على الرغم من مرور أشهر طويلة على فضيحة تسريب البيانات "كامبريدج أناليتيكا"، لا يزال العالم فى حالة ذهول من قدرة بعض الشركات على معرفة الكثير عن حياتك بضغطة زر واحدة، خاصة بعد بدء عرض الفيلم الوثائقى The Great Hack، الذى يدور حول العالم المظلم للبيانات، وكيف يتم استخدامها لتحقيق غايات سياسية ، إذ يروى الفيلم ربما أكبر خرق لبيانات المستخدم فى التاريخ الحديث، والتى تم خلالها سرقة بيانات 87 مليون مستخدم واستغلالها لاستهدافهم بالإعلانات السياسية.
ويشرح The Great Hack بتفصيل كبير كيف حدث ذلك، وانخرط المخرجان كريم عامر وجيهان نجيم فى توثيق واستجواب الخبراء والصحفيين والموظفين السابقين والمبلغين للكشف عن الفضيحة بأكملها.
جانب من الفيلم
وتدور أحداث الفيلم حول ديفيد كارول وهو أستاذ يرفع قضية للمطالبة بالحصول على البيانات التى تمتلكها شركة الاستشارات السياسية "كامبريدج أناليتيكا" عنه وعن حياته والتى يتضح أنها تصل إلى 5 آلاف وحدة بيانات، وصحفية "الجارديان" كارول كادوالادر، التى فجرت رسميًا الفضيحة و "بريتانى كايزر"، موظفة سابقة فى الشركة البريطانية.
وفى حين أن معظم الأشياء الموجودة فى The Great Hack معروفة بالفعل بفضل المقالات والموضوعات والتحليلات التى كانت تغطى الموضوع عند الكشف عنه، فإن خلفيات وتفاصيل تلك الشخصيات المركزية الثلاثة توضح مدى عمق انتهاك الخصوصية الذى أصاب ملايين من البشر حول العالم وخطورة توفر تلك البيانات لدى جهات لديها أغراض وأهداف قد تصل إلى تفكيك المجتمعات والسيطرة عليها من خلال بناء مجتمعات جديدة تحمل أفكار بعينها.
بريتانى كايزر
صور الفيلم الرئيس التنفيذى للشركة "ألكساندر نيكس" على أنه الرجل الذى ساعد فى إطلاق حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وحمله بالتالى مسئولية ما حدث فى الانتخابات الأمريكية لعام 2016 ونجاح "دونالد ترامب" من خلال حملة نظمتها الشركة نفسها عملت على الإساءة إلى "هيلارى كلينتون" وزرع إعلانات ضدها تستهدف الناخبين فى بعض الولايات، خاصة الذين لم يحسوا قرارهم.
وغيّرت القصة وجهات النظر غالبًا عن "كارول كادوالادر" التى تعرضت لحملة تشويه، و"بريتانى كايزر" التى بررت تواجدها فى مكان ما فى تايلاند، بسبب اعتقادها أن سلامتها فى خطر.
ويسلط الفيلم الوثائقى الضوء على شهادات مارك زوكربيرج ودور فيس بوك فى استهداف المستخدمين عبر Cambridge Analytica، بالإضافة إلى عرض جلسة الاستماع التى حضرها "ألكساندر نيكس" فى الاتحاد الأوروبى والذى يقول إنه "ضحية" الهجوم المستمر على الشركة.
وتبقى دوافع "بريتانى كايزر" غير واضحة طوال الفيلم، ورغم أنها تشهد ضد شركتها السابقة، فعند سؤالها عن سبب اختيارها للعمل مع Cambridge Analytica مع علمها بأنها تجمع بيانات بشكل غير مشروع كان جوابها هو "مقابل المال".
وهناك أيضا القليل من الميل الليبرالى فى The Great Hack، فبينما يعترف بأن حملة أوباما استفادت أيضًا من وسائل التواصل الاجتماعى لنجاحها، إلا أن الفيلم الوثائقى لا يدخل فى جدال حقيقى حول ما يجعل تكتيكاتها مختلفة عن تكتيكات حملة ترامب.
The Great Hack
واستعرض كيف أن ترامب أطلق 5 ملايين إعلان عبر الإنترنت مقارنة بـ 66،000 من حملة هيلارى، وركز على أن قصص النجاح اليمينية مثل ترامب والدفع لترك بريطانيا للاتحاد الأوروبى هى نكسات سيحتاج العالم إلى "عقود من أجل التعافى منها".
وفى حين يبرز الفيلم الوثائقي، الأجزاء المهمة من فضيحة كامبريدج التحليلية، فإنه فشل فى عرض كيف يمكن للمستخدم تجنب حدوث خرق آخر للبيانات مثل هذا، وإذا كان الغرض من الأفلام هو صدمة الجمهور ، فقد فات الأوان.
كما أنه يركز على Cambridge Analytica باعتبارها العنصر الشرير، لكنه لم يوسع نطاقه ليشمل الآثار العالمية لتلك الكارثة، واكتفى بأن يستعرض فى جزء صغير كيف اختبرت الشركة خدماتها عن طريق التأثير أولاً على الانتخابات فى دول العالم الثالث البعيدة مثل ترينيداد وتوباغو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة