- النيابة تكشف جهل المتهم بمهام عمله رغم ترقيته أكثر من مرة.. والأخير:بقعد فى المكتب ومش بنزل المحطة.. ولو فيه عامل مناورة ما كانش حاجة حصلت
قرابة 5 شهور انقضت منذ وقوع الحادث الأليم، الذى أودى بحياة 31 مواطنا وتسبب فى إصابة 17 آخرين، ورغم أن محطة مصر عادت إلى طبيعتها، وانتظمت حركة القطارات، وسافر آلاف المواطنين وعادوا، فما زالت وقائع وتفاصيل الحادث الأليم تتكشف، من واقع التحقيقات والأوراق الرسمية.
طوال تلك الفترة لم تتوقف التحقيقات، منذ وقوع الحادث صباح 27 فبراير الماضى، حتى ظهر المتهمون داخل قفص الاتهام خلال أولى جلسات محاكمتهم فى محكمة جنايات القاهرة المنعقدة فى التجمع الخامس، على خلفية الإهمال والإخلال الجسيم بمهام وظائفهم، ومخالفة دليل أعمال المناورة، ولائحة سلامة التشغيل الصادرة عن جهات عملهم، وتزوير التوقيع فى دفتر حضور وانصراف عمال وملاحظى المناورة، ورغم كل التفاصيل والملابسات والمعلومات لم يعلم أحد ما دار خلف الأبواب المغلقة، لكن تنفرد «اليوم السابع» بنشر تفاصيل التحقيقات فى حلقات مسلسلة من واقع المستندات.
وفى الحلقة الخامسة، نكشف تفاصيل تحقيقات النيابة العامة مع المتهم يحيى سعد الدين، كبير الفنيين بهيئة السكك الحديدية، الذى كشف جانبا مهما وخطيرا من كواليس ومقدمات الحادث الأليم. فقد أقر المتهم أمام النيابة أنه لم يكن يعلم بمهام وظيفته رغم السنوات الطويلة التى قضاها فيها، قائلا: «أنا بشتغل رئيس حركة، مهمتى أشوف الكشوف، أعمل الأورنيك للمرضى، وأشوف الإجازات السنوية للعاملين، وأتابع تعليمات التشغيل والتنظيم. أنا اشتغلت فى السكة الحديد وأنا معايا دبلوم تجارة من 20 سنة، وعمرى ما عرفت اختصاصات وظيفتى».
الكارثة التى فجرها المتهم خلال التحقيقات جاءت بعد اطلاع النيابة على بطاقة التعريف الوظيفى الخاصة به التى أكدت شمول عمله للجانب العملى والإشراف داخل محطة مصر، لكنه فجر المفاجأة بالقول: «أنا بعمل مسؤوليات إدارية فقط، ودى اللى أنا مختص بيها، من ساعة ما اشتغلت وما كنتش أعرف إيه اللى مكتوب فى بطاقة الوصف الوظيفى. أنا كنت ناظر حوش، وبعد كده اترقيت لغاية ما بقيت وكيل، وبعدين رئيس حركة، وده اللى خلانى أبقى فى وظيفتى دى.
ورئيس الحركة اللى قبلى علّمنى إزاى أشتغل فى المكان ده». وأوضح المتهم أنه لا يتولى سوى الأعمال الإدارية فقط، مستطردا: «أنا مش بتواجد فى الحوش، بس بشرف على العمل الإدارى، ولو حصلت أى حادثة بتواجد داخلى مش بروح المحطة. العاملين اللى أنا مسؤول عنهم هما وكيل الحوش عادل سيف، وكاتب ومعايا ناظر الحوش، وملاحظ المناورة، وعمال المناورة». وردا على سؤال النيابة العام بشأن مسؤولية المتهم عن مراجعة الدفاتر والكشوف والإشراف على وجود العاملين فى مواقعهم، بحسب الوصف الوظيفى لمهنته، قال: «أنا مش بعمل كده خالص، أنا ما أعرفش حاجة عن الكلام ده، وأول مرة أسمعه النهارده».
وأكمل المتهم مفاجآته أمام النيابة: «عامل المناورة لازم يكون متواجد فى الجرار فى الأمام، ولازم ملاحظ المناورة وناظر الحوش يتأكدوا إنه موجود، ولو رفض يتم تغييره على طول. وملاحظ المناورة وناظر الحوش المسؤولين عن متابعة عامل المناورة، ودول بيبقوا موجودين فى حوش أبو غطاس، ولو عامل المناورة خالف التعليمات بيخطرونى أنا ويبدّلوه بواحد تانى، وأنا ساعتها بجيبه وأحقق معاه، ولو غلط برفع الأمر لرؤسائى. ده برضه اللى بيحصل مع ملاحظ المناورة وناظر الحوش، لو غلطوا بحقق معاهم وبرفع الأمر لو ثبتت المخالفة، والمفروض ملاحظ المناورة وناظر الحوش يتأكدوا أن عامل المناورة فى مقدمة القطار، ولو مش موجود أو ما جاش لازم يستبدلوه بواحد تانى فورا، وده محصلش، عشان كده الجرارين دخلوا فى بعض».
من جانبها، أشارت النيابة إلى أن المتهمين الأول والثانى والخامس، ومن التاسع حتى الرابع عشر، تسببوا فى موت محمد عبد الدايم أحمد و30 آخرين، بينهم طفل، وذلك بسبب إهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين واللوائح، وإخلالهم الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم، بأن خالفوا دليل أعمال المناورة ولائحة سلامة التشغيل الصادرة عن جهة عملهم، ما نتج عنه تحاشر الجرارين 2305 و2302، وما تبعه من ترجل المتهم الأول للجرار 2302 دون اتباعه التعليمات المقررة لإيقاف الجرار، فترتب عليه انفلاته بسبب فقدان إحدى وسائل الأمان «رجل الميت» نتيجة العبث، وحال كون إبرة السقوط ليست على الوضع المقرر، اصطدم الجرار المنفلت بالرصيف رقم 6، وانفجر داخل محطة القاهرة، فحدثت وفاة المجنى عليهم، كما تسبب المتهمون فى إصابة حنان سعيد حسن و16 آخرين، وذلك نتيجة إهمالهم أيضا وعدم مراعاتهم القوانين واللوائح.