أحداث جلل فى التاريخ الإسلامى لا يعرفها الكثيرون.. الأسود العنسى يدعى النبوة ويفتن أهل اليمن.. وفى معركة "جلولاء" كاد ينتصر الفرس.. الطاعون يضرب الدولة الأموية.. والحجر الأسود خارج الكعبة 22 سنة

الجمعة، 12 يوليو 2019 12:00 م
أحداث جلل فى التاريخ الإسلامى لا يعرفها الكثيرون.. الأسود العنسى يدعى النبوة ويفتن أهل اليمن.. وفى معركة "جلولاء" كاد ينتصر الفرس.. الطاعون يضرب الدولة الأموية.. والحجر الأسود خارج الكعبة 22 سنة الأسود العنسى والحجر الأسود
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التاريخ الإنسانى حافل بالحكايات المفصلية التى غيرت مجرى التاريخ أو كادت، والتاريخ الإسلامى جزء من التاريخ الإنسانى، لذا نجد به عدداً لا يحصى من الحوادث التاريخية المهمة لكنها لم تحظ بالشهرة الشعبية التى جعلت المؤرخين  يتوقفون أمامها كثيراً، لذا فهى معروفة لكنها ليست بالشهرة الكافية، ومنها:
 

الأسود العنسى يدعى النبوة

 
وقعت هذه القصة فى السنة العاشرة للهجرة، وبطلها الأسود العنسى المسمى بـ"كذاب اليمن"، وأول من ادعى النبوة فى الإسلام، وتذكر المصادر أنه من قببيلة مذحج فى اليمن واسمه عبهلة بن كعب العنسى من قبيلة عنس، ويكنى بذى الخمار، لأنه كان دائماً معتماً متخمراً بخمار رقيق ويلقيه على وجهه، ويهمهم فيه، ويعرف بالأسود العنسي لاسوداد فى وجهه.
 
 
isQ3ZZX4
 

وتكمن قوة الأسود العنسى فى ضخامة جسمه وقوته وشجاعته، واستخدم الكهانة والسحر والخطابة البليغة، فقد كان كاهنًا مشعوذًا يُرِى قومه الأعاجيب، ويسبى قلوب من سمع منطقه، واستخدم الأموال للتأثير على الناس.

وكان الأسود العنسى يقيم فى جنوب اليمن داخل كهف خُبَّانَ من بلاد مذحج، يرى الناس الأعاجيب بفنون من الحيل، ويستهوى الناس بعباراته، فتنبأ ولقب نفسه "رحمن اليمن"، وكان يدعى النبوة ولا ينكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يزعم أن ملكين يأتيانه بالوحى وهما: سحيق وشقيق أو شريق.

وقوى أمر الأسود العنسى بعدما انضم إليه عمرو بن معديكرب الزبيدى وقيس بن مكشوح المرادى، وتمكن من طرد فروة بن مسيك من مراد وعمرو بن حزم من نجران وهو عامل المسلمين عليها، واستهوته فكرة السيطرة على صنعاء فخرج إليها بست مائة أو سبع مائة فارس معظمهم من بنى الحارث بن كعب وعنس.

وظل الأسود العنسى مدعيًا النبوية مدة ثلاثة أشهر، وفى رواية أربعة أشهر، ارتكب خلالها الحماقات، وفضح النساء وأنزل الرعب، والخوف فى قلوب اليمنيين، وبخاصة الأبناء .

وجاء مقتله بمساعدة امرأة شهر بن باذان، التى تزوجها الأسود العنسى قهرًا وهى امرأة صالحة وذات دين، فراسلها ابن عمها فيروز الديلمى سرًّا لتعاونهم على قتل الأسود العنسي، فوافقت وحددت لهم ليلة، وحددت لهم بابًا لا يقف عليه أحد من الحراس، وتسلل القواد الأربعة (فيروز الديلمى وداذويه وجُشَيش وقيس بن مكشوح) إلى قصر الأسود العنسى فى الليلة المتفق عليها، فقتلوه.

 

معركة  جلولاء

 

بعدما دانت مدينة المدائن للمسلمين، أرسل عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبى وقاص بالاستمرار فى الغزو، وأمَّر سعد بن أبى وقاص على كل ما سيطر عليه المسلمون فى أرض فارس، وكان ذلك عام 16 للهجرة.

وأمر سعد بن أبى وقاص بأن يخرج جيشًا على رأسه هاشم بن عتبة بن أبى وقاص من المدائن إلى جلولاء، وهى على مسافة مائة وخمسين كيلو مترًا من المدائن، وهذه المنطقة ترك فيها يزدجرد الجيش الفارسى الذى كان معه فى المدائن، فترك بها ما يقرب من خمسين ألف مقاتل فارسى، واستطاع أن يجمع مددًا من المناطق الفارسية المحيطة به، فجمع من أذربيجان ومن أصبهان ومن منطقة الباب غرب بحر قزوين، وجمع من منطقة حلوان وما حولها حتى شرق نهر دجلة، فوصل العدد فى جلولاء إلى مائة وعشرين ألف مقاتل فارسى، وأمر عليهم مهران الرازى وكان قائد ميسرة الفرس فى القادسية، وكان قد هرب من القادسية ليدافع عن مدينة المدائن، ثم هرب إلى جلولاء، ليتولى قيادة الجيش الفارسى فى جلولاء.

ويتحرك الجيش الإسلامى بقيادة هاشم بن أبى عتبة بن أبى وقاص إلى جلولاء فى أواخر شهر ربيع الأول أو أوائل شهر ربيع الآخر، وبذلك مكث الجيش الإسلامى الشهر ونصف الشهر فى المدائن قبل الخروج لجلولاء، وخرج المسلمون فى اثنى عشر ألف مقاتل على المقدمة القعقاع بن عمرو، وعلى الميسرة سعر بن مالك، وعلى الميمنة عمر بن مالك، وعلى المؤخرة عمرو بن مرة، ووصل الجيش الإسلامى إلى جلولاء فى أربعة أيام، وعسكر قبل جلولاء بقليل.

ولما وصل المسلمون إلى جلولاء وجدوها شديدة الحصانة لأهل فارس، فهى عبارة عن حصن كبير جدًّا، يحوط به سور عالٍ، وبداخل الحصن يعسكر كل الفرس، وخارج الحصن خندق كبير لا تعبره الخيول، ثم أرض فضاء أمام الخندق، ثم حسك الخشب. والحَسَكُ: من أَدَوات الحَرْب (خوازيق مدقوقة فى الأرض على مسافات متقاربة)، رُبَّما يُتَّخَذُ من حديدٍ فيُلْقَى حَولَ العَسكر، ورُبَّما اتُّخِذَ من خَشَبٍ فنُصِبَ حولَ العسكر.

ولا تستطيع الخيول العَدْوَ فى الحَسَك المدسوسة خارج حصن جلولاء، ومن الناحية الغربية من حصن جلولاء أحد فروع الأنهار الصغيرة تحمى هذه المنطقة، والأرض الفضاء الموجودة بين الحصن وبين حسك الخشب على مرمى سهام الفرس، فكانت هذه المنطقة فى غاية الحصانة وبداخلها مائة وعشرون ألفًا من الفُرْسِ على رأسهم مهران الرازي.

وصل المسلمون إلى هذه المنطقة وبدأ هاشم بن عتبة بن أبى وقاص حصار مدينة جلولاء، ولم يستطع الدخول بجيشه إلى داخل الحصن لوجود الحسك والخندق، وكان الأعاجم يخرجون على المسلمين من طرق أعدُّوها لا يوجد بها الحسك فينابذوهم، وهذا الوقت هو الوقت المتاح لتقدم المسلمين؛ لأن الفرس لا يستطيعون رمى السهام لتلاحم الجيشين، ومن وقت لآخر تخرج فرقة من الفرس فتنابذ المسلمين فيتقدم لهم القعقاع بن عمرو فى المقدمة فيهزمهم، وما زال المسلمون محاصرين الخندق، وسيضطر الفرس يومًا للنزول؛ فحتمًا سينفد الزاد، وكان هدف الفرس من تتابع الفرق التى تنابذ المسلمين أن ينفد صبر المسلمين، ورغم ما بين المسلمين والفرس من منابذات إلا أن المسلمين تجلَّدوا وصبروا لهم، وزحف الفرس على المسلمين ثمانين زحفًا، واستمر الحصار حول جلولاء سبعة أشهر أو يزيد، مع أن المسلمين حاصروا بَهُرَسير إحدى المدائن شهرين، وفتحت المدائن مباشرة دون حصار، واستمرت موقعة القادسية أربعة أيام، ويبقى حصن جلولاء سبعة أشهر؛ وذلك لمنعته وقوة حصانته.

وصبر المسلمون وصابروا أهل فارس على الحصار، وصبر الفرس المحاصَرُون سبعة أشهر على الحصار وعلى قتال المسلمين، حتى زاد الأمر مشقة على الطرفين؛ فقد بلغ الجهد مبلغه بالمسلمين والفرس، فأخرج الفرس فى يوم من الأيام قوة ضخمة لحرب المسلمين، فتقدم إليهم القعقاع بن عمرو فى مقدمة الجيش الإسلامى، ودار القتال من الصباح حتى المساء، واستمر القتال حتى بعد غروب الشمس، وفى هذه اللحظة يصل ستمائة جندى مددًا للمسلمين، وكان من بينهم طليحة بن خويلد الأسدى وعمرو بن معديكرب وقيس بن مكشوح، ولهؤلاء الثلاثة بأس شديد فى القتال فزادوا من قوة وبأس المسلمين فى القتال، واستمر القتال فى الليل، وكانت هذه أول مرة بعد موقعة القادسية يستمر القتال فى الليل، وكان القتال فى موقعة القادسية على أشُدِّه فى الليل فى ليلة الهرير، ويشبِّه الرواة ليلة القتال فى جلولاء بليلة القتال فى الهرير فى موقعة القادسية.. وفى النهاية انتصر المسلمون.

 

الطاعون فى الدولة الأموية

 
للباحث أحمد العدوى كتاب يعنوان "الطاعون فى العصر الأموى" يحصى فيه خاصة فى الفصل الثانى فى الفصل الثانى، الطواعين الواقعة فى عصر بنى أمية، ويضبط تعاقبها زمنيًا، تمهيدًا لدراسة آثارها. كما يعرض لأخبار الطواعين في صدر الإسلام عند الرواة والأخباريين والمؤرخين، ويناقش الإشكالات التي تُحيط بها، وأبرزها اضطراب الرواة والأخباريين في إحصاء الطواعين في العصر الأموي، والخلط بينها أحيانًا، وكذلك الاضطراب في التأريخ لها على نحو دقيق.
 
image
 
 
كما أنه يتضمن تقويمًا إحصائيًا لفورات الطواعين في عصر بني أميَّة منذ عهد معاوية بن أبي سفيان إلى عهد مروان بن محمد. يكتب: "شهدت تلك الحقبة من تاريخ العالم الإسلامي نحو 20 طاعونًا، بمعدل طاعون واحد لكل 4 أعوام ونصف تقريبًا، وهو معدل هائل، وتكفي المقارنة بين هذا المعدل ومعدل تجدد الوباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا في العصور الوسطى المتأخرة للتدليل على عمق الأثر الذي خلفه الطاعون في العصر الأموي".
 

الحجر الأسود خارج الكعبة 

 
لا يعرف الكثيرون أن الحجر الأسود تعرض للسرقة لمدة 22 عاماً، وذلك حدث على يد القرامطة، وهم فرقة دينية متطرفة.
 
والقرامطة هى فرقة سياسية دينية من غلاة الشيعة أسسها حمدان بن الأشعث الملقب بقرمط وهو إسماعيلى العقيدة، والإسماعيلية فرق شيعية متطرفة، سميت الإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق.
 
dc8c7857ae85f3d9386ec5af13be3610
 
كان القرامطة قوة عسكرية بدوية تعتمد فى حياتها على الغارات التى تشنها على الدول المجاورة، وكان القرامطة من ألد أعداء العباسيين لأن العباسيين اضطهدوا العلويين وطاردوهم فى كل مكان وقتلوا منهم الكثير.
 
وكانوا على علاقة صداقة فى بادئ الأمر مع الخلافة الفاطمية على أساس أن كلاهما يدينون بالمذهب الشيعى، ثم انقلبوا على الفاطميين وهاجموا أملاكهم فى الشام وفلسطين.
 
وفى عام 317 هجريا هاجم القرامطة مكة المكرمة التى كانت تتبع الخلافة العباسية وانتزعوا الحجر الأسود من الكعبة وانتزعوا بابها وقاموا بأعمال دموية بشعة فقتلوا من الحجاج 30 ألفاً، ثم عادوا لديارهم ومعهم الحجر الأسود ووضعوه فى كعبة بديلة فى الإحساء ليحج إليها الناس.
 
وظل الحجر الأسود معهم فى الإحساء لمدة 22 عاماً، يطوف الناس حول الكعبة ولا يجدون الحجر الأسود، حتى هدد الخليفة العزيز بالله الفاطمى فى مصر القرامطة أن يسير لهم جيشاً إلى الإحساء ليعيد الحجر الأسود، فخافوا على ملكهم فى الإحساء وأعادوا الحجر الأسود إلى مكة سنة 339 هجريا. 
 
حدث الهجوم القرمطى على الكعبة يوم التروية، حيث قام أبو طاهر القرمطى بغارة على مكة والناس محرمون، واقتلع الحجر الأسود، وأرسله إلى هَجَر وقتل عدد كبير من الحجاج، وحاولوا أيضا سرقة مقام إبراهيم ولكن أخفاه السدنة، وفى 318 هـ تقريبا سنّ الحج إلى الجش بالقطيف بعدما وضع الحجر الأسود فى بيت كبير، وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالى رفضوا تلك الأوامر، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف.
 
بعد أن خرج القرامطة من مكّة حاملين معهم الحجر الأسود والأموال التى نهبوها من النّاس متوجّهين إلى هجر، تعقَّب "ابن محلب" أمير مكّة من قبل العبّاسيين القرامطة مع جمع من رجاله وطلب منهم ردّ الحجر الأسود إلى مكانه على أن يملّكهم جميع أموال رجاله. إلاّ أنَّ القرامطة رفضوا طلبه مما اضطرّه إلى محاربتهم حتّى قتل على أيديهم، وكانت هذه هى أول محاولة لاسترداد الحجر الأسود.
 
ظلّ الحجر الأسود بحوزة القرامطة مدّة 22 سنة فى البحرين، ولم تجد كل المحاولات والمساعى التى بذلها العباسيون والفاطميون من أجل الضغط على القرامطة وإجبارهم على إعادة الحجر الأسود، وقد عرض الخلفاء على القرامطة مبلغاً قدره 50 ألف دينار مقابل إرجاعهم للحجر الأسود، لكنّ القرامطة ظلّوا يخوضون فى عنادهم.
 
ويقول ابن سنان الذى كان معاصراً لتلك الأحداث: لقد عُرِضَت الكثير من الأموال على القرامطة كثمن لردّهم الحجر الأسود لكنّهم رفضوا كلّ تلك العروض، وكان السبب الحقيقى وراء امتثال القرامطة للأمر هو التهديد الذى وجّههُ المهدى العلوى الفاطمى إليهم ممّا أجبرهم على ردّ الحجر الأسود إلى مكّة ثانية، وعاد الحجر الأسود إلى مكّة سنة (339) وقد حمله رجل من القرامطة يُدعى سنبر والذى يحتمل أن يكون حمو أبوسعيد القرمطى، ويُقال إن الحجر الأسود حمل قبل إرجاعه إلى مكّة إلى الكوفة ونصب فى العمود السابع لمسجد الكوفة حتّى يتسنّى للنّاس رؤيته، وقد كتب شقيق أبو طاهر رسالة جاء فيها: أخذناه بقدرة الله ورددناهُ بمشيئة الله.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة