بعد انتظار 13 عاما، خرج متحف الأديب العالمى نجيب محفوظ، أخيرا إلى النور، بعدما افتتحته وزارة الثقافة، أول أمس، بتكية محمد أبو الدهب بمنطقة الأزهر الأثرية، حيث يضم العديد من عالم أديب نوبل الراحل.
ومن بين الأشياء التى يحتفى بها المتحف، هى شلة الحرافيش من أصدقاء صاحب نوبل فى الآداب عام 1988، والذى جاءت اسمها متشابه مع اسم روايته الشهيرة "الحرافيش"، وسلط المتحف الضوء عليها عبر لافتات تحمل صور الحرافيش وقاعة خاصة تضم صور للمجموعة ومعاهم أديب نوبل، بجانب لافتات توضح أصدقاء "محفوظ" وأصل كلمة "حرافيش".
وتكونت مجموعة الحرافيش فى نهاية أربعينيات القرن الماضى، وهم مجموعة من الأصدقاء، انضم لهم نجيب محفوظ، كانوا يجتمعون بشكل أسبوعى، إما فى منزل أحدهم أو أحد المقاهى، للتسامر وتبادل الآراء والأخبار، وقد كانت مجموعة كبيرة منهم الفنان أحمد مظهر، الذى أطلق تسمية الحرافيش "عليهم" والروائى عادل كامل والسينمائى توفيق صالح، والكاتب الساخر محمد عفيفى، والكاتب أحمد على بكثير، والفنان التشكيلى جميل شفيق، وفنان الكاريكاتير بهجت عثمان، وعاصم حلمى، وأحمد زكى مخلوف، ومحمد شبانة، لتمتد أحاديث شلة الحرافيش على مدى أكثر من أربعين عاما تقلص خلالها عددهم، كما دخل وخرج من "الحرافيش" ما يسميهم محفوظ "الأعضاء غير الدائمين مثل صلاح جاهين، مصطفى محمود، لويس عوض، أحمد بهاء الدين، وثروت أباظة.
كتب محفوظ ملحمة الحرافيش فى عام 1977، وبالرغم من أنها تحمل نفس اسم شلته إلا أن الرواية لم تكن عنهم بل كانت تدور حول مفهوم القوة والسلطة فى الفترة ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، وتحكى الرواية عن أجيال متعاقبة لعائلة سكنت حارة مصرية غير محددة الزمان، ولا المكان بدقة، ولكن يرجح إنها بحى الحسين فى بداية فترة الأسرة العلوة بمصر، وتم تناول الحرافيش فى السينما والتليفزيون فى أعمال مثل "الحرافيش"، "شهد الملكة"، "التوت والنبوت"، إلى جانب مسلسل "الحرافيش" فى أجزائه الثلاثة.
واختلفت الروايات حول أصل كلمة حرافيش، حيث تقول رواية أنه بعد مذبحة القلعة التى تخلص فيها الوالى محمد على من المماليك بدأ نفوذ من تبقى منهم فى التلاشى وظلت المنطقة آمنة لفترة كبيرة من الزمن، حتى ظهر عصر جديد من الظلم وهو عصر الفتوات، وأصبحت الفتونة مهنة القوى منهم، وبدلا من أن يحمى أهالى المنطقة بعضهم البعض انقسموا إلى قسمين من الحرافيش والفتوات، إلى أن ظهر بطل جديد بين صفوف الحرافيش يكره الظلم، وأصبح كل هدفه حماية الضعفاء الذين يرغمون أكثر من نصف قوت يومهم للفتوات، وفى رواية أخرى قيل مسمى الحرافيش أطلق على من لا منزل لهم وعلى الصعاليك، وتقسم هنا كلمة حرافيش إلى "حارة" أى الشارع الضيق و"فيش" وتفيد النفى أى من لا مأوى لهم.
وفى رواية ثالثة أطلق المؤرخون فى بداية العصر المملوكى لقب "الحرافيش" على المصريين من سكان القاهرة المنتمين إلى الطبقات الشعبية، خصوصا الحرفيين، وفى نهاية العصر المملوكى ساد لقب الحرافيش وظل يطلق على الطبقات الشعبية حتى نهاية العصر العثمانى، وبالرغم من تعدد التأويلات حول أصل كلمة "الحرافيش" إلا أن جميعها ارتبط بالحارة المصرية، منبع الإلهام لروايات "محفوظ" بشخصياتها المتنوعة وتاريخها الفنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة