أخيرا، بعد رحلة طويلة قطعتها الدولة مع الإصلاح الاقتصادى، على مدار السنوات الأخيرة، يصل قطار ترشيد الدعم إلى محطته الأخيرة، حيث تنتهى مصر الآن من خطة ترشيد دعم المنتجات البترولية والكهرباء والمواد التموينية، بصياغة منظومة جديدة وأكثر إحكاما، تقلل الإهدار والنزيف وتحاصر وصول تلك الأموال إلى جيوب الأغنياء والمقتدرين، وتوجيهها بشكل فعال وأكثر كفاءة لتحسين للمستحقين والأولى بالرعاية.
خطة ترشيد الدعم، هى تلك المبادرة الجريئة التى بدأتها الدولة المصرية قبل خمس سنوات لضبط الهيكل الاقتصادى وعلاج التشوهات المالية والفجوة الواسعة بين الإيرادات والمصروفات، تصل الآن لآخر محطاتها، لتحقق نجاحا جديدا فى إصلاح الآثار المتراكمة عن سنوات سوء الإدارة، والتعاطى السلبى مع أزمات الاقتصاد وفجوات التمويل، والتى تشهد الموازنة الجديدة 2019/ 2020 التى بدأت فى 1 يوليو الجارى، تطبيق الشريحة الأخيرة لها.
الدكتور مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، قال إن منظومة ترشيد الدعم التى بدأتها الدولة على مدار السنوات الأخيرة، تستهدف فى الأساس تصحيح الخلل الموجود فى الموازنة العامة وهيكل الأسعار، لافتا إلى أن مثل هذه القرارات قد تتسبب فى وقوع بعض الأعباء على المواطنين فى مرحلة لا تزيد فيها الأجور، وهو ما لم يحدث فى مصر بسبب قرار الدولة بزيادة الأجور، والتى تم تطبيقها ابتداءً من 1 يوليو الجارى، بعدما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عنها فى مارس الماضى.
وأضاف "السعيد" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن سياسة الحكومة الحالية تعد تصحيحا لأوضاع اقتصادية عانت من بعض الخلل، وتحقيقا لأهداف تنموية تصب فى كافة القطاعات الخدمية التى يستفيد منها المواطن كالتعليم والصحة، مؤكدا أن تصحيح تلك الأوضاع تضعه الدولة أولوية قصوى لديها، كما لفت وزير الاقتصاد الأسبق إلى أن الدولة المصرية تسير فى المسار الصحيح الذى من شأنه تصحيح الأوضاع الاقتصادية وتحقيق تنمية مستدامة نحو مزيد من النمو ومزيد من فرص العمل.
ترشيد الدعم فرصة لمنح التنمية الاقتصادية "دفعة"
وأشار الدكتور مصطفى السعيد، إلى أن ترشيد الدعم سيمنح الفرصة لإعطاء دفعة للتنمية الاقتصادية، مما سينعكس آثاره الإيجابية على المواطن، مؤكداً أن الدولة كانت فى حاجة لإتخاذ مثل هذه القرارات الإصلاحية، حيث قال السعيد: "إن منظومة ترشيد الدعم كانت أمراً لابد منه لتوجيه تلك الأموال لمستحقيها من محدودى الدخل وتحقيق خدمات مستدامة لهم".
كما لفت الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق، إلى أن دعم الطاقة على مدار العهود الماضية أثر على الموازنة العامة وخلق عجزا متواصلا بها، موضحا أن ما تفعله الدولة حالياً هو إصلاح لأخطاء موروثة، لذا كان الأمر يتطلب مبادرة جريئة فى الوقت الحالى مستهدف بها مستقبل قريب أفضل.
يشار إلى أن، دعم المنتجات البترولية يمثل الفرق بين التكلفة الفعلية للمنتجات البترولية التى تتحملها وزارة البترول وسعر البيع محلياً المحدد جبرياً، وتتوقف قيمة الدعم على 3 عوامل رئيسية، تتمثل فى، سعر البترول عالمياً، وسعر صرف العملات الأجنبية، وحجم الاستهلاك المحلى.
كما تجدر الإشارة إلى أن قيمة دعم المنتجات البترولية خلال الـ 3 سنوات الماضية، قد بلغت نحو 122.4 مليار جنيه خلال العام المالى 2017-2016، منخفضة إلى حوالى 120 مليار جنيه فى العام المالى التالى له، بينما بلغت خلال الـ 9 أشهر الأولى من السنة المالية المنتهية 2019-2018 نحو 60.1 مليار جنيه.
مستهدفات الدولة من وفورات ترشيد الدعم
ومن المقرر، وفقا لخطة الدولة الإصلاحية ومستهدفاتها فى منظومة ترشيد الدعم، أن توجه النفقات التى ستوفرها الشريحة الأخيرة من ترشيد الدعم، إلى زيادة المعاشات، والحد الأدنى للأجور، علاوة على، زيادة المخصصات للبرامج الاجتماعية لمحدودى الدخل مثل "تكافل وكرامة"، ووصول الدعم للفئات الأكثر احتياجا، هذا بجانب، زيادة المبالغ الموجهة لدعم البطاقات التموينية، والتى يستفيد منها نحو 76 مليون مواطن بالجمهورية.