شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب اختلافات شديد ة وجدل كبير حول مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إيجار الأماكن للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكنى، حيث انقسمت الآراء ما بين مؤيد ومعارض على من يطبق القانون.
ففى حين أيد عدد كبير من النواب قصر تطبيق القانون كما جاء من الحكومة على الأشخاص الاعتبارية عارض البعض الأخر وعلى رأسهم الدكتور على عبد العال، ما ذهبت إليه لجنة الإسكان فى تقريرها حول مشروع القانون من أن يكون تطبيقه على الأشخاص الاعتبارية والأشخاص العادية على السواء.
وأكد رئيس المجلس، أن قصر تطبيق القانون على الأشخاص الاعتبارية دون المواطنين العاديين غير دستوري، وهذا الانقسام دفع الدكتور على عبد العال إلى إرجاء مناقشة مشروع القانون.
وطالب عبد العال، وزارة الإسكان بتقديم إحصائية حول الأماكن المؤجرة لغير الغرض السكنى بالنظام القديم، وأن تقدم البيانات بشأن المؤجر إيجاراً قديما وأيضا الحديث، قائلاً: "القرى كلها قانون جديد، وأنا من أخر نقطة من الصعيد فى دراو مفيش محل بأقل من 2000 جنيه آى أن الجديرين بالحماية كلهم إيجار جديد، والحكومة يجب أن تقدم البيانات حول سن من يؤجرون إيجارًا جديدًا".
ولفت إلى أن القانون "شائك"، مشدداً على ضرورة عدم تغليب الاتجاهات السياسية فى المناقشة، مضيفا عقب تأجيل مناقشة مشروع القانون: "أقسم بالله العلى العظيم وأنا أستاذ قبل ما أتى هنا، وأعلم جيدا أن المنصة لم تحيد على الإطلاق وأعلم حدود اختصاصى والحيدة تقتضى أن أنبه المجلس، أن هناك عوار دستورى".
ويتضمن القانون امتداد عقود إيجار الأماكن التى يسرى عليها أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 لصالح المستأجر على أن تنتهى مدة العقد بقوة القانون دون حاجة لاتخاذ أية إجراءات أو صدور حكم قضائى بمضى خمس سنوات من تاريخ العمل و إلزام المستأجرين بإخلاء الأماكن المؤجرة وردها إلى المالك أو المؤجر فى اليوم التالى لانتهاء الخمس سنوات.
كما ينص أيضا على تحديد قيمة زيادة الأجرة القانونية المستحقة عند صدور القانون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية القانونية المحددة طبقًا لأحكام قوانين إيجار الأماكن، كما نظمت تلك المادة زيادة القيمة الإيجارية السنوية خلال مدة امتداد العقد بزيادة سنوية دورية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية لمدة أربع سنوات.
وقبل أن يبدأ النقاش حول مشروع القانون حرص الدكتور على عبد العال على توضيح عدد من الحقائق الدستورية حول القانون وحكم المحكمة الدستورية الذى أدى إلى أن تتقدم الحكومة بمشروع القانون فقال: أن أى علاقة قانونية يجب أن يحكمها العدالة، والعدالة تأتى من الاعتدال والاتزان وعدم الانحياز لطرف على حساب آخر، ووفقًا للقانون المدنى فإن لمالك الشيء وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه.
وقال "عبد العال": "إننا أمام مفارقة عجيبة مضمونها أن مالك العقار واحد ولديه اثنين من المستأجرين لغير غرض السكنى، الأول شخص اعتبارى، والثانى شخص طبيعى، وهذا ينطبق عليه القانون وهذا لا ينطبق عليه".
وأوضح رئيس البرلمان، أن عقد الإيجار طبقًا للقانون المدنى من العقود الواردة على الانتفاع بالشيىء وليست واردة على الملكية، وطبقًا للمادة (558) من القانون المدنى، وأن عقد الإيجار عقد يٌلزم بمقتضاه المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالشىء لمدة معينة مقابل أجر معلوم، وبالتالى لا يجوز قانونًا أن تكون مؤبدة أو غير محددة المدة.
وأشار رئيس البرلمان، إلى أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت عدة أحكام قضائية فى خصوص تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، منها حكمها فى القضية رقم (21) لسنة 7 قضائية بجلسة 18/5/1989، وحكمها فى القضية رقم (6) لسنة 9 قضائية بجلسة 6/4/1995، وحكمها فى القضية رقم (11) لسنة 23 قضائية بجلسة 13/5/2018.
وشدد عبد العال، أنه بناء على ما تقدم، تقدمت الحكومة بمشروع قانون جديد ينظم هذه المسألة ويعالجها استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا، وقصرت تطبيق أحكامه على الأماكن المؤجرة لغير الغرض السكنى للأشخاص الاعتبارية سواء كانت عامة أو خاصة.
وداعب النائب علاء عابد، الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، خلال مناقشة مشروع القانون وسط حدة المناقشات بين المؤيدين والمعارضين، بقوله: "تعودنا أن تكون فى مثل هذه القانون مبتسمًا".
فعقب "عبد العال" قائلا: "امبارح كان قانون نقابة المحامين والنهاردة قانون الإيجارات، قدرى أن أواجه كل الألغام".
وقال النائب علاء عابد، إن الحكومة وضعت مشروع القانون بما عملت به المحكمة الدستورية، لأن مخالفة الأحكام تقابلها عقوبات، معلنًا الموافقة عليه بالنص الذى أتى به من الحكومة.
رد الدكتور على عبد العال قائلا: "المتخوفون من مستقبل الشباب، أريد أن أطمئنهم بأن الشباب أجروا إيجار جديد، والله فى وسط البلد فيه مخازن ملابس إيجارها 8 جنيهات"، مؤكدا أن المجلس سيصل لحل مرضى فى مناقشة مشروع القانون.
ومن جانبه، قال النائب مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، أن المالك فقير والمستأجر فقير وما يعانيه الملاك من شظف العيش يشهده الجميع، متابعًا: "ربما كان القانون بعد الحرب العالمية الثانية له أسبابه، وأعتقد أيضا أن المرحلة الراهنة لها تداعياتها".
ووجه بكرى حديثة إلى رئيس النواب: " أنت أستاذنا، ولا يحكمنى إلا الاعتبار الدستورى فى هذا الأمر، وبناء عليه أوافق على النص، كما ورد من الحكومة".
فيما رفض الدكتور عبد الهادى القصبى رئيس ائتلاف دعم مصر، ضم الأشخاص الطبيعية "المواطنين"، لمشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن بعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأنى، كون أثره الاجتماعى كبير.
وأضاف "هذا المجلس تصدى لقضايا شائكة عفى عليها الزمن وتعقدت، هذا المجلس واجه ما لم يستطيع أن تناقشه مجالس أخرى كثيرة، تحملنا مشكلات تشريعية كبيرة، ونحن حريصون كل الحرص أن نضبط العلاقة بين المالك والمستأجر وفقًا للدستور".
وتابع رئيس ائتلاف دعم مصر: "نحن مسئولين عن البعد السياسى والتشريعى والاقتصادى، وهو ما يستلزم دراسة دقيقة ومتأنية لضم الأشخاص الطبيعية، ما جاء من الحكومة وما جاء من اللجنة اجتهاد طيب، ولكن ما جاء من الحكومة هو التزام لحكم المحكمة الدستورية، وأعطى للأشخاص الاعتبارية مهلة 5 سنوات".
وأعلن القصبى موافقته على مشروع القانون بالنص الذى جاء به من الحكومة بجلسة مناقشة قانون إيجارات المحلات: "لا تخافوا من أصوات الناخبين"
وطالب النائب عماد محروس، بإجراء حوار مجتمعى حول مشروع القانون ، قبل فتح باب التصويت على ضم الأشخاص الطبيعية "المواطنين" وفقًا لما وافقت عليه لجنة الإسكان.
وأضاف "محروس أن هذا الأمر يهم الملايين فى الشارع المصرى، وأن البرلمان ليس طرفًا ضد أى طرف، مطالبًا بتأجيله لحين الدراسة.
ولكن النائب مجدى مرشد، رفض هذا الطرح واعتبر أن القانون كما جاء من اللجنة صيغته تحقق حل مشكلة أزلية، قائلا: "أبدية التعاقد غير مقبولة أبدًا، لا يجوز أن يكون العقد أبدى، هذا ظلم شاء الله أن يواجهه المجلس، نحن أمام أوضاع اجتماعية مخالفة، وأنا أفخر بأننى أحد أعضاء مجلس ما كان لأى مجلس آخر أن يحلها".
وأضاف "مرشد" أن الحكومة إذا كانت قد استسهلت، وتقدمت بمشروع يواكب حكم محكمة دستورية فى دعوى ما بغرض ما، ولكن المركز القانونى للاشخاص الاعتباريين هو نفسه للاشخاص الطبيعين، مشددًا: "لا يحب أن نخاف من أصوات الناخبين، ونصل إلى قانون متزن الحكومة
ومن جانبه قال المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، إن الحكومة التزمت حرفيا بحكم المحكمة الدستورية العليا الخاص فى وضع مشروع قانون بشأن "بعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن لغير غرض السكنى".
وأضاف مروان، أن المحكمة الدستورية عندما كانت تضع الحكم وجدت أن هذا يؤثر على إناس آخرين ووضعت ذلك فى حكمها، متابعًا: "البعض يسيء للنص المقدم من الحكومة بأنه غير دستورى بل نحن التزمنا بحكم الدستورية".
وطالب الدكتور على عبد العال، بحذف كلمة "غير دستورى" من المضبطة، قائلا: "اعتقد أن المجلس من حقه أن يقول إنه دستورى أو غير دستورى وإلا بدون ذلك يبقى المجلس ملوش شغلة ومفيش داعى نناقش أى تشريع".
وتابع رئيس مجلس النواب، قائلا: "لن أقبل الإساءة للمجلس طبقا للدستور من حق المجلس أن يشرع فى كافة المسائل، والعضو داخل القاعة يتمتع بحرية كاملة فيما يبديه من آراء".
وأوضح عبد العال، أن هناك محاذير لم تقترب منها المحكمة الدستورية أو تتصدى لها، لكن أسباب الحكم (الحيثيات) وهى جزء لا يتجزأ من المنطوق تحمل من بين ما تحمله قاعدة المساواة.
ومن جانبه قال المهندس أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب: "هذا القانون من أخطر القوانين التى يمكن لهذا المجلس أن يصدرها، ولكن بعيدا عن الأحكام والقواعد الدستورية والعلاقات القانونية، أوضح عدة نقاط، الشعب المصرى بأكمله على مدار السنوات الماضية كان ينتظر من هذا المجلس أن يصدر قانونا جديدا عن العلاقة بين المالك والمستأجر فيما يتضمنه من السكن وغير السكن أشخاص اعتبارية وغير اعتبارية، جاءت الحكومة بهذا القانون متضمنا التزام دستورى بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا، وجاء النص واضحا متضمن أشخاص اعتبارية".
وتابع "السجينى": "كرئيس لجنة الإدارة المحلية عندها حصر لكل المحال، هناك أزمة فى العدد، وما تفضلت لجنة الإسكان بمناقشته نقدره، لكن هنا فى الجلسية هنطلع نص يلبى أثرا اجتماعيا وإنسانيا واقتصاديا، يجب أن نتحمل كلنا مسئوليته، فهذا هو أخطر قانون هذا سيصدره المجلس، رغم أنه نص واحد أو اثنين، والمساواة والعدالة ضرورية، فهو نفس المالك الذى يتعامل مع الشخصيات الاعتبارية والطبيعية لغير أغراض السكنى ولم نأتى جنبه، وحاليا عندنا ظروف راهنة اقتصادية وظروف فى المنطقة منطقة وإصلاحات اقتصادية وتحريك أسعار للوقود، يجب أننا كرجال دولة نتخذ فى تناول مثل هذه العلاقات الإصلاحية، لا أقول نستبعد الطبيعيين من المشروع، أيضا فى نفس الوقت أضم الطبيعين بالنص الوارد بالشكل دا كمان خمس سنين ألاقيهم فى الشارع، وأنا لسه مش عارف مستوى النمو الاقتصادى ومعدلات ماشية ازاى، وطالما فيها بعض التأويلات، ممكن حد يجى يطعن بعدم الدستورية لعدم التطرق للسكن".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة