تسير الدولة المصرية بخطى ثابتة نحو تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 ، وتعتبر زيادة فرص للاستثمار المحلي والأجنبي على رأس أولوياتها، في سبيل تحقيق هذه الهدف فقد صدرت في الآونة لأخيرة جملة من التشريعات ذات الطابع الاقتصادي بهدف تذليل الصعوبات والتحرر من المعوقات التي تعرقل تدفق الاستثمار، وبصدور قانون المحاكم الاقتصادية الجديد تكتمل المنظومة، فبدون قضاء اقتصادي متخصص وقضاة مؤهلون يتعكر صفو المناخ الاستثماري التي تعمل الحكومة المصرية منذ أعوام على تحقيقه.
فقد شهد عام 2019 خروج العديد من التشريعات الهامة إلى النور، يأتي على رأسها القانون رقم 146 لسنة 2019، والذي صدر مؤخرا ونشر بالجريدة الرسمية في العدد 31 مكرر «و» بتاريخ 7 أغسطس 2019، بموجبه قام المشرع بتعديل وإضافة نصوص مواد جديدة إلى قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008.
فى التقرير التالي «اليوم السابع» يلقى الضوء على أبرز ملامح قانون المحاكم الاقتصادية الجديد وكيف يساهم القانون الجديد في خلق مناخ استثماري يطمئن المستثمرين على استيفاء حقوقهم والفصل في منازعات وهم في أسرع وقت ممكن وبأعلى قدر من الكفاءة، وذلك من خلال مد مظلة القضاء الاقتصادية إلى مجالات جديدة من خلال إدراج قوانين صدرت حديثاً إلى لائحة القوانين التي يتحدد بها اختصاص المحكمة الاقتصادية «المادتان أرقام 4 ، 6» - بحسب الخبير القانوني والمحامى كريم عبد الناصر.
كما هو معلوم أن اختصاص المحكمة الاقتصادية لا يتحدد بنوع الدعوى أو طبيعتها وإنما، وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض، يتحدد اختصاص المحكمة الاقتصادية بالنظر إلى ما إذا كان القانون واجب التطبيق على النزاع، هو أحد القوانين الواردة في هذه اللائحة أم لا ؟
وقد تم تعديل المادة «4» من مواد إصدار قانون المحاكم الاقتصادية والتي تتضمن لائحة القوانين التي يتحدد بها اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في هذه القوانين، حيث أضيف إلى هذه اللائحة قوانين جديد ليصبح عدد القوانين الواردة بها 21 قانونا من بعد ما كان 17 قانون فقط في القانون القديم، والقوانين المضافة بالتعديل الجديد هي :
1-قانون شركات المساهمة وشركة التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، والصادر بقانون رقم 4 لسنة 2018.
2-قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017.
3-قانون تنظيم إعادة هيكلة والصلح الواقي و الإفلاس رقم 11 لسنة 2018.
4-قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، والمعدل بقانون رقم 36 لسنة 2014.
5-قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
6-قانون الضمانات المنقولة رقم 115 لسنة 2015.
7-قانون العقوبات في شأن جرائم المسكوكات والزيوف المزورة.
8-قانون حماية المستهلك الجديد رقم 181 لسنة 2018.
كما تم تعديل المادة 6 من مواد إصدار قانون المحاكم الاقتصادية ترسم اختصاص المحاكم الاقتصادية في الدعاوى غير الجنائية وقد تضمن التعديلات ما يلي:
1-تم زيادة نصاب اختصاص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية، لتصبح تختص بنظر لمنازعات التي لا تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيهاً بدلا من خمسة ملايين جنيهاً في القانون القديم، وأصبحت الدوائر الإستئنافية بنظر ابتداءً بالمنازعات التي تجاوز قيمتها مبلغ العشرة ملايين جنيها و المنازعات غير محددة القيمة.
2-تم وضع نصاب انتهائي وتحديده بمبلغ خمسمائة ألف جنيهاً، وذلك للمنازعات التي تختص بها الدوائر الابتدائية بحيث يكون الحكم الصادر من هذه الدوائر في منازعة قيمتها لا تجاوز مبلغ الخمسمائة ألف جنيه انتهائي ولا يجوز الطعن عليه.
3-تم تعديل لائحة القوانين الواردة بمادة 4 من مواد إصدار قانون المحاكم الاقتصادية والتي يتحدد بها اختصاص المحكمة في المنازعات غير الجنائية، بإضافة قوانين جديدة ليصبح عدد القوانين الوارد بهذه اللائحة 20 قانونا من بعد ما كان 13 قانون فقط قبل التعديل الجديد، والقوانين الجديدة هي :
1-قانون شركات المساهمة وشركة التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، والصادر بقانون رقم 4 لسنة 2018.
2-قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017.
3-قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
4-قانون الضمانات المنقولة رقم 115 لسنة 2015.
5-قانون حماية المستهلك الجديد رقم 181 لسنة 2018.
6-قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990.
7-قانون الطيران المدني في شأن نقل البضائع والركاب 136 لسنة 2010.
8-قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم 83 لسنة 2002 والمعدل بقانون رقم 27 لسنة 2015.
9-قانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر رقم 141 لسنة 2014.
4-كما تم إضافة اختصاصين جديدين للمحاكم الاقتصادية، إذ تضمنت الفقرة الثانية من المادة 6 المعدلة النص على اختصاص المحاكم الاقتصادية بالحكم في دعاوى التعويض و التأمين الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة اللائحة سالف ذكرها.
2-إعادة هيكلة قضاء التحضير والتأكيد على استقلاليته وضمان فاعليته:
قد تضمن قانون المحاكم الاقتصادية القديم نظام قاضي التحضير، وكانت فكرته تنحصر في دراسة القضية وإعادة ترتيب أوراقها تمهيدا لسرعة الفصل فيها عند إحالتها إلى محكمة الموضوع، ويأتي بعدها من حيث الأولوية قيام قاضي التحضير ببذل مساعي الصلح والتسوية الودية بين المتنازعين خلال 30 يوماً يمكن مدها إلى مدة مماثلة لمرة واحدة فقط فإذا لم يتم الصلح بين الطرفين يتم إحالة النزاع إلى محكمة الموضوع للفصل فيه – وفقا لـ«عبد الناصر».
والعمل يشهد على عدم قدرة نظام هذا النظام فيظل القانون القديم، على تحقيق قدر كبير من الآمال المرجوة منه فبشأن سرعة إنهاء المنازعات بالطرق المبسترة من خلال أعمال الصلح والتسوية الودية، فمن ناحية يتعمد الخصوم عدم الحضور إلى جلسات التحضير.
ومن ناحية أخرى فإن الخصوم الذي لديه رغبة في إتمام أعمال الصلح والتسوية والودية قد يحجمون عنها خشية استغلال خصومهم ما يتم إثباته من إقرارات وتنازلت تمت بينهم أثناء أعمال التسوية ضدهم في منازعات و دعاوى أخرى، ولذلك فقد فطن المشرع إلى ضرورة التدخل وإعادة هيكلة هذا النظام وإعطاء الأولوية لإنهاء القضايا بنظام الوساطة والتسوية الودية ثم يليها ترتيب أوراق القضية ودراستها، وتكريس نصوص مواد تخدم في ضمان فاعلية أعمال الوساطة والتسوية وذلك على النحو التالي:
أ-إعطاء الأولوية وضمان الفاعلية لأعمال الوساطة والتسوية الودية ذلك من خلال:
1-إعادة هيكلة نظام قاضي التحضير، من خلال تعديل نص المادة 8 من نصوص مواد الإصدار وإنشاء ما اسماه المشرع «هيئة التحضير والوساطة» وتشكل من رئيس قاض من قضاة محكمة استئنافية، وعدد كاف من القضاء بدرجة رئيس محكمة بالمحاكم الابتدائية على الأقل، وعدد من الكتبة والإداريين، وعدد كاف من الخبراء والمختصين فنياً.
2-إعطاء قاض التحضير الحرية في إخطار الخصوم بالجلسات بأي طريق بما في ذلك البريد الإلكتروني.
3-اعتبار الخصومة منعقدة أمام قاض التحضير بمجرد حضور المدعى عليه أو من يمثله، مع تخويل قاض التحضير الحق في توقيع جزاء على الخصم الذي يتخلف عن تقديم مستند مطلوب، غرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه.
4-عدم تقييد أعمال التحضير والوساطة بمدة الثلاثون يوماً والتي لا يجوز مدها إلا لمدة مماثلة ولمرة واحدة فقط، حيث خول المشرع، لقاضي التحضير، بموافقة رئيس هيئة التحضير مدها مدد مماثلة.
5-أعطاء محضر التسوية التي يتوصل إليها قاضي التحضير قوة السند التنفيذي بمجرد موافقة رئيس الهيئة عليه.
6-التأكيد على أولوية أعمال الصلح والسوية الودية إذ خول المشرع لقاضي الموضوع إحالة النزاع مرة أخرى إلى قاضي التحضير للقيام بأعمال الصلح والتسوية الودية، وذلك بناء على طلب الخصوم.
7-ولضمان فاعلية نظام التحضير، فقد أدرج المشرع مادة جديدة برقم 8 مكرر ب بموجبه أراد طمأنة المتنازعين على كل ما يدلون به في أعمال التحضير والتسوية الودية من إقرارات وتنازلات يتم في جلسات سرية ولا يحوز أي حجية، حيث نصت المادة سالفة الذكر على أن: «لقاضي التحضير عقد جلسة او عدة جلسات بين الأطراف منفردين أو مجتمعين يراعى فيها الالتزام بالقواعد المقررة في هذا الشأن وتعتبر هذه الجلسات سرية، ولا يجوز الاحتجاج بها أو بما تم فيها من تنازلات من أطراف النزاع أمام أي محكمة أو جهة أخرى.
ب-استقلالية نظام والواساطة كوسيلة يمكن للجوء إليها بدون دعوى لإنهاء المنازعات الاقتصادية بالطريق المبتسر:
1-بموجب تعديل قانون المحاكم الاقتصادية الجديد فإن الخصوم المتنازعين يمكنهم أن يستفيدوا بما يقدمه نظام التحضير من أعمال وساطة وتسوية للنزاع القائم بينهم ولو لم يتم أقامه أي دعوى بينهم، حيث أدرج المشرع بموجب التعديل الجديد المادة 8 مكرر و، والتي تخول للأطراف المتنازعة أن تلجأ مباشرة غلى رئيس هيئة التحضير بطلب للقيام بأعمال التسوية الودية دون إقامة دعوى في شان هذا النزاع، مقابل سداد رسم مبلغ مالي مقدره ألفي جنيه كحد أدنى ومائتي ألف جنيه كحد أقصى، وتتم أعمال التسوية كما سلف البيان فإذا تم التوصل إلى تسوية يحرر اتفاق تسوية ويحوز قوة السند التنفيذي، أما إذا لم تتم التسوية يقوم القاضي القائم بأعمال التسوية بحفظ المحضر ورد المستندات.
2-لضمان فاعلية أكثر لنظام الوساطة كنظام مستقل وقائم بذاته، فقد أدرج المشرع بالمادة 8 مكرر ز مادة جديدة بموجبها يمتنع على القاضي القائم بأعمال التحضير نظر الدعاوى التي سبق أن باشر فيها إجراءات الوساطة، كما خول للأطراف طلب استبدال قاض التحضير إذا قام به أي سبب يمنعه من مباشرة أعمال التحضير والوساطة.
وما تقدم جزء مما جاء به القانون الجديد، حيث أن المشرع لم يكتفى فقط بمد مظلة القضاء الاقتصادي إلى قوانين أخرى قدر ضرورة أن يتم الفصل في المنازعات الناشئة عنها من خلال قضاء متخصص، أو إعادة هيكلة نظام التحضير والوساطة وضمان فاعليته، ولكن القانون الجديد قد تضمن مزيدا من الإضافات الهامة ومنها استقلال المحاكم الاقتصادية بتنفيذ سنداتها التنفيذية، وإدراج نظام جديد لقيد الدعاوى إلكترونياً ومباشرتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة