واقعة التعدى على أحد الكلاب الضالة بالطعن بسكين فى ظهره أثارت الرأى العام، وكذا رواد مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك – تويتر»، ما يؤكد معه المقولة الشهيرة «من منا بلا خطيئة التعدى على حيوان» حيث إن الكثيرين يمنحون لأنفسهم الحق فى ارتكاب جريمة، إن صح التعبير بل جرائم بحق الحيوانات الضالة فى الشوارع دون أى اعتبار للجهات المختصة بالأمر، ويتجاهل قطاع عريض من المواطنين أن مسألة التعدى على الحيوان جريمة يعاقب عليها القانون.
رأى الدين
الشرع الحنيف ذاته، حرم بشكل صريح مسألة التعدى على الحيوان عن طريق التأصيل الدينى لذلك الأمر ممثلاَ فى تحريم حبس الحيوان وتجويعه، وفى ذلك يقول الرسول: «عذبت امرأة فى هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هى أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض»، وفى حديث سهل ابن الحنظلية قال مر رسول الله ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: «اتقوا الله فى هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة».
وقال الإمام النووى رحمه الله: قال العلماء، صبر البهائم أن تحبس وهى حية لتقتل بالرمى ونحوه، وهو معنى: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً أى لا تتخذوا الحيوان الحى غرضاً ترمون إليه، كالغرض من الجلود وغيرها، وهذا النهى للتحريم.
تجريم الدستور التعدى على الحيوان
أما عن مسألة تناول الدستور المصرى لهذا الأمر، يقول الخبير القانونى والمحامى حسام الجعفرى، إن المادة ٤٥ من الدستور تنص على: «أن تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، ويحظر التعدى عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء فى الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون».
التجريم فى القانون المصرى
ووفقا لـ«الجعفرى» فى تصريح لـ«اليوم السابع» - تناولت حقوق الحيوان ثلاثة قوانين فى مصر لم تجرم أحدها سوى قتل الحيوانات التى تخدم الغير كالماشية والدواب، وهى قانون العقوبات، وقانون البيئة، وقانون الزراعة.
1-قانون العقوبات:
نصت المادة 355 من قانون العقوبات المصرى على أن يعاقب بالحبس مع الشغل كالتالى: «أولا: كل من قتل عمدا دون مقتضى حيوانا من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أى نوع من أنواع المواشى أو أضر به ضررا كبيرا - ثانيا: كل من سم حيوانا من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة، وكل شروع فى الجرائم السابقة يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة».
ونصت المادة رقم 356 من ذات القانون أنه إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها ليلا تكون العقوبة الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلى سبع سنوات، بينما نصت المادة رقم 357 من ذات القانون أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة كل من قتل عمدا ودون مقتضى أو سم حيوانا من الحيوانات المستأنسة غير المذكورة فى المادة 355 أو أضر به ضررا كبيرا، فيما تم تعديل قانون العقوبات بإضافة المادة 357 والتى جرمت قتل أو الإضرار بالحيوانات المستأنسة التى لم تذكر فى المادة السابقة، ونصت على عقوبة الحبس الذى لا يزيد مدته على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه.
2-قانون البيئة
أعطى قانون البيئة هو الآخر اهتماما بالحيوانات من خلال المادة 28 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والتى نصت على أنه: «يحظر بأى طريقة صيد أو قتل أو أمساك الطيور الحيوانات البرية التى تحدد أنواعها اللائحة التنفيذية لها القانون ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة كما يحظر إتلاف أوكار الطيور المذكورة أو إعدام بيضها وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المناطق التى تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط الترخيص بالصيد فيها، وكذلك الجهات الإدارية المختصة بتنفيذ هذه المادة".
وجاء بالمادة 84 من ذات القانون فى باب العقوبات: «يعاقب كل من خالف أحكام المادة 28 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن مائتى جنية ولا تزيد على خمسة ألاف جنية مع مصادرة الطيور والحـيوانات المضبوطة وكذلك الآلات والأدوات التى استخدمت فى المخالف».
٣-قانون الزراعة
يحظر صيد الطيور النافعة للزراعة والحيوانات البرية أو قتلـها أو إمساكها بأى طريقة كمـا يحظر حيازتها أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حيه أو ميتة ويحظر إتلاف أوكار الطيور المذكور أو إعدام بعضها ويصدر وزير الزراعة قرارا بتعيين أنواع الطيور والحيوانات البرية والمناطق التى تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط التـرخيص بصيدها على سبيل الاستثناء للأغراض العلمـية أو السياحية".
لم ينص قانون الزراعة على أى حماية للحيوانات سوى ما جاء بالمادة المذكورة والتى تمنع صيد الطيور والحيوانات البرية، بالإضافة إلى بعض المواد التى تنظم عملية ذبح ذكور العجول والبقر للحفاظ على الثروة الحيوانية، وهو ما لا يمت بصلة للرأفة والرفق بالحيوانات وعلى ذلك لا توجد مادة فى هذا القانون تحمى الحيوانات.
وكل ما اهتم به هذا القانون هو منع صيد بعض الحيوانات والطيور فى أمكان محددة للحفاظ عليها من الانقراض ولم يوفق المشرع فى منح وزير الزراعة سلطة منح تراخيص استثنائية للصيد لغرض علمى أو سياحى وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتوسع فى الاستثناءات وتصبح هى القاعدة والأصل هو الاستثناء.
عقوبة التعدى على الحيوان تصل للحبس سنة
فيما شرح الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى، مواد القانون التى حددها المشرع فى قانون العقوبات حول مسألة التعدى على الحيوانات حيث خصصت المادة 354 من قانون العقوبات، التى تنص على: «كل من كسر أو خرب لغيره شيئا من آلات الزراعة أو زرائب المواشى أو عشش الخفراء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه».
ويتبين من ذلك – وفقا لـ«البدوى» فى تصريح خاص - أن قتل الحيوان أو حتى محاولة قتله دون مقتضى يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمده سنة، وذلك لأن القتل لم يحدث لكون الحيوان مسعورا أو مريض ولا يمكن شفاؤه وإنما جاء بدافع الانتقام فقط، إلا أنه يجب تفعيل وتطبيق قانون حماية الحيوانات بشكل سريع وفورى لتجنب الوقائع التى تحدث فى الشوارع والميادين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة