سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 أغسطس 1970.. عبدالناصر يطلب استضافة السفير والمثقف السورى سامى الدروبى فى الإسكندرية أسبوعا للقائه

الأربعاء، 14 أغسطس 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 أغسطس 1970.. عبدالناصر يطلب استضافة السفير والمثقف السورى سامى الدروبى فى الإسكندرية أسبوعا للقائه جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب الرئيس عبدالناصر من مدير مكتبه سامى شرف، إبلاغ السفير السورى فى القاهرة سامى الدروبى، بدعوته للاستجمام أسبوعا هو وعائلته بالإسكندرية، حيث سيلقاه الرئيس فى جلسة خاصة، حسبما يذكر شرف فى الجزء الثالث من مذكراته. 
 
كان «الدروبى» أول سفير لسوريا فى مصربعد انفصال البلدين 28 سبتمبر 1961، وانتهاء وحدتهما، وكان مثقفا عربيا رفيعا، مؤلفا ومترجما وكاتبا، وسياسيا مناضلا ودبلوماسيا، ولد فى حمص 1921، وجاء لمصر مع الوحدة 22 فبراير 1958، وعمل مديرا فى وزارة الثقافة، ومدرسا بجامعة القاهرة من 1959 إلى 1960، وقدم للمكتبة العربية ترجمات ومؤلفات فى السياسة والفلسفة وعلم النفس والأدب، أشهرها ترجمته للأعمال الكاملة للأديب الروسى الشهير «ديستوفسكى» بتعاقد مع وزارة الثقافة المصرية، وأصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب فى 18 مجلدا، كما ترجم أعمال الأديب الروسى «تولستوى». 
 
«كان ممن يحب عبدالناصر الجلوس والكلام معهم»، وفقا لمحمد حسنين هيكل فى كتاب «عبد الناصر والمثقفون والثقافة»، ليوسف القعيد، وكان صديقا للكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين.. يؤكد «بهاء» للكاتب الدكتور مصطفى عبدالغنى فى كتابه «المثقفون وثورة يوليو»: كان سفير سوريا فى يوغسلافيا بعد انفصال مصر وسوريا، وكان عبدالناصر ذاهبا إلى يوغسلافيا، فوجئ بسامى يهتف: يحيا جمال عبدالناصر.. سأل عبدالناصر فى استغراب: من هذا؟..جاءه صوت مسؤول يوغسلافى: هذا سيادة السفيرالسورى.. أخذه عبدالناصر بالحضن، يؤكد بهاء: كان الدروبى ناصريا خالصا.. كثيرا ما أعلن ولاءه لعبدالناصر فى كل مكان حتى بعد الانفصال.
 
كان بهاء نقيبا للصحفيين عام 1968، ويتذكر لعبدالغنى: أصدرت النقابة بيانا فى فبراير 1968 تدين فيه ماحدث نحو المظاهرات الطلابية، وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن النكسة، وإعادة النظر فى قضية الديمقراطية، وإصدار قوانين للحريات، ورفع الرقابة على الصحف.. يضيف بهاء: ألم البيان عبدالناصر كثيرا، وتصادف أن قابل الدروبى وقال له: مكنتش متوقع من صاحبك بهاء يعمل كده.. سأله الدروبى: ماذا فعل بهاء؟.. قال عبد الناصر: البيان اللى طلعه كان طعنة خنجر فى ليلة مظلمة، قال الدروبى: بهاء لا يعمل كده.. وانبرى مدافعا بحكم صادقته لى أيضا.. أجاب عبدالناصر بسرعة وعتاب: هو ماكنش عارف اللى إحنا عارفينه.. كانت الدولة تنظر إلى الحدث بمنطق آخر، أضاف عبدالناصر: فى هذا الوقت قدمت لى مذكرة للقبض عليه.. أنا رفضت، قلت لهم: البيان سيئ فى الوقت الذى نعيش فيه، ويمكن أن يجرنا إلى مشكلات، لكن إحنا عارفينه هو رأيه كده.. مخه كده.. يؤكد بهاء: سأله الدروبى أن يبلغنى هذه الحكاية، فقال عبدالناصر: بلغه إزاى يعمل كده فى الليلة دى.
 
قبل موقف «بيان نقابة الصحفيين» بعامين، وتحديدا فى 1 سبتمبر 1966، قدم أوراق اعتماده كأول سفير لسوريا فى مصر بعد الانفصال، وفجر مفاجأة يذكرها صلاح الشاهد كبير الأمناء برئاسة الجمهورية فى مذكراته «ذكرياتى»..يقول الشاهد: طبقا للعرف الدبلوماسى، يلقى السفير كلمة قصيرة، يقدم بعدها أوراق اعتماده لرئيس الدولة، غيرأن «الدروبى» فاجأ الجميع بتصرف مختلف، حيث ارتجل كلمة فى صوت متهدج تكاد تغمره العبرات.
 
قال: «سيادة الرئيس، إذا كان يسعدنى ويشرفنى أن أقف أمامكم مستشرف الرجولة والبطولة، فإنه ليحز فى نفسى أن تكون وقفتى هذه كوقفة أجنبى، كأننى ما كنت فى يوم مجيد من أيام الشموخ مواطنا فى جمهورية أنت رئيسها، إلى أن استطاع الاستعمار متحالفا مع الرجعية أن يفصم عرى الوحدة الرائدة فى صباح كالح من أصباح خريف حزين يقال له 28 أيلول «سبتمبر»، صباح هو فى تاريخ أمتنا لطخة عار ستمحى، ولكن عزائى عن هذه الوقفة التى تطعن فى قلبى يا سيادة الرئيس التى كان يمكن أن تشعرنى بالخزى حتى الموت، أنك وأنت تطل على التاريخ فترى سيرته رؤية نبى، وتصنعه صنع أبطال، قد ارتضيت لى هذه الوقفة، خطوة نحو لقاء مثمر بين قوى تقدمية ثورية تضع أمتنا فى طريقها إلى وحدة تمتد جذورها عميقة فى الأرض بلا انتكاس، وتشمخ راسخة كالطود فلا تزعزعها رياح، ذلك عزائى يا سيادة الرئيس وشفيعى عندك، وشفيعى عند جماهير أمتنا التى لا تعترف بالانفصال إلا جريمة، وشفيعى لدى من ندبونى لهذه الوقفة ثوارا شجعانا يقفون فى معركة النضال العربى الواحد على خط النار، ويؤمنون بلقاء القوى الثورية العربية، ولابديل للوحدة معاذ الله بل خطوة نحوها.
 
يؤكد «الشاهد»: كان السفير بليغا مؤثرا، والموقف يحفه جلال ما دونه جلال، يثير فى النفوس حلو الذكريات ومرها، وبعد أن ألقى كلمته سلم أوراقه إلى الرئيس عبدالناصر الذى سلمها لى، وتسربت الدموع إلى الحاضرين، وبكى عبدالناصر، وكنا جميعا نبكى، على صبرى والفريق سعد الدين متولى كبير الياوران وأنا، وانعقد لسان عبدالناصر فى مثل هذه المواقف لتتكلم دموعه حسرة وألما.
 
هكذا كانت علاقة عبدالناصر والدروبى، وخلالها، طلب الرئيس من سامى شرف صباح الجمعة 14 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1970، استضافته وأسرته..يتذكر «شرف»: طلبت الأخ العزيز الراحل سامى الدروبى توفى يوم 12 فبراير 1976، وأبلغته، وحضر فعلا هو وعائلته، وحدد الرئيس موعدا للقاء الدروبى الذى كان يعتز به كشخص، ويحترم رأيه ويقدره.. والتقاه بترحاب.. وبعد الترحيب بادر الرئيس: «يا سامى» فضحكنا ثلاثتنا فى نفس اللحظة، لكون سامى الدروبى، ولكونى سامى شرف، وكلانا يعلم أن الرئيس يحبه بصدق، فماذا قال الرئيس؟
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة