أكرم القصاص - علا الشافعي

محمود عبدالراضى

عبد الناصر الذي أحبه المصريون

الثلاثاء، 23 يوليو 2019 11:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يك جمال عبد الناصر رئيسا لمصر فحسب، بل كان رمزا وطنيا مشغول طوال الوقت بهموم المصريين، كان رجلا من أفضل وأنقى الرجال، رسخ لقيم الشهامة والرجولة ومازالت الأساطير والقصص يرويها لنا الآباء في الصعيد عن "ناصر" رغم مرور سنوات طويلة على ثورة 1952 ورحيل عبد الناصر بعد ذلك في 1970.

والدي أحد هؤلاء الأشخاص العاشقين ل"ناصر" أو " أبو خالد" كما يقول عنه، والذي عاصر حقب زمنية مختلفة بحكم سنه الذي اقترب من التسعين عاماً.

حكايات والدي عن "عبد الناصر" لا تنضب ولا يمل من سردها، بالرغم من أنه لا يجيد القراءة والكتابة، إلا أنه لديه مخزون كبير من قصص البطولات لناصر، وكيف سيطر هذا الرجل على قلوب المصريين وشغفوا حباً به وما أن جاء طفل لأحدهم اطلق عليه اسم "جمال" لدرجة أن هذا الاسم بات شائعا في العائلات وقتها.

"ناصر " الذي ينتمي لقرية بني مُر بالصعيد على بعد كيلو مترات من قريتنا، ذاعت قصص بطولاته ومواقفه النبيلة ، وسارت أساطير يتجاذبها الآباء عن هذا الرجل، الذي سخر حياته للمصرين، ولم يرضى يوماً بالذل للمصرين، "عبد الناصر" الذي زلزل اسمه إمبراطوريات وكان يهابه الرؤساء والملوك، وبات الاسم الذي أرق إسرائيل ردحاً من الزمان.

حكايات والدي عن انحياز "عبد الناصر" للفقراء والبسطاء في القرى والأرياف تجعله يسكن القلوب ، خاصة عندما وزع الأراضى على البسطاء وجعلهم لأول مرة يمتلكون أراضي فيما عرف ب"الإصلاح الزراعي" ، فضلاً عن اهتمامه بالتعليم ومجانيته، فلولاه ما كنّا الآن في أماكننا، وحرصه على اقامة مجمعات المدارس والوحدات الصحية بالقرى والأرياف.

حكايات طويلة عن عشق المصريين لهذا الرجل، وخطاباته القوية وكلماته التي مازال المصريون يحفظوها ، حكايات لم تخلو عن الأوقات الصعبة حتى في لحظات الهزيمة امتلأت الشوارع بالمصريين يطالبوه بعدم الرحيل، لانه الأمل الباقي ، لانه الناصر والمنصور، وعدى النهار ، وتخطينا الهزيمة وبدا حرب الاستنزاف التي أرقت إسرائيل وساهمت بشكل كبير في نصر أكتوبر بعد ذلك رغم وفاة ناصر.

عبد الناصر الذي أحبه العرب، لم يهتم فقط بالشأن الداخلي وإنما كان حريصا على توحيد الصف العربي، ليس العربي فحسب، لكنه توغل في القارة السمراء والتف أبناءها حوله، بعدما وجدوا فيه الزعيم والأسطورة.

حكي لي أحد الأصدقاء الذين عملوا في مجال قوات حفظ السلام، أنه بعد عام 2000 كان يعمل في إحدى الدولة الافريقية المليئة بالصراعات في ذلك التوقيت، وأثناء سيره بسيارته وجد شخص مصاب على قارعة الطريق، ورغم تحذيرات سائقه بعدم النزول له خوفا على حياته، إلا أنه أصر على النزول وانقاذ نفس من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وتحرك بسيارته وسط مناطق الصراع وعالج المريض، ورده لقبيلته مرة أخرى، وفي الصباح قرر زيارته، وقد عرفت القبيلة بأنه مصري، فاحتشدوا في الشوارع لاستقباله وهم يلوحون بعلامة النصر ويهتفون ناصر، وعندما تجول داخل مقار إقامتهم في المنازل والخيم وجود صور عبد الناصر حاضرة بقوة، محتفظين بها على الجدران منذ سنوات طويلة.

هناك أشخاص يرحلون عنا بأجسادهم وتبقى سيرتهم العطرة باقية في ضمير ووجدان هذا الوطن، وَعَبَد الناصر كان عظيماً في قلوب الناس، فموعدنا معه في جنات ونهر في مقعد صدق عندك مليك مقتدر.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة