تضاعف فائض الموازنة العامة الجديدة 2019/ 2020 خمس مرات قياسًا على مستوياته السابقة، متجاوزًا 36 مليار جنيه، وهى قفزة إيجابية لم تتحقق منذ سنوات طويلة، ويعود الفضل فيها إلى جهود ضبط المالية العامة، وعلاج الاختلالات المورورثة فى الموازنة، وتقليص الفارق بين الإيرادات والمصروفات، إلى جانب إيقاف نزيف الموارد الذى التهم مليارات الجنيهات عبر ثغرات منظومة الدعم التى أفادت الأغنياء والمقتدرين على حساب الفقراء والفئات الأولى بالرعاية.
بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى وُضعت أسسه فى يوليو 2014، وبدأ تطبيقه فى 2016، وكانت محطته الأبرز إصلاح اختلالات سوق الصرف بشكل جذرى، وصلت الموازنة إلى حدود إيجابية للغاية فى الأداء بتحقيقها فائضًا أوليًا متناميًا، إضافة إلى زيادة الاستثمارات الكلية لـ1.17 تريليون جنيه بنمو يتجاوز 26%، وتوجيه 149 مليار جنيه لدعم الخبز والسلع التموينية والوقود والكهرباء والمياه، مع استهداف الفقراء والفئات الأولى بالرعاية بتلك المخصصات، والأهم زيادة المعاشات والرواتب وتوسيع برنامج تكافل وكرامة، وتوجيه جانب من الفوائض لتحسين الخدمات وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، وذلك فى إطار رؤية اجتماعية تترافق مع برنامج الإصلاح، بغرض تمكين الفئات الأكثر احتياجًا، والعمل على رفع جودة المعيشة.
تحركت الحكومة برؤية واضحة وخطة شاملة، وكان المواطن بطلًا ذهبيًا فى تلك العملية الإصلاحية الشاملة. وعن هذا الأمر يقول الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن تفهم المواطنين لبرنامج الإصلاح عزّز إمكانات النجاح وساهم فى صنع التجربة الإيجابية التى يشهد لها العالم، متابعًا: «أعضاء صندوق النقد الدولى أجروا المراجعة النهائية فيما يخص الوضع الاقتصادى، وكان التقرير إيجابيًا، وبناءً عليه ستصل الشريحة الأخيرة للقرض بقيمة تبلغ مليارى جنيه خلال يوليو الجارى، بالتزامن مع الشريحة الأخيرة لإصلاح منظومة الدعم، ووصول برنامج الإصلاح الاقتصادى إلى غايته بضبط الاختلالات وعلاج المشكلات التاريخية الموروثة».
وأضاف أنه عند إعداد برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016 كنا نحتاج إلى تمويل، نظرًا للعجز الشديد فى العملات الأجنبية، موضحًا أن التمويل يعطى الدولة ثقة لدى مؤسسات التمويل الدولية، وأن صندوق النقد أجرى مراجعة دورية كل 6 شهور للخطوات المصرية، واتضح أن معظم مؤشرات الاقتصاد شهدت تحسنًا كبيرًا، فانخفضت معدلات البطالة وعجز الموازنة، وارتفع الاحتياطى الدولارى، مستطردًا: «قيمة برنامج الإصلاح ليس قرض الصندوق، ولكن قيمته الحقيقة ثقة مؤسسات التمويل الدولية والمستثمرين الأجانب، وبوصول الشريحة الأخيرة سينتهى برنامج الإصلاح، وحاليًا هناك مفاوضات بين وزارة المالية وصندوق النقد، لاستمرار العلاقة فى صورة دعم فنى واستشارات ومؤتمرات فى ظل رغبة الصندوق فى معاونة مصر ورغبة الدولة المصرية فى استثمار خبراته».
وقال النائب محمد فؤاد، إن مصر أقدمت على تنفيذ الإصلاح الاقتصادى بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى خلال 2016، واتخذت عديدًا من الإجراءات الجادة، سواء بخفض الدعم على المحروقات، أو تحرير سعر الصرف، وأدت تلك الإصلاحات إلى انخفاض عجز الموازنة العامة من 14% فى 2012/ 2013 إلى 8.4% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2018/ 2019، و7.2% فى الموازنة الجديدة، متابعًا: «أدت خطوات الإصلاح إلى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر من 1% و1.5% من الناتج المحلى الإجمالى عامى 2012 و2013 إلى 3.1% من الناتج حاليًا، بحسب بيانات البنك الدولى، لتتفوق مصر على عدد كبير من الدول».
وأوضح أن بيانات البنك الدولى تؤكد أن مصر أصبحت وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر، وهو ما أظهره تقرير مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة «أونكتاد»، بتسجيل مصر زيادة 24% فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر خلال النصف الأول من 2018 مقارنة بالفترة نفسها من 2017، مستطردًا: «المؤشرات الأساسية فى الموازنة فى تسارع صحى، فقفز نمو الناتج المحلى من 4.2% فى 2016/ 2017 إلى 5.3% فى 2017/ 2018، وانخفضت البطالة من 12% إلى 8%، وتقلص عجز الحساب الجارى من 5.6% إلى 2.4%، كما تضاعف الفائٔض الأولى 5 مرات ليسجل 35.6 مليار جنيه، أى 0.7% من الناتج المحلى، فى مقابل عجز أولى بلغ 7 مليارات جنيه العام الماضى، ويضاف إلى ذلك الانضباط المالى الذى تشهده الإدارة المالية للدولة خلال آخر ثلاثة أعوام، ويتضح جليًا من خلال كفاءة التحصيل الضريبى، وتقلص نسبة عجز الموازنة على خلفية كفاءة الإدارة المالية والإصلاحات الهيكلية المتبعة».
وأوضح المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد ورئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن الشعب المصرى كان الدعامة الحقيقية لنجاح خطة الإصلاح الاقتصادى، والتف حول الحكومة لتحقيق نهضة كبيرة وبناء مصر الحديثة، متابعًا: «مصر تمر بمرحلة تأسيس دولة ديمقراطية عصرية حديثة، يسود فيها الاستقرار الاقتصادى والأمنى والسياسى، فلم تعتمد الحكومة على المسكنات كما كان الحال فى السابق، وإنما آثرت اتخاذ قرارات جريئة لحل الأزمة بشكل جذرى، ووضع مصر على الطريق الصحيح».
وشدد «أبو شقة» على أن مصر نجحت فى زيادة معدل النمو إلى أكثر من 5%، فى حين كان احتياطى النقد الأجنبى 15 مليار دولار قبل سنوات، والآن يقترب من 45 مليار دولار، وإلى جانب ذلك نجحت الحكومة فى حل أزمات كبيرة مثل انقطاع الكهرباء، وزادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بنسب كبيرة، ونجحت الحكومة فى خفض عجز الموازنة، لافتًا إلى أن التفاف الشعب حول الحكومة خلال الفترة الأخيرة كان له أثر كبير فى نجاح خطة الإصلاح الاقتصادى، مؤكدًا أن الدولة نجحت فى تصحيح أوضاع الاقتصاد من خلال مشروعات بنية تحتية عملاقة سهلت ودعمت توافد مزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة