المصريون بكافة مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية يبذلون كل جهدهم ويضحون ويسهرون ويخصمون من احتياجاتهم بما يصل إلى الحرمان لينفقوا على تعليم أبنائهم، وبعد كل هذا الجهد لا أولياء الأمور ولا الطلاب يضمنون مستقبلا مستقرا أو راحة بال بعد مشوار طويل من المعاناة والسهر والتضحيات، سوق العمل غير واضح، والمستقبل غامض. فلا خريجو كليات القمة يجدون أنفسهم فى أماكن مستقرة، ولا زملاءهم يجدون راحة بعد عناء، ومع هذا يستمر السير فى نفس الاتجاه.
ومن حيث يفترض أن تكون الثانوية العامة بداية أمل، تصبح بداية ألم جديد يحاصر الطالب وأسرته، ليجدوا أنفسهم وقد أنفقوا الوقت والجهد، بحاجة إلى رحلة أخرى للبحث عن فرصة عمل حقيقية توفر استقرارا ماديا ومعنويا وتمنح صاحبها فرصة للترقى الطبيعى فى المجتمع.
مع كل هذه المجاميع المرتفعة التى تتجاوز الـ95%، وبشكل عام أعداد ضخمة تجتاز الثانوية بنجاح وتنضم إلى مئات الآلاف من الجامعيين، وتستمر المدارس فى مد المجتمع بالمتعلمين من كل الاتجاهات ومع هذا نعانى من نقص الكفاءات فى تخصصات فنية ومهن وتخصصات صناعية أو فنية، ناهيك عن ترتيب الجامعات المصرية بين جامعات العالم، وهو تراجع لا يعنى ضعف الطلاب أو الكفاءة، لكن التمسك بنظام تعليمى عاجز عن تلبية حاجات الشباب والمجتمع، ويسير بقصور ذاتى.
كل خريجى الثانوية العامة تقريبا يدخلون إلى الجامعات من خلال مكتب التنسيق بناء على المجموع، وعندما يخرجون إلى سوق العمل، تبدأ الآلام ، أغلبية الخريجين لا يحصلون على عمل بتخصصاتهم، بينما تظهر فرص عمل لا تجد من يشغلها، خاصة التخصصات.
وبالرغم مما يوفره نظام مكتب تنسيق القبول بالجامعات من عدالة شكلية فإنه لايضمن لخريجى الجامعات أن يحصلوا على مكان أفضل ثم إن كل هذه المجاميع لا تترجم إلى مراكز يمكن توظيفها لتطوير المجتمع وشغل المراكز المهمة.
مكتب التنسيق يتيح القبول أمام الجميع على أساس المجموع، لكن هذا يتم من دون هدف واضح، هناك تخصصات فى التعليم لا يحتاجها سوق العمل، ويتكدس خريجوها بعشرات الآلاف بلا عمل، بينما هناك تخصصات فنية وعلمية، وصناعية يحتاجها السوق، وتضطر بعض الهيئات أو الشركات الكبرى للاستعانة بالأجانب لشغلها، مما يتطلب تطوير نظام القبول بناء على مجموعة عناصر منها الدرجات والقدرات، وخرائط واحدة لحاجات المجتمع تتيح الاختيار للشباب فى عمل يمكنهم العطاء فيه والتميز بناء على الكفاءة، وأن ينتهى التمييز بين المهن الفنية والخدمية والمساعدة، والعامل مع الفنى، وأن تكون الكفاءة والتميز بناء على الجهد والقدرات، لكن الواقع الحالى أن الجامعات تصب سنويا عشرات الآلاف من الخريجين لكنهم يتكدسون بلا عمل وعلى مدى عقود تم إهمال التعليم الفنى، والخدمى، لصالح التقسيمة التقليدية للتعليم.والتى لم تنجح فى تطوير المجتمع.
وزير التعليم الدكتور طارق شوقى تحدث منذ قدومه عن نظام جديد للتعليم ينتهى بتغيير المنظومة القائمة، وينهى عيوب النظام الحالى الذى يجعل التعليم كفاحا فى فراغ لا يفيد المتعلمين ولا المجتمع ولا أسرهم، حيث الكل يتعلق ويحرص على التعليم، لكن الجميع غير سعداء بهذا الوضع، فهم غير قادرين على الوصول لمحطة استقرار أو نمو لحياتهم.