تسعى التنظيمات الإرهابية لاستخدام السيئ للتراث الإسلامى، وتشويهه لتبرير الأعمال الإرهابية التى ترتكبها ضد المنطقة العربية، وهو ما دعى للبحث عن كيفية التعامل مع هذا التراث، لمنع تلاعب الإرهابيين به.
فى هذا السياق فند المفكر الإماراتى على محمد الشرفاء أنواع التراث، مؤكدا أن التراث نوعين، والنوع الأول هو متعلق بالتراث الدينى، واصفا اياه بالكارثى الذى تسبب فى تفرقة المسلمين وتشتيهم، بينما النوع الثانى هو التراث المتعلق بالعلوم الأخرى كالطب والفلك وغيرهما من العلوم التى يجيب أن نهتم بها ونسعى باستمرار لتطويرها.
وقال "الشرفاء": "التراث نوعان أولهما فيما يتعلق بالخطاب الإسلامى فهو كارثة بكل معنى الكلمة وما تم اختلاقه كذبا وتزويرا على رسول الله نتج عنه تشويها لأهداف الآيات التى جاءت فى القرآن الكريم وما فيها من مقاصد الخير والصلاح والمنفعة لكل الناس وما تضمنته من تشريعات وعظات وأوامر ونصائح وأخلاقيات لو اتبعها المسلمون لأصبحوا قادة لركب الحضارة الإنسانية تقدما وعلما ورحمة وعدلا وحرية ومساوة وإحسان وتسامح وتعاون بين جميع خلق الله على البر والمنفعة لتحقيق الاستقرار للمجتمعات الإنسانية فى كل مكان يسودها الأمن والسلام على شريعة العدل الإلهى".
وتابع: "وحين طغت الروايات على الآيات نتج عنها تفرق المسلمين لطوائف وفرق تقاتل بعضها بعضا، وما حوته من سموم تشربتها العقول حتى أصبحت مراجع لأديان مختلفة ومذاهب متناقضة فذلك التراث على المسلمين أن لا يعتدوا به ولا يعيرونه اهتماما ويلقى به فى زوايا النسيان وما خلفه للمسلمين من اعتناق سبل الطغيان وما جر عليهم من اقتتال دام اكثر من أربعة عشر قرنا تمزقا وتفرقا اسالوا بها دماء الأبرياء وقطعوا اواصل الأرحام وداسوا على كل قيم القرآن ونسوا أمر الله سبحانه وتحذيره بقوله فى سورة طه (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) وقال سبحانه فى سورة الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (3) فلم يتبعوا ما أنزل الله فى كتابه المبين إنما اتبعوا ماترويه الشياطين ليعيش المسلمين فى ضنك وشقاء وبؤس ومعاناة".
وتابع قائلا: "الحوادث التاريخية تؤكد ما تسببت فيه الروايات من كوارث على الإسلام والمسلمين وعدم إتباعهم ما أمرهم الله به وحذرهم من إتباع غيره وما سيصيبهم من حياة البؤس والمعاناة ولذلك ان أراد المسلمون أن يصلح الله أحوالهم ويردهم إلى الإسلام الحق وليس المشوه بالروايات، عليهم التمسك بكتاب الله وآياته تأكيدا لقوله تعالى مخاطبا رسوله الكريم فى سورة الأعراف فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِى إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ" مما تعنى هذه الآية الأمر الإلهى للرسول التمسك بكتاب الله وحده وأنه أيضا يشمل قومك الذين ستبلغهم به وأنكم جميعا سيسالكم الله عنه يوم القيامة هل أتبع الناس كتاب الله وما جاءت به آياته البينات من تشريعات وعظات وأخلاقيات ومعاملات وسيتم الحساب على هذا الأساس وليس على إتباع الروايات التى أخذتهم بعيدا عن كتاب الله حيث يقول سبحانه على لسان رسوله فى سورة الذرايات (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51)).
وتابع: "أما فيما يتعلق بالتراث العلمى من فلك وطب وغير ه من الشعر والأدب والقصص فان ذلك تراث ندرس كيفية الاستفادة منه فى الحياة الدنيا للمثقفين بكل أطيافهم".
فيما قال منتصر عمران، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، إن التراث الدينى يشمل قسمين هما قسم الدعوة وهذا يشمل الدعوة التى قام بها المسلمون الأوائل منذ عهد الصحابة الى عهدنا الحالى وكان أساسه لا إكراه فى الدين ولكن تبليغ الرسالة المحمدية الى ربوع الأرض والى الناس جمعاء لان دعوة الإسلام عالمية حيث يقول المولى تبارك وتعالى فى محكم التنزيل (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقد برع المسلمون الأوائل فى ذلك حيث كانت أخلاقهم ومعاملتهم تسبق دعوتهم.
وأضاف القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أنه سجل التاريخ فى دعوة المسلمين لغيرهم أروع الأمثلة فى حسن الدعوة وحسن المعاملة حتى قيل ان التجار المسلمين من حسن معاملتهم وأخلاقهم مع الناس جعل كثير من الناس يسأل عن السبب وراء اخلاقهم النبيلة ومعاملتهم الحسنة فكانوا يقولون للناس أن دينهم الإسلام يأمرهم بذلك... فكان الناس يدخلون فى دين الله قبل أن تطأ أقدام المسلمين أرضهم من أجل ذلك عم الإسلام الأرض وانتشر بسبب تمسك المسلمين بصحيح دينهم لان الجانب الدعوى للمسلمين كان أكثر من ممتاز.
وتابع منتصر عمران: إذا نظرنا إلى الجانب الآخر من تاريخ المسلمين وهو الجانب السياسى فنراه أكثر من سيئ، وذلك بعد عهد الخلفاء الراشدين وذلك منذ عهد الأمويين وحتى عهد العثمانيين للأسف مقالب ومؤمرات من أجل كرسى الحكم، وفى بعض الأحيان هناك اقتتال بين المسلمين وبعضهم وقد حذر رسولنا من ذلك فقال لا ترجعوا بعدى كفار يضرب بعضكم رقاب بعض وقد حدث ما حذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم فى بعض المواقع والأحداث ولكن هذا لا يمنع ان هناك كانت معارك تم من خلالها فتوحات إسلامية على أيدى قادة مسلمين كانوا مخلصين لدينهم ولم ينتظروا الى كرسى الحكم كان منهم صلاح الدين الأيوبى رحمه الله وآخرين.
فيما قال حسين مطاوع، الداعية السلفى، إن هناك علم من العلوم الشرعية اسمه علم الرجال أو كما يسميه علماء الحديث (علم الجرح والتعديل) هذا العلم يختص بتنقية التراث وتصنيف الرواة من حيث عدالتهم وضبطهم ودرجتهم ووضعوا لذلك شروطا قاسية لتقبل روايات هؤلاء الرجال أو ردها إن لم تتوفر هذه الشروط ، فلسنا بحاجة لأن يأتى كائنا من كان الآن مطالبا بمراجعة تراثنا الدينى الذى يشكل جزءا لا يتجزأ من ديننا وعلاقتنا ومعرفتنا به بل منهم من تجاوز وطالب بإلغاء هذا التراث ليصبح الدين الإسلامى معنى بلا مضمون ولا مبنى.
وأضاف الداعية السلفى، أن القول بالاعتماد على ما جاء فى القرآن فقط قول باطل لأن القرآن يفسره الأثر والحديث وليس الرأى أو العقل كما يزعم هؤلاء.
وأوضح أن التراث الإسلامى يتم التعامل معه كما تعامل معه الأولون من سلفنا الصالح وتركوا لنا خطا واضحا نسير عليه يكون لنا نورا فى وسط هذا الظلام من الهجوم المتلاحق على الأئمة وما تركوه من علم وخير للناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة