الجرائم المرتكبة عادة باستخدام الأسلحة النارية يحاول ضابط مسرح الجريمة مراعاة كافة الأصول القانونية والفنية الواجبة الإتباع للكشف على المكان من حيث سرعة الانتقال والسيطرة على المكان وتحديد الآثار ورفعها وتصويرها وترميزها وتحريزها وإرسالها إلى المختبر لفحصها.
ضابط مسرح الجريمة مطالب أيضاَ علاوة على كل الإجراءات سالفة البيان التحرى عن إمكانية تحديد اتجاهات ومسارات إطلاق النار فى حدود ما يتوفر لديه من معلومات، ويبقى السؤال الذى يطرح نفسه هنا ما هى الآثار المتوقعة فى مسرح الجريمة فى هذا النوع من الجرائم الخاصة بإطلاق الأعيرة النارية؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض سعيد فضل.
فى البداية، يجب التأكد من أن كافة الآثار المادية المعروفة لدى الخبراء يجب توقع وجودها كالآثار البيولوجية من عرق ودم وشعر ولعاب وافرازات الجسم المختلفة والآثار الكيميائية وأثار الأقدام وأثار البصمات وإلى غير ذلك من الآثار .
ولكن ما نود الوقوف عنده هى الآثار الناتجة عن عملية إطلاق النار تحديداً وتشمل: -
1- سلاح الجريمة:
من المتوقع أن نجد فى مسرح الجريمة السلاح المستخدم فى ارتكاب الجريمة فى يد المتوفى فى قضايا الانتحار أو الشروع فيه كما نتوقع العثور عليه مع الجانى فى حال ضبطه فى مسرح الجريمة أو قيامه بتسليم نفسه للسلطات، وفى هذه الحالة التى يعثر فيها على السلاح فى مسرح الجريمة، فإنه يجب على ضابط مسرح الجريمة عدة أمور كالتالي:
أ-أن يهتم بهذا الدليل المادى الأساسي.
ب- أن يتخذ كافة الإجراءات الضرورية الأساسية المطلوبة عند احتواء أى اثر مادي.
ج- أن يحدد على وجه الدقة مكان العثور على السلاح وبعده أو قربه من الجثة.
د- أن يضع فى اعتباره حالات كثيراً ما تحدث وهى وضع السلاح فى يد القتيل بعد قتله للإيهام بأنه قد قتل نفسه.
و- على الخبير أن يتعامل مع هذا السلاح بحذر شديد ويفضل نقله فى وعاء كرتوني، كما هو للمختبر الجنائى ليتم فحصه حسب الأصول الفنية بحثاً عن بصمات يحملها السلاح أو الطلقات الحية المخزنة داخله دون أن يؤثر ذلك على مخلفات الإطلاق الأخرى مثل أملاح البارود وخلافها» .
2- الأظرف الفارغة :
الأسلحة النارية تختلف من حيث قذف الظرف الفارغ فى مكان الإطلاق فعلى الأغلب فى جميع أنواع الأسلحة التى تستخدم المخزن «الباغة» كالمسدسات والبنادق يتوفر للسلاح قطعة تسمى «قذاف الظروف» والتى تعمل على قذف الظرف الفارغ خارج السلاح إما يميناً وإما يساراً حسب مكان وجود فتحة القذف فى السلاح.
أما المسدسات ذات الطاحونة : فإنها تحتفظ بهذا الظرف داخل الطاحونة حتى تتم عملية الإطلاق وتفريغها يدويا، وغالباً ما تكون له خمسة أو ستة حجرات تتسع لخمسة أو ستة طلقات، وكذلك الأمر بالنسبة لبنادق الخرطوش ذات الطلقة الواحدة أو التى تحوى أكثر من «سبطانة» وتحشى كل ماسورة بطلقة، فإنها أيضاً تحتفظ بالأظرف الفارغة بداخلها بخلاف البنادق الحديثة التى تتغذى من مخزن يعبا بأكثر من طلقة فإن لها قذائف ظروف وهى تترك أظرفها على الأغلب فى مسرح الجريمة .
3- رؤوس الطلقات والمقذوفات :
ذكر فيما سبق أنه نتيجة لعملية احتراق أملاح البارود فى داخل الطلقة فإن الغازات الناتجة عن عملية الاحتراق تدفع المقذوف النارى إلى الأمام عبر «سبطانة» السلاح حتى يصل إلى فوهة السلاح، وعندها تكون عملية الاحتراق قد اكتملت وتولد عنها أكبر كمية من الغاز فيخرج المقذوف النارى بأقصى سرعة محدثاً أثاره، فعند اصطدامه بجسم صلب قد يتهشم ويغير مساره وعند اتجاهه للأعلى فانه يبقى صاعداً حتى يفقد كامل طاقته فى أعلى نقطة يصل إليها ويبدأ رحلة العودة إلى أسفل، فيما يعرف بالمقذوف النارى فى نهاية مشواره.
أما فى الحالة التى يكون مطلق النار مصوباً على هدفه، فان أثار الإصابة تعتمد على طبيعة ومادة الهدف، فإذا كان جسم إنسان أو حيوان فإنه يدخل الجسم محدثاً فتحة دخول وهنا قد يستقر داخل الجسم وقد يخترق الجسم ويخرج منه حسب قوة ومكان الإصابة ومسافة الإطلاق ونوع السلاح المستعمل ونوع الذخيرة .
وعلى ضابط مسرح الجريمة أن يتوقع مكان وجود رؤوس الطلقات فى مسرح الجريمة، ففى الأماكن المغلقة فى حالة عدم وجود فتحة خروج فى النوافذ والأبواب، فإن على ضابط مسرح الجريمة أن يبحث عن المقذوفات النارية المطلقة والتى قد تكون مستقرة فى أجساد الضحايا وقد تكون مستقرة فى الأثاث وأرضية الغرف والساحات الداخلية حسب مسارها، وفيما يتعلق بحبيبات الرش فإنها تنتشر بعد خروجها من فوهة السلاح بشكل مخروطى وتتباعد كلما زادت المسافة.
4- علامات قرب إطلاق الناري:
فالإطلاق يترك أثاره على الملابس والجلد الملاصق أو القريب من نقطة الإصابة، وإذا كان تحديد سبب الوفاة وفيما إذا كانت ناتجة عن الإصابة بالمقذوف النارى أم لا هو من واجب الطبيب الشرعي، فإن خبير الأسلحة يلعب دوراً بارزاً فى تحديد علامات القرب على الملابس ونقاط الاصطدام والاحتراق فى الأوانى والزجاج وغيرها بعد أو قبل الإصابة، وتفيد علامات قرب إطلاق النار فى مكان الإصابة فى تحديد فتحة الدخول وفتحة الخروج فى حال وجودها. ففتحة الدخول غالباً ما تكون أصغر من فتحة الخروج، باستثناء حالة ما إذا كان إطلاق النار ملاصقاً أو شبه ملاصقة فعندما تكون فتحة الدخول كبيرة، وتأخذ الشكل النجمى الناشيء عن ارتداد الغازات إلى الخارج بعد دخول إلى الجسم وتكون حواف الجرح مقلوبة إلى الخارج .
ومما يساعد فى تحديد فتحة الدخول أن خيوط الملابس والأنسجة يكون اتجاهاً إلى الداخل وأحيانا داخل جرح فتحة الدخول بينما تكون اتجاها عكس ذلك أى إلى الخارج فى فتحة الخروج .
ويتم فحص المسحات التى تؤخذ من حول الجروح فى فتحة الدخول والملابس فى المختبرات ويحسب كثافة مخلفات أملاح البارود والمخترق فتحة الدخول يمكن تحديد مسافة الإطلاق، ولذا يجب تحرى الدقة فى نقل الملابس واخذ المسحات عن الجلد ونقلها إلى المختبر بهيئتها التى رفعت بها فى مسرح الجريمة.
أما فى حالة إصابة المقذوف النارى لأحياء فى مسرح الجريمة، فإن أول يستدل عليه أن إطلاق النار قد حدث فى هذا المكان كما يساعد فى البحث عن رؤوس الطلقات فى المكان كما يفيد فى تحديد مسافات واتجاهات إطلاق النار .
5- مخلفات إطلاق النار على جسم الرامي:
عندما يقوم شخص ما بإطلاق النارى من سلاح فان عملية احتراق أملاح البارود تنتج كمية هائلة من الغازات يصيب أول ما يصيب يد الشخص الذى يقبض على السلاح، لأنها الأقرب على فتحة القذف والتى يخرج منها جزء من هذه الغازات، ولذا يجب على ضابط مسرح الجريمة أن يقوم بأخذ المسحات عن أيدى المشتبه بهم فى مسرح الجريمة حسب الأصول الفنية والعلمية .
وإذا كانت أجهزة الأشعة غير المرئية تحت الحمراء أو فوق البنفسجية مفيدة جداً فى مسرح الجريمة فى اكتشاف هذه الآثار إلا أن الاختبارات الكيميائية أكثر أهمية إذ يتم من خلال فحص المسحات المأخوذة عن يد المشتبه به وتحليلها مختبرياً واستخلاص النتائج المتعلقة بها، كما قد تلحق بعض الإصابات بيد الرامى نتيجة استعمال السلاح كالجروح والحروق الناشئة عن خلل فى السلاح أو الاستعمال الخاطئ أو كثرة الاستعمال، كما أن من الممكن العثور على بعض الدماء المتناثرة من جسم الضحية على جسم الجانى فى حالة الإطلاق عن قرب .
6- تحديد مسافات الإطلاق:
ضابط مسرح الجريمة وخبير الأسلحة فى مسرح الجريمة يلعب دوراً فاعلاً فى تحديد المسافة التى أطلقت منها النيران من خلال معاينة الآثار المتخلفة فى مسرح الجريمة، كالأظرف الفارغة ورؤوس الطلقات وشكل الإصابة وأثار إطلاق النار على جسم المجنى عليه .
كما أن وجود حواجز طبيعية فى مسرح الجريمة كالمبانى العالية أو الجبال تمكن الخبير من تحديد مسافة الإطلاق، فيما إذا كانت أقرب من تلك الحواجز أم ابعد وفى بعض الإصابات يستطيع الخبير تحديد ما إذا كانت الإصابة مباشرة أم أنها ناشئة عن مقذوف عائد من الجو فى نهاية مشواره.
فعلى سبيل المثال فى فصول الصيف يكثر إطلاق النار فى الأفراح والمناسبات، مما يسبب إحداث إصابات بعيارات نارية لأطفال فى الشوارع أو ماره وتكون إصابتهم الأغلب فى أعلى الرأس فيما تستقر المقذوفات النارية داخل الجمجمة .
7- تحديد اتجاهات الإطلاق
يستطيع ضابط مسرح الجريمة والخبير الفنى فى مسرح الجريمة تحديد اتجاهات إطلاق النار فى اغلب الأحيان استناداً إلى موقع الإصابة، ونقاط الدخول والخروج فى مسرح الجريمة وموقع الأظرف الفارغة فى حال وجودها والوضع الذى كان يجلس أو يقف فيه الضحية قبل إصابته، وفى حال حدوث الإصابة مباشرة باستقامة واحدة أى أن المقذوف النارى لم يصطدم بأجسام صلبة تغير اتجاهه وبقى يسير فى خط مستقيم فإن من الممكن اخذ امتداد الاتجاه بواسطة الليزر أو بواسطة خيط يشير إلى مكان وجود الرامى التقريبى .
عدد الردود 0
بواسطة:
فكرى الفساخ
موضوع ثقافى جميل
شكرا لكم على المقالة العلمية الجميلة .