقل الأمر إلى اللاعبين ويحدث الانقسام فى الصفوف، فى الوقت الذى ننشد فيه وحدة الصف والعمل على قلب رجل واحد حتى نستعيد كرامتنا المهدورة.
هذا ومع كامل التقدير لكل المدربين الوطنيين، المعطيات تقول إن المدرب الأجنبى هو الأصلح حاليًا للمنتخب الوطنى، ولكن بشروط يجب توافرها فى المرشحين من حيث السيرة الذاتية على المستوى الشخصى والمهنى، مع الشفافية فى الإعلان عن كل تفاصيل التعاقد وعلى الأخص المادية منعًا لأى تكهنات وتشكيك فى الذمم المالية، مع ضرورة أن يكون قرار الاختيار جماعيًا وليس فرديًا مثلما حدث مع أجيرى حتى يتحمل الجميع المسئولية، دون أن ينتظر من لم يشارك فى الاختيار سقوط المدرب الجديد للتشفى فى من اختاره والنيل منه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة